معركة البويب
معركة البويب انتصر فيها المسلمون على الفرس بعد هزيمتهم في معركة الجسر، فكيف تحقق هذا النصر؟ وما ومن هو قائد تلك المعركة؟ وما أبرز أحداثها؟
نبذة تعريفية :
معركة البويب (في 12 رمضان 13 هـ في خلافة عمر بن الخطاب) كانت من المعارك الحاسمة في تاريخ المسلمين وتقاس بيوم اليرموك لأنها أذنت للمسلمين أن ينساحوا في بلاد الفرس
معركة البويب حدثت في العام الثالث عشر الهجري، في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بين المسلمين والفرس. ثقل على عمر بن الخطاب والمسلمين الفارين أمر هزيمة المسلمين في معركة الجسر، في العام الثالث عشر الهجري في الجبهة الفارسية. فكان لا بد من الكرِّ، فأمدّ المثنىّ بجرير بن عبد الله وقومه بجيلة وعصمة بن عبد الله العنبي فيمن معه من قومه، وجماعات من أهل الردة التائبين. فالتقى المثنى بالفرس عند البويب، مما يلي موضع الكوفة اليوم، وتمكن من انتزاع النصر والثأر ليوم الجسر، ويقال إنه قتل من الفرس وغرق يومئذ نحو مائة ألف، وغنم المسلمون غنائم كثيرة. وقتل من سادات المسلمين يومئذ عدد كبير. وأضحوا مسيطرين على المنطقة ما بين الفرات ودجلة. وكانت هذه الوقعة بالعراق نظير اليرموك بالشام.
الوضع السياسي والعسكري قبل المعركة :
الفرس قوة عظيمة مجهزة بأحدث وسائل التسليح في ذلك الوقت وقد خاضت قبل ذلك عدة حروب مع المسلمين آخرها معركة الجسر والتي استطاعت أن تحسمها لصالحها مما رفع من روحها المعنوية وأعاد لها الثقة
لكن قائد القوات المسلحة في المنطقة رستم كان يعلم أن ذلك النصر الميداني لن يقدم الكثير على الصعيد السياسي فما زال المسلمون يرغبون في التوسع في الأراضي الفارسية وينشرون دينهم لذا قرر تجهيز قوة عسكرية قادرة على سحق قوات المسلمين وطلب من قيادته مبالغ ضخمة من أجل ذلك.
في المقابل أحدثت نكسة الجسر حالة من الانهزام النفسي والمعنوي لدى قوة المسلمين في العراق فتفرقت وجعلت الخليفة عمر بن الخطاب يعرض عن الحديث عن الفتوح في الجبهة الفارسية ويوقف إرسال الإمدادات. ثم حصلت بعض المناوشات بين المثنى بن حارثة الشيباني والقوة الباقية معه من فلول الجسر وبين قادة من الفرس أشعلت الرغبة لدى المسلمين لرفع راية الجهاد من جديد.
التعبئة والالتحام :
تلقَّى عُمر بن الخطَّاب نبأ هزيمة المُسلمين في موقعة الجسر بِهُدوءٍ لافت، ولم يؤنِّب الفارّين من ساحة القتال، بل نعى من قضى نحبه وراح يواسي النَّاس. وأدرك عُمر أنَّ المُثنّى بحاجةٍ إلى مدد يُرسل إليه على وجه السُرعة كي يُواجه هذا الموقف الدقيق، فقام بتكثيف حملاته التعبويَّة، وأرسل رُسُله إليها يدعوها للسير نحو فارس لِغزوها، فاستجابت لِندائه، وتوافدت على المدينة الحُشود العظيمة من مُختلف أنحاء شبه الجزيرة العربيَّة، فدفع عمر بن الخطاب هذا المدد إلى أرض العراق مددًا للمُثنّى، وكان على رأسها جُرير بن عبدُ الله البجلي وعرفجة بن هرثمة البارقي وغالب بن عبد الله الكناني وغيرهم من الأمراء، وانضمّوا إلى المُثنّى في البُويب على غرب الفُرات. ومن ناحيةٍ أُخرى أرسل المُثنّى النُقباء إلى جميع المناطق الحُدوديَّة يستفزُّ العرب، وكان من ضمنهم جُموعٌ من المسيحيين من بني النمر، على رأسهم أنس بن هلال النمريّ، وقد آثر هؤلاء الانضمام إلى المُسلمين والقِتال تحت رايةٍ واحدة ضدَّ العجم، بعد أن جمعتهم الرَّابطة اللُغويَّة والقوميَّة.
تناهت إلى أسماع الفُرس أنباء الإمدادات الإسلاميَّة التي كانت تُرسل تِباعًا إلى العراق، فهالهم أمرها، وأدركوا أنَّ انتصارهم في معركة الجسر لم يكن حاسمًا، وأنَّهُ لا بُدَّ من التغاضي عن الخِلافات الداخليَّة وتوحيد الجُهود لدفع الخطر الإسلامي عن البلاد. وهكذا أنهى رُستم خِلافه مع فيروز، الطَّامع باعتلاء العرش الفارسيّ، وتمَّ إعداد جيش قوامه اثنا عشر ألف مُقاتل بِقيادة مهران بن باذان الهمذانيّ، ودُفع إلى ساحة القتال. وعندما علِم المُثنّى بأنباء خُروج الفُرس للقِتال، سار بعساكره إلى البُويب وأرسل إلى جُرير بن عبدُ الله البجلي أن يُوافيه هُناك ففعل، وعسكر المُسلمون على شاطئ الفُرات الشرقي، وعسكر الفُرس مُقابلهم لا يفصلُ بينهما سوى النهر. اشتبك الجمعان في رحى معركةٍ طاحنة أدارها المُثنّى بِحكمةٍ بالغة ممَّا كفل لهُ النصر. وقُتل مهران في المعركة وتشتَّت جيشهُ وفرَّ أفراده في فوضى واضطراب، فطاردهم المُسلمون طيلة يومين وقتلوا منهم وأسروا الكثير، وسُمي هذا اليوم «يوم الأعشار» لأنَّهم أحصوا مائة رجلٍ قتل كُلٌّ منهم عشرة في المعركة.
الالتحام :
كان القائد المثنى بن حارثة من أمهر وأقدر وأخبر القادة المسلمين بالعقلية الفارسية والبيئة العراقية، لأنه من قبيلة 'شيبان' المجاورة للفرس، فهو يعلم تماماً كيف يفكر الفرس، ويعلم تحركاتهم وردود أفعالهم، لذلك اتبع استراتيجية عسكرية حكيمة، فقرر نقل مركز القيادة المسلمة من الحيرة إلى منطقة 'البويب' غرب نهر الفرات، حتى لا يصبح صيداً سهلاً للجيش الفارسى الجرار، وكان اختيار 'البويب' دليلاً على العبقرية الفذة، 'فالبويب' تقع على أطراف الصحراء العربية، وهو مكان واسع المطرد يصلح لحرب الصاعقة التى يجيدها أبناء الإسلام العرب، وفى نفس الوقت أرسل 'المثنى' إلى قادة الإمدادات الإسلامية القادمة ليتوجهوا إلى منطقة 'البويب' بدلاً من 'الحيرة' على وجه السرعة، مما جعل قادة الإمدادات يقررون ترك النساء والذرية خلفهم في منطقة 'القادسية'، مع ترك حامية خاصة للدفاع عنهم، وهذا الفعل جعل حركة الإمدادات في منتهى السرعة .
لم يكن 'المثنى' مخطئاً في تصرفه هذا، فما كادت الإمدادات تصل لأرض 'البويب' حتى طلع الجيش الفارسى العرمرم على ضفة نهر الفرات الشرقية، ولنا أن نتخيل هذا اللقاء الدامى بين جيش الفرس الذى يقدر بمائة وخمسين ألفاً من الفرسان والمشاة، جاءوا في أفضل تسليح، وكانوا في غاية الحنق والغيظ ضد المسلمين، وكذلك في غاية الكبر والتيه لانتصارهم الطارىء في معركة الجسر، وجيش المسلمين المكون من أثنى عشر ألفاً من المقاتلين الأشداء الذين يتحرقون شوقاً للشهادة في سبيل الله، وللانتقام لقتلاهم يوم الجسر، والتكفير عن ذنب الفرار من المعركة يومها، وهى معادلة من وجهة النظر المادية المجردة من أسباب السماء محسومة لصالح الفرس المتفوقين في كل شىء إلا الإيمان، والذى لا ترجح معه أعظم قوة في العالم .
حاول القائد الفارسى 'مهران' استدراج القائد المسلم 'المثنى' لأن يقع في نفس الخطأ الذى وقع فيه قائد معركة الجسر 'أبوعبيد الثقفى'، وعرض عليه أن يعبر المسلمون النهر 'الفرات'، لتكون أرض المعركة في الضفة الشرقية، وبالتالى يكون المسلمون محاصرون بين الضغط الفارسى أمامهم ومياه النهر في ظهورهم، وكان الخليفة الراشد 'عمر بن الخطاب' بعد يوم الجسر قد أوصى قادة الفتح بوصية نافعة ، فقال : {لايعبر المسلمون بحراً ولا جسراً إلا بعد ظفر}، فامتنع 'المثنى' من تكرار غلطة 'أبى عبيدة'، وعمل بنصيحة أمير المؤمنين، ورفض أن يعبر النهر، وطلب من الفرس أن يعبروا هم النهر إلى 'البويب' .
كان القائد المثنى بن حارثة من أمهر وأقدر وأخبر القادة المسلمين بالعقلية الفارسية والبيئة العراقية، لأنه من قبيلة 'شيبان' المجاورة للفرس، فهو يعلم تماماً كيف يفكر الفرس، ويعلم تحركاتهم وردود أفعالهم، لذلك اتبع استراتيجية عسكرية حكيمة، فقرر نقل مركز القيادة المسلمة من الحيرة إلى منطقة 'البويب' غرب نهر الفرات، حتى لا يصبح صيداً سهلاً للجيش الفارسى الجرار، وكان اختيار 'البويب' دليلاً على العبقرية الفذة، 'فالبويب' تقع على أطراف الصحراء العربية، وهو مكان واسع المطرد يصلح لحرب الصاعقة التى يجيدها أبناء الإسلام العرب، وفى نفس الوقت أرسل 'المثنى' إلى قادة الإمدادات الإسلامية القادمة ليتوجهوا إلى منطقة 'البويب' بدلاً من 'الحيرة' على وجه السرعة، مما جعل قادة الإمدادات يقررون ترك النساء والذرية خلفهم في منطقة 'القادسية'، مع ترك حامية خاصة للدفاع عنهم، وهذا الفعل جعل حركة الإمدادات في منتهى السرعة .
لم يكن 'المثنى' مخطئاً في تصرفه هذا، فما كادت الإمدادات تصل لأرض 'البويب' حتى طلع الجيش الفارسى العرمرم على ضفة نهر الفرات الشرقية، ولنا أن نتخيل هذا اللقاء الدامى بين جيش الفرس الذى يقدر بمائة وخمسين ألفاً من الفرسان والمشاة، جاءوا في أفضل تسليح، وكانوا في غاية الحنق والغيظ ضد المسلمين، وكذلك في غاية الكبر والتيه لانتصارهم الطارىء في معركة الجسر، وجيش المسلمين المكون من أثنى عشر ألفاً من المقاتلين الأشداء الذين يتحرقون شوقاً للشهادة في سبيل الله، وللانتقام لقتلاهم يوم الجسر، والتكفير عن ذنب الفرار من المعركة يومها، وهى معادلة من وجهة النظر المادية المجردة من أسباب السماء محسومة لصالح الفرس المتفوقين في كل شىء إلا الإيمان، والذى لا ترجح معه أعظم قوة في العالم .
حاول القائد الفارسى 'مهران' استدراج القائد المسلم 'المثنى' لأن يقع في نفس الخطأ الذى وقع فيه قائد معركة الجسر 'أبوعبيد الثقفى'، وعرض عليه أن يعبر المسلمون النهر 'الفرات'، لتكون أرض المعركة في الضفة الشرقية، وبالتالى يكون المسلمون محاصرون بين الضغط الفارسى أمامهم ومياه النهر في ظهورهم، وكان الخليفة الراشد 'عمر بن الخطاب' بعد يوم الجسر قد أوصى قادة الفتح بوصية نافعة ، فقال : {لايعبر المسلمون بحراً ولا جسراً إلا بعد ظفر}، فامتنع 'المثنى' من تكرار غلطة 'أبى عبيدة'، وعمل بنصيحة أمير المؤمنين، ورفض أن يعبر النهر، وطلب من الفرس أن يعبروا هم النهر إلى 'البويب' .
لحق الفرس المسلمين وحجزهم النهر. هنا استفاد المثنى من زلة الجسر وطلب من عدوه العبور. حين عبر الفرس وانحشر عسكرهم بين النهر وبين جيش نظمه المثنى بذكاء إلى عدة ألوية يتقدمهم المثنى فاتحاً صدره للشهادة. إن مخالطة المثنى للجند وخطبه الحماسية فجرت لدى المسلمين رغبة النصر لأجل دينهم والتضحية بكل نفيس.
أذن المثنى لجيشه بالالتحام حين يسمع تكبيرته الثالثة. (الله أكبر) المرة الأولى تنطلق مدوية. حينها يزحف الجيش الفارسي وقد التهبت حناجره بالصياح والهتاف وأخذ يضغط على ميمنة المسلمين محاولاً كشفها. تثبت القلة أمام الكثرة المتدفقة بقسوة ومعها سلاح الفيلة. يشتد القتال ويطول ويظل الثبات هو التعليق. تبقى فرقة طوارئ عيّنها المثنى تراقب سير القتال وتؤمن مؤخرة الجيش.
كان المثنى بطل المسلمين يصول ويجول في ساحة القتال يحرض فريقه على الصبر ويبحث عن الثغرات ليسدها. كان يحث المسلمين بقوله :
((لا تفضحوا المسلمين اليوم، انصروا الله ينصركم))
كان يعلم بأن طول هذا القتال يرجح كفة الكثرة على الشجاعة. لذا ينطلق هو وبصحبته بجيلة وأميرهم جرير ونفر من شجعان المسلمين ليختصر المعركة فيستهدف رأس العدو مهران. ينجح جرير بن عبد الله (وقيل المنذر بن حسان بن ضرار الضبي) في قطع عنق زعيم المجوس فيتفكك جيشه ويتخلخل وترفرف أعلام الهزيمة على صفحات الوجوه الفارسية. يضغط المسلمون على قلب خصمهم فتنفصل ميمنته عن ميسرته ويلتف المثنى ليقطع جسر العبور ويصطاد رؤوس الهاربين الذين كانوا من قبل يتوقون لسفك دمه ودم رفاقه.
يوم الانتقام :
سبق أن قلنا أن القائد المحنك والأسد الجريح 'المثنى بن حارثة' لم يقع في نفس الخطأ الذى وقع فيه القائد 'أبو عبيد الثقفى' في معركة الجسر ولم يعبر النهر، وتركهم يعبرون النهر حتى صاروا محاصرين بين جيش المسلمين ونهر 'الفرات'، فلما وقعت الهزيمة على الفرس وأرادوا الفرار من أرض المعركة 'بالبويب'، وكانوا قد عقدوا جسراً على النهر للعبور، فلما رأى القائد 'المثنى' هزيمة الفرس انطلق كالسهم مخترقاً صفوف الفرس المنهزمة حتى وصل إلى الجسر، وقام بقطعة، ذلك ليقطع خط الرجعة على الفرس، وبالفعل وقع الفرس بين كماشة المسلمين الطاحنة الفتاكة، ودب الفزع والذعر في قلوب الفرس، وأصابهم ما يشبه الهستيريا، وفقدوا صوابهم بعدما رأوا أنفسهم لا ملجأ لهم ولا مفر من سيوف المسلمين التى حصدتهم حصداً تاماً، واعتورتهم سيوف ورماح المسلمين حتى أبادتهم تماماً، وقتل منهم أكثر من مائة ألف، واستمر المسلمون في أعمال مطاردة فلول المنهزمين من الفرس يوماً وليلة، حتى أبادوا البقية الباقية، وانتقم المسلمون لمصابهم في يوم الجسر وبنفس الطريقة، ولكن بعد أن قتلوا من الفرس أكثر من مائة وخمسين ألفاً فداءً للأربعة آلاف شهيد يوم الجسر .
ما بعد المعركة :
بعد انهيار القوات الفارسية وتشرذمها يأمر المثنى بملاحقة فلول الفارين والسيطرة على المزيد من الأراضي الفارسية التي كانت أبرمت مع المسلمين عقوداً ثم نقضتها. بلغ عدد الهالكين قتلاً وغرقاً من الفرس حوالي مائة ألف أي ثلثي الجيش تقريباً. أما المسلمون فإستشهد منهم 4000 مسلم.
الجدير بالذكر أن المثنى قام أمام جيشه واعترف بخطئه في التفافه خلف الفرس حيث يرى أنه أرغمهم على التهلكة وهذا ليس من أخلاق المسلمين.
كان هذا الانتصار الرائع في 'البويب' من أعظم الفتوحات والانتصارات التى حققها المسلمون في 'العراق'، وقد فاقوا فيها كل الانتصارات السابقة، ولولا شهرة معركة القادسية لكانت معركة 'البويب' هى أشهر وأعظم معارك المسلمين 'بالعراق'.
المصدر : ويكيبيديا + مواقع إلكترونية.
الإبتساماتإخفاء