إعلان

ماذا تعرف عن الاتحاد السوفياتي ؟

الاتحاد السوفياتي

ماذا تعرف عن الاتحاد السوفياتي ؟

الاتحاد السوفياتي هو دولة دستورية ولدت من رحم الامبراطورية الروسية، ونتجت عن اتحاد العديد من الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية في الفترة الممتدة بين عامي 1922 وحتى 1991، وذلك بتأسيس من فلاديمر لينين قائد الثورة البلشفية، وكلمة سوفيتية هي كلمة روسية الأصل تعني المجلس أو التجمع، وكانت مدينة موسكو عاصمًة للاتحاد السوفياتي رفقة بمراكز أخرى مثل مدن لينغراد وكييف، واللغة الروسية هي لغته الرسمية.

وكان الحزب الشيوعي هو الحزب الحاكم للدولة والمجتمع، امتد الاتحاد السوفييتي على مساحات واسعة بلغت حوالي 1000 كم من الشرق إلى الغرب تضم حوالي 11 منطقة زمنية مختلفة وأكثر من 7200 كم من الشمال إلى الجنوب، كان الاتحاد السوفياتي قوة عالمية عظمى ذات ثقل على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والعسكرية فقد قام بإرسال أول قمر صناعي باتجاه الفضاء الخارجي، فيما كان يملك أكبر جيشٍ مجهزٍ بأحدث الأسلحة على مستوى العالم.


وتكوّن الاتحاد السوفياتي في البداية من اتحاد أربع جمهوريات سوفيتية اشتراكية سابقة إلا أنه بحلول عام 1956 كان الاتحاد السوفياتي قد أصبح كياناً ممثلا لخمس عشرة دولة اتحادية وهم:
- جمهورية أرمينيا السوفياتية الاشتراكية
- جمهورية أذربيجان السوفياتية الاشتراكية
- جمهورية إستونيا السوفياتية الاشتراكية
- جمهورية أوزبكستان السوفياتية الاشتراكية
- جمهورية أوكرانيا السوفياتية الاشتراكية
- جمهورية بيلاروس السوفياتية الاشتراكية
- جمهورية تركمانستان السوفياتية الاشتراكية
- جمهورية جورجيا السوفياتية الاشتراكية
- جمهورية روسيا السوفياتية الاتحادية الاشتراكية
- جمهورية طاجيكستان السوفياتية الاشتراكية
- جمهورية كازاخستان السوفياتية الاشتراكية
- جمهورية قيرغيزستان السوفياتية الاشتراكية
- جمهورية لاتفيا السوفياتية الاشتراكية
- جمهورية ليتوانيا السوفياتية الاشتراكية
- جمهورية مولدوفا السوفياتية الاشتراكية.

معلومات أساسية :

  • المساحة الإجمالية :

بلغت مساحة الاتحاد السوفياتي حوالي 22402000 كيلومتر مربع (أي ما يعادل  نحو 15% من اليابسة على الكرة الأرضية)، 4.538.600 كيلومتر مربع منها بلاد إسلامية، وبلغ طول الاتحاد 10 آلاف كيلومتر، وعرضه تراوح بين 3000-4500 كيلومتر، وكانت تحده 12 دولة، وتحيط به ثلاثة محيطات وبحارها المتفرعة منها.

  • السكان : 

يُقّدر عدد سكان الاتحاد السوفياتي عند انهياره عام 1991 حوالي 293.000.000 نسمة (تقدر مصادر عدد المسلمين بـ60-70 مليونا)، يتوزعون على 120 قومية عرقية ولغوية.

  • الحكم :

تكون الاتحاد أساسا من 15 جمهورية (المذكورة في الأعلى) يشكل المسلمون أغلبية سكان ست منها، وكان "مجلس السوفيات الأعلى" هو الجهاز الأعلى في السلطة، ويُنتخب بالاقتراع العام لمأمورية مدتها أربع سنوات.

يعين المجلسُ "مجلسَ رئاسة الدولة" الذي يمارس جماعيا مهام رئيس الدولة ويعين مجلس الوزراء. وتنتخب اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي (كان الحزب الوحيد المسموح به، وانتسب إليه نحو 19 مليون عضو) المكتب السياسي برئاسة الأمين العام للحزب، وهي التي تتولى عمليا قيادة الحزب.

  • القوات:

يُقّدر عدد القوات العاملة في الاتحاد السوفياتي بنحو 3.4 ملايين فرد، وقوات الاحتياط بنحو 5.2 ملايين، إضافة إلى 570 ألف عنصر تابعين لجهاز الاستخبارات (KGB) ووزارة الداخلية.

  • الاقتصاد:

كان الأول عالميا في قطاع الطاقة بإنتاجه ما يعادل 20% من النفط العالمي، واحتل المرتبة الثالثة في إنتاج الفحم، وقفز نصيب الصناعة في الإنتاج الوطني إلى مستويات فوق 70%، ووصلت حصة الصناعة الثقيلة 74% من قطاع الصناعة الكلي.

بلغ إجمالي الناتج المحلي للاتحاد السوفياتي 2660 بليون دولار تقريبا، ومتوسط دخل الفرد 9130 دولارا (الإحصائيات السوفياتية الرسمية لعام 1990). وكان الاتحاد متطورا أكثر من الولايات المتحدة في بعض جوانب التقنية العسكرية لا سيما في حقل الأسلحة النووية.

تاريخ الاتحاد السوفياتي وساسته :

يعتبر الاتحاد السوفياتي وريثاً للإمبراطورية الروسية وما أعقبها من حكومة انتقالية صورية قصيرة العمر بزعامة جيورجي لفوف ومن بعده أليكساندر كيرينسكي وذلك منذ نهاية حكم آخر القياصرة الروس وهو القيصر نيكولاي الثاني والذي انتهى حكمه فعليا في مارس من عام 1917 حيث أُزيحت الإمبراطورية عن حكم البلاد في أعقاب ثورة فبراير وحلّت حكومة انتقالية بديلا عنها لم تدم أكثر من ستة أشهر إلى أن تم إقصاؤها هي الأخرى عن الحكم بواسطة فلاديمير لينين في نوفمبر من نفس العام وذلك في أعقاب ثورة أكتوبر.

و منذ 1917 وحتى 1922 كوّنت جمهورية روسيا السوفياتية الاتحادية الاشتراكية النواة الأساسية للاتحاد السوفياتي حيث كانت دولة مستقلة في تلك الفترة كحال باقي الدول السوفياتية في ذلك الوقت حتى تم إعلان قيام الاتحاد السوفياتي رسمياً في السادس والعشرين من ديسمبر لعام 1922 وذلك عن طريق تكوين اتحاد فيدرالي ضم أربعة دول وهي جمهورية روسيا السوفياتية الاتحادية الاشتراكية (و التي عرفت باسم روسيا البلشفية) بالإضافة إلى جمهوريات أوكرانيا وبيلاروس والقوقاز السوفياتية الاشتراكية الأخرى والتي كان البلاشفة قد سيطروا على مقاليد الحكم بها.

فلاديمير لينين :

هو أبو الدولة السوفياتية، وُلد في عام 1870 وتخرّج محامياً لكنه أصبح ثورياً وعندما قرأ كتب ماركس وأنجلز تغيّر نمط حياته فأصبح رجلاً ماركسياً متأثراً بالماركسية وبدأ نشاطاته الثورية ضد الإمبراطورية الروسية وإقامة دولة شيوعية. وعندما قامت الثورة ضد القيصر نيقولاي الثاني تمكن الثوار من تحقيق النصر فقامت حكومة روسية مؤقتة وكان فلاديمير لينين يريد الوصول إلى سدة الحكم وإقامة دولة روسية شيوعية تتبع النظام الاشتراكي فقام البلاشفة عام 1917 بالثورة التي عُرفت بالثورة البلشفية تحت إمرة لينين. تمكن البولشيفيك من القضاء على الحكومة الروسية المؤقتة وقيام جمهورية روسيا السوفياتية الاتحادية الاشتراكية وأصبح لينين زعيماً لروسيا وكان مساعده الأول في الثورة ليون تروتسكي قد تعرّض لمحاولة اغتيال برصاصتين وأصيب برأسه ولكنه لم يستسلم. أصبح لينين قائد الدولة السوفياتية في الحرب الأهلية الروسية وتحقق الانتصار لصالح لينين. قام الأطباء بعمليات جراحية وتمكّنوا من إخراج رصاصة واحدة أما الأخرى فبقيت ولم يستطيعوا إخراجها فتعرّض لينين إلى جلطات دماغية وكانت آخر واحدة هي القاتلة فتوفي لينين عام 1924 وأُقيمت جنازة كبيرة له وتم تحنيطه ووضعه في الضريح واعتبر ضريحه جزءاً من الساحة الحمراء في موسكو.

  • الثورة وتأسيس الدولة السوفياتية :

بدأ النشاط الثوري في الإمبراطورية الروسية على يد متمردي ديسمبر في عام 1825، وبالرغم من أن العبودية قد ألغيت من كل أنحاء الإمبراطوية عام 1861 على يد القيصر أليكسندر الثاني وأعطي الأقنان أو كما يسمون "ملح الأرض" حريتهم إلا أن القانون الإصلاحي الجديد لم يعط الفلاحين البسطاء حقوقهم بقدر ما أعطاهم من حرية مما كون دافعا جديداً لدى الثوار للتخلص من الحكم القيصري. وعلى الرغم من إنشاء البرلمان المحلي (الدوما) عام 1906 وذلك في أعقاب ثورة 1905 إلا أن قيصر روسيا في ذلك الوقت قام بإحباط كل المحاولات لتحويل البلاد من الملكية المطلقة إلى الملكية الدستورية. مما أدى إلى تعاظم الاضطرابات الداخلية والغضب الشعبي العام من مجمل الأحداث خاصة بعدما نالت جيوش الإمبراطورية هزيمة نكراء خلال الحرب العالمية الأولى وما تبعها من نقص في الطعام والمؤَن خاصة في المدن الكبرى.

و قد ساهمت انتفاضة شعبية قام بها السكان في مدينة سان بطرسبورغ اعتراضا على تدني حالة البلاد العسكرية والأخلاقية وتراجعها في شتى المجالات في إشعال ثورة شاملة في كافة أنحاء البلاد عرفت باسم ثورة فبراير مما أدّى إلى الإطاحة بالنظام القيصري في مارس 1917 حيث حلّت الحكومة الروسية المؤقتة محل الحكم القيصري الأوتوقراطي والتي أراد قادتها (أي الحكومة المؤقتة) إجراء انتخابات محلية لتكوين المجلس التشريعي الروسي عن طريق الاقتراع الشعبي بالإضافة إلى الاستمرار في الحرب العالمية الأولى بجانب قوات الحلفاء.

و في نفس الوقت ومن أجل ضمان حقوق الطبقة العاملة في المجتمع تنامت اتحادات العمال، والتي أطلق عليها اسم "سافيت"، بطول البلاد وعرضها وتعاظم دورها خاصة في لمِّ شمل الثوار وتوفير مكان مناسب يأوي اجتماعاتهم، ومن تلك المجالس والاتحادات السوفياتية استطاع البلاشفة بقيادة فلاديمير لينين الترويج لثوراتهم والقيام بها حتى تمكنوا خلال ثورة أكتوبر من انتزاع السلطة من الحكومة المؤقتة في نوفمبر من عام 1917. وبحلول ديسمبر من العام نفسه قام البلاشفة بتوقيع اتفاقية هدنة مع قوات المحور إلا أن القتال تجدد مرة أخرى في فبراير من العام التالي حتى قام السوفيت بوضع نهاية للحرب وتوقيع معاهدة بريست-ليتوفسك في الثالث من مارس من عام 1918 والتي قضت بخروج جمهورية روسيا السوفايتية الاتحادية الإشتراكية من الحرب العالمية الأولى.

و لم تستقر الأمور للقوى السوفياتية الناشئة إلا بعد حرب أهلية طويلة الأمد دامت لمدة أربعة سنوات بداية من عام 1917 وحتى عام 1923 بين الجيش الأحمر وحركة البيض وما تضمنته تلك الحرب من تدخل أجنبي من جانب القوى العظمى في ذلك الوقت ومن بعده إصدار الأحكام بإعدام القيصر نيكولاي الثاني وعائلته. وفي مارس من عام 1921 دارت رحى الحرب مرة أخرى على الجبهة الشرقية فيما عرف بالحرب الروسية البولندية بين القوات الروسية والقوات البولندية المدعومة بالحركات الانفصالية في بيلاروس وأوكرانيا وانتهت بتوقيع معاهدة ريغا بين بولندا وروسيا السوفياتية، إلا أن تلك المعاهدة لم تقم بتهدئة الأوضاع بالقدر الكافي حيث اضطر الاتحاد السوفياتي في دخول نزاعات مسلحة مماثلة مع دولا أخرى كانت ترنو إلى الاستقلال منذ عهد الإمبراطورية مثل فنلندا إستونيا ولاتفيا وليتوانيا.

  • العلاقات المبكرة مع الصين :

مع نهاية عصر إمبراطورية الصين بزوال حكم سلالة كينج نهائيا عام 1911 بقيت الصين لفترة من الزمن تحت حكم الكثير من أمراء الحرب العظام منهم والضعاف في فترة عرفت في تاريخ الصين الحديث بعصر أمراء الحروب، ومن أجل إعادة الإستقرار للبلاد واسترجاع الأراضي التي استقل بها حكامها عن بر الصين الرئيسي الذين سيطروا على مساحات كبيرة من شمال الصين، قامت الحركات المناهضة للملكية وكذلك الحزب القومي الجديد في الصين الكومينتانج بالإضافة إلى رئيس جمهورية الصين في ذلك الوقت صن يات سين بطلب تدخل القوى الخارجية لمساعدته على الإمساك بزمام الأمور.

و مع تجاهل الديموقراطية الغربية لطلبات صن يات سين بمد يد العون له ومساعدته على تدارك الأمور في البلاد، توجه صن يات سين إلى الاتحاد السوفياتي في عام 1921 الذي وجد قادته في المطالب الصينية فرصة سانحة لمد نفوذهم وفكرهم السياسي لهذه البقعة المؤثرة في آسيا ومن ثم قام الاتحاد السوفياتي بوضع الخطط اللازمة لدعم كل من الكومينتانج (حيث تعهد أودلف جوفي ممثل الاتحاد السوفياتي في الصين بدعم بلاده للمساعي الحثيثة التي يقودها صن يات سين من أجل توحيد الصين وذلك في خطاب مشترك جمع بين الطرفين في شانغهاي عام 1923.) وكذلك الحزب الشيوعي الصيني حديث العهد بالحياة السياسية. وبالرغم من ميل الاتحاد السوفياتي نحو إرساء قواعد الحزب الشيوعي في الصين إلا أنه كان مستعداً للخروج فائزا في كلتا الحالتين سواء ببقاء السلطة في يد القوميين أو تحولها للشيوعيين مما أدّى إلى تأجج الصراع على السلطة بين الطرفين.

  • توحيد الجمهوريات السوفياتية :

في الثامن والعشرين من ديسمبر عام 1922 تم عقد مؤتمر حضره وفود مفوضة من كل من جمهورية روسيا السوفياتية الاتحادية الإشتراكية وجمهورية القوقاز السوفياتية الإشتراكية وجمهورية أوكرانيا السوفياتية الإشتراكية وجمهورية بيلاروس السوفياتية الإشتراكية أقرّوا فيه اتفاقية تأسيس اتحاد الجمهوريات السوفياتية الإشتراكية وكذلك إعلان تأسيس اتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية وتم التصديق على كلتا الوثيقتين مع انعقاد مجلس السوفيت الأعلى لاتحاد الجمهوريات السوفياتية الإشتراكية للمرة الأولى في الثلاثين من ديسمبر لعام 1922، تلك الوثائق التي قام بتوقيعها رؤساء الوفود الممثلين في ميخائيل كالينين وميخا تسخاكايا عن روسيا و ميخائيل فرونز عن القوقاز وجريجوري بيتروفسكي عن أوكرانيا وأخيرا أليكساندر شيرفياكوف رئيسا لوفد بيلاروس.

و في الأول من فبراير لعام 1924 اعترفت الإمبراطورية البريطانية رسمياً بالاتحاد السوفياتي وفي نفس العام وضع الدستور السوفياتي وتم التصديق عليه ليضفي جانب الشرعية على الوحدة التي قامت بين جمهوريات روسيا الاتحادية والقوقاز وأوكرانيا وبيلاروس السوفياتية الاشتراكية وما ترتب عليها من إعلان تأسيس "اتحاد الجمهوريات السوفياتية الاشتراكية".

و بدأت إعادة الهيكلة الاقتصادية والصناعية والسياسية منذ باكورة عهد القوى السوفياتية الناشئة وتحديداً منذ عام 1917 حيث تم تنفيذ العديد من الخطط الإصلاحية من خلال المراسيم السوفياتية الأولية والموقعة من جانب فلاديمير لينين ولم تكن قد ارتقت بعد لمرتبة الدساتير. واحدة من أهم تلك الخطط الإصلاحية هي خطة غويلرو والتي هدفت لإيصال الكهرباء لكل أنحاء الجمهورية السوفياتية كخطوة أساسية لإعادة الهيكلة الاقتصادية. وخرجت الخطة أول مرة للنور عام 1920 ووضع لها جدول زمني للانتهاء منها قدر بعشرة إلى خمسة عشر عام واعتمدت أساسا لإنشاء شبكة محلية من 30 محطة طاقة عشرة منهم يقومون بتوليد الكهرباء عن طريق الطاقة الكهرمائية بالإضافة إلى كل ما يتبع تلك المحطات من مصانع كبرى تستخدم الكهرباء في تشغيلها. واستمر تنفيذ تلك الخطة منذ إعلانها عام 1920 حتى استكملت بحلول عام 1931 وأصبحت نموذجاً للخطط الخمسية السوفياتية الأخرى والتي تبنتها الحكومة ووصل عدد الخطط إلى ثلاثة عشر خطة خمسية منذ عام 1928 وحتى زوال الاتحاد السوفايتي عام 1991.

  • حكم ستالين :

منذ بداية نشأته في السنوات الأولى، تبنّى الاتحاد السوفايتي نظام الحزب الواحد في الحكم وهو الحزب الشيوعي (أو حزب البلاشفة) والذي دافع عنه القادة السوفييت وبرروا وجوده كحزب أوحد في البلاد بأنها الطريقة المثلى لتأكيد القضاء على النفوذ الرأسمالي في البلاد وضمان عدم عودته مرة أخرى للاتحاد السوفييتي كذلك تطبيقا وإرساء لقواعد المركزية الديموقراطية التي تمثّل إرادة الشعب الحر.

و منذ الأيام الأخيرة في حياة لينين وعدم قدرته على أداء دوره السياسي نتيجة لمرضه الشديد حامت الشكوك حول مستقبل البلاد الاقتصادي خاصة ما يتعلق بالمجال الزراعي حيث قامت حكومة الاتحاد السوفياتي في وقت سابق بالسماح مرة أخرى بالملكية الفردية للأراضي الزراعية بجانب الملكية العامة المملوكة أساسا للدولة خلال العشرينيات من القرن الماضي وذلك في محاولة لتدوير عجلة الإنتاج الزراعي بعد نهاية الحرب الأهلية الروسية وتكوين حكومة سوفيتية جديدة حلت محل حكومة الحرب التي كانت منوطة بإدارة شؤون البلاد طوال فترة الحرب الأهلية كما قامت الحكومة بفرض ضرائب جديدة على المنتجات الزراعية بدلا من جمع المحاصيل والمنتجات الأخرى من الحقول وتوزيعها وذلك تطبيقا لما أقرته الحكومة السوفياتية وأطلقت عليه اسم السياسة الاقتصادية الجديدة؛ ومن ثم احتدم الصراع بين القادة السوفيت على السلطة بعد وفاة لينين عام 1924.

حدثت العديد من التغيرات في الحياة السياسية داخل الاتحاد السوفياتي بداية من تولي السلطة والصراع من أجلها وحتى البحث عن بديل يقوم بالدور الشاغر الذي تركه لينين بعد وفاته والذي كان كبيرا بالفعل لدرجة دفعت القادة السوفيت لتكوين "الترويكا" وهو مجلس ثلاثي يتكون من ثلاثة أفراد من القوى السياسية البارزة في البلاد ويوكل لهذا المجلس إقرار القوانين والأمور السياسية المتعلقة بالبلاد دون التدخل في شؤون الحكم ذاتها وهو نموذج مأخوذ أساسا عن الإمبراطورية الرومانية القديمة، وتم اختيار جريجوري زينوفايف من أوكرانيا وليف كامينيف من روسيا ويوسف (جوزيف) ستالين من جورجيا كأعضاء في "الترويكا".

بدأ ستالين في بسط نفوذه السياسي منذ أن قام لينين بتعيينه رئيسا للجنة الرقابة الإدارية والتي كانت تقوم بأعمال تفتيش مفاجئة لضمان جودة سير العمل في مختلف المصالح والمنشأت الحكومية وعرفت تلك الهيئة باسم "لجنة العمل والفلاحين التفتيشية" أو اختصارا (رابكرين). وفي الثالث من إبريل لعام 1922 تولى ستالين منصب سكرتير عام الحزب الشيوعي السوفياتي ومن هذه المرحلة صعود ستالين للسلطة عمل ستالين على تكوين نفوذ قوي في أرجاء الحياة السياسية في الاتحاد السوفياتي معتمدا على عزل وتنحية كل معارضيه داخل الحزب حتى أصبح الزعيم الأوحد للبلاد مع نهاية العقد الثاني من القرن العشرين وأقر سياسات شمولية لحكم البلاد، خاصة بعدما تخلص من آخر معارضيه وهم جريجوري زينوفايف و ليون تروتسكي حيث قام بطردهما من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفياتي ومن بعد نفيهما سواء داخل البلاد (زينوفايف) أو خارجها (تروتسكي).

في عام 1928 قدم ستالين الخطة الخمسية الأولى من أجل بناء اقتصاد شيوعي شامل في البلاد. وبقدر سعي ستالين نحو تحقيق الإشتراكية الدولية التي عمل من أجلها لينين من قبل وكانت أحد المبادئ التي نادت بها الثورة، عمل ستالين على تأكيد نظرية شيوعية الدولة الواحدة التي كان قد نادى بها من قبل عام 1924. ففي المجال الصناعي على سبيل المثال أحكمت الدولة السوفياتية قبضتها على كل الهيئات الصناعية والإنتاجية متبنية العديد من البرامج تصنيعية الضخمة، كما قامت بإنشاء المزارع الجماعية من أجل تحقيق نهضة مماثلة في المجال الزراعي.

لاقت فكرة إنشاء المزارع الجماعية معاراضات شديدة من جانب الكولاك (مالكي المزارع وأصحاب الملكيات الخاصة للأراضي الزراعية) بالإضافة إلى بعض الفلاحين ميسوري الحال نسبيا الذي كانوا يتعمدون إخفاء جزء من إنتاجهم الزراعي وعدم تسليمه للدولة وبيعه لحسابهم الخاص فيما بعد. مما أدى لعديد من الاشتباكات بين الكولاك من جانب والسلطات المحلية وبقية الفلاحين الفقراء من جانب آخر الأمر الذي أدى لانتشار المجاعات في أنحاء البلاد مما دفع ستالين للتخلص من الكولاك حيث تم اعتقالهم سياسيا وإرسالهم إلى الجولاج للقيام بأعمال السخرة الجماعية. كما ورد وجود العديد من حركات الاغتيال المنظم لغالبية الكولاج الذين كانوا يقدرون بنحو 60 مليون فرد (كما وصفهم الروائي الروسي الشهير أليكساندر سولجينيتسين) حتى تناقص عددهم لأقل من 700 ألف فرد (وفقا للمصادر الإخبارية الروسية).

واستمر الاضطراب المحلي في التنامي حتى منتصف العقد الثالث من القرن الماضي مع استمرار ستالين في الاعتماد على نيكولاي ايزهوف في سياسة التطهير الكبرى تجاه الحزب الشيوعي وأعضائه من البلاشفة القدماء وحتى الذين شاركوا مع لينين نفسه في ثورة أكتوبر. ومع ذلك وبالرغم من الأزمة الاقتصادية التي عانى منها العالم بأسره في منتصف الثلاثينات إلا أن الاقتصاد السوفياتي كان من أقوى الأنظمة الاقتصادية الموجودة في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية.

  • فترة الثلاثينيات :

شهدت السنوات الأولى من العقد الثالث للقرن الماضي تعاونا وتقاربا بين الاتحاد السوفياتي والعالم الغربي كما شارك الاتحاد السوفياتي في المؤتمر العالمي لنزع السلاح في الفترة ما بين 1932 وحتى 1934، وفي 1933 أقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وبعدها بعام في سبتمبر 1934 انضم الاتحاد السوفياتي لعصبة الأمم. ومع تفجر الحرب الأهلية الإسبانية قام الاتحاد السوفياتي بدعم الجمهوريين في مواجهة القوميين بقيادة فرانسيسكو فرانكو المدعوم من قبل إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية.

المصدر : ويكيبيديا + مواقع إلكترونية.


الإبتساماتإخفاء