إعلان

هل تعلم أن ألمانيا كانت منقسمة إلى دولتين ؟

انقسام ألمانيا

هل تعلم أن ألمانيا كانت منقسمة إلى دولتين ؟
ألمانيا الشرقية                                     ألمانيا الغربية

عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية فى سنة 1945 و فوز الحلفاء على ألمانيا النازية و دول المحور و انتحار هيتلر، تم تقسيم ألمانيا لأربع مناطق محتلة بعد مؤتمر يالتا بين أمريكا و الاتحاد السوفياتى و فرنسا و إنجلترا. كل دولة من دول متحكمة فى منطقة معينة و حسب الاتفاقية تم تقسيم العاصمة برلين أيضا لأربع أجزاء نفوذ لهذه القوى. تغيرت هذه الحدود بعد قيام الحرب الباردة ما بين أمريكا و حلفئها من جهة و الاتحاد السوفياتى و حلفائه و أصبحت برلين ساحة للمعارك المخابراتية و المشكلة التي بينهم و اتحدت أمريكا و فرنسا و إنجلترا و أعلنوا قيام جمهورية ألمانيا الغربية و بعد ذلك أعلن الاتحاد السوفياتى عن قيام جمهورية المانيا الشرقية.

ألمانيا الشرقية :

ألمانيا الشرقية أو جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وهي دولة سابقة داخل الكتلة الشرقية خلال فترة الحرب الباردة. استمرت من 1949 إلى 1990، وقد حكمت القطاع الألماني الذي احتلته القوات السوفياتية في نهاية الحرب العالمية الثانية وفقا لمؤتمر بوتسدام، الحدود الشرقية للدولة هي خط أودر-نيس. المفارقة أن المنطقة السوفياتية كانت تحيط ببرلين الغربية، ولكنها لم تكن واقعة تحت الإدارة السوفياتية، ونتيجة لذلك، ظلت برلين الغربية خارج سيطرة الحكم السوفياتي والجمهورية الألمانية الديمقراطية. وكثيرا ما وصفت جمهورية ألمانيا الديمقراطية باعتبارها إحدى الدول التابعة للاتحاد السوفياتي. وكانت السلطات السوفياتية بدأت في نقل المسؤوليات الإدارية لقادة الحزب الشيوعي الألماني في عام 1948، في حين أصبحت المنطقة الخاضعة لهم دولة اعتبارا من 7 تشرين الأول 1949. ومع ذلك ظلت القوات السوفياتية في ألمانيا الشرقية خلال الحرب الباردة، وفي عام 1953 قامت القوات السوفياتية بدعم قوات الشرطة المحلية في مواجهة انتفاضة شعبية. سياسيا وحتى عام 1989، كان الحزب الشيوعي المدعوم من السوفيات، هو الحزب الحاكم في البلاد وكان الحزب يدعى حزب الوحدة الاشتراكي الألماني. في حين عملت الأطراف السياسية الأخرى من خلال الجبهة الوطنية لألمانيا الديمقراطية. واستخدمت الدولة قوات الأمن المعروفة بشتازي لقمع المعارضة. من الناحية الاقتصادية، فقد كان الاقتصاد الألماني الشرقي اقتصاداً يخطط مركزيا. وكانت معظم مؤسساته ونشاطاته مملوكة للدولة. أما عدد السكان فقد تراجع من 18,000,000 نسمة عام 1950 إلى 16,000,000 نسمة عام 1990. وقد قامت الحكومة وبشكل دائم باستخدام نظام الدعم للحفاظ على انخفاض أسعار مجموعة كبيرة من السلع والخدمات الأساسية. على الرغم من أن الدولة كانت ملزمة بدفع تعويضات الحرب الكبيرة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، الا أنها أصبحت الدولة ذات الاقتصاد الأغنى في دول الكتلة الشرقية. ورغم ذلك بقيت متخلفة عن نسبة النمو في جارتها جمهورية ألمانيا الفيدرالية. وقد كانت الهجرة إلى الغرب تمثل مشكلة كبيرة لكون العديد من المهاجرين كانوا صغارا ومن ذوي التعليم الجيد، والذي كان يؤثر سلبا على اقتصاد الدولة. ولذا حاولت الحكومة منع السكان من المغادرة بتحصين الحدود الغربية، وبدءاً من عام 1961 قامت الحكومة بإنشاء جدار برلين لمنع الانتقال إلى ألمانيا الغربية المجاورة، وقتل حرس الحدود عدة مئات من الأشخاص أثناء محاولتهم الهروب باجتياز الحدود بين الألمانيتين.

في عام 1989، أدت ثورة سلمية وتحركات شعبية واسعة في ألمانيا الديمقراطية إلى تدمير جدار برلين ثم بروز حكومة ملتزمة بالتحرر السياسي والاقتصادي. وفي العام التالي، عقدت انتخابات حرة لأول وآخر مرة في الدولة، نتج عنها حكومة قادت المفاوضات الدولية التي أدت لاحقا إلى توقيع معاهدة تسوية نهائية حددت توحيد الألمانيتين بحدود ألمانيا النهائية. ثم جرى حل الجمهورية الألمانية الديمقراطية وإعادة توحيد ألمانيا في 3 تشرين الأول 1990.

  • اتفاقيات التسمية :

كانت التسمية الرسمية دويتشي ديموكراتيش ريببليك (جمهورية ألمانيا الديمقراطية)، تُختصر عادةً ب دي دي آر. استُخدم كلا المصطلحين في ألمانيا الشرقية، مع استخدام متزايد للصيغة المختصرة، تحديدًا منذ اعتبار ألمانيا الشرقية الألمان الغربيين والبرلينيين الغربيين أجانب في أعقاب صدور دستورها الثاني في عام 1968. تجنّب الألمان الغربيون ووسائل الإعلام الغربية ورجال الدولة في البداية التسمية الرسمية واختصارها، واستُخدمت عوضًا عنهما مصطلحات مثل أوستزون (المنطقة الغربية) سوفجيتيش بيساتزونغزون (منطقة الاحتلال السوفياتي، عادةً ما اختُصرت ب إس بي زد) وسوغينانت دي دي آر أو «ما يسمى جي دي آر».

أشير إلى مركز السلطة السياسية في برلين الشرقية ببانكوف (أُشير إلى مقر قيادة القوات السوفياتية في ألمانيا الشرقية باسم كارلشورست). وعلى الرغم من ذلك ومع مرور الوقت، استُخدم اختصار دي دي آر بصورة متزايدة بالعامية من قبل الألمان الغربيين ووسائل الإعلام في ألمانيا الغربية.

عند استخدامه من قبل الألمان الغربيين، كان ويستدويتشلاند (ألمانيا الغربية) مصطلحًا يشير دائمًا تقريبًا إلى المنطقة الجغرافية لألمانيا الغربية لا إلى المنطقة التي ضمن حدود جمهورية ألمانيا الاتحادية. وعلى الرغم من ذلك، لم يكن هذا الاستخدام متطابقًا دائمًا واستخدام البرلينيون الغربيون في أغلب الأحيان مصطلح ويستدويتشلاند للدلالة على الجمهورية الاتحادية. قبل الحرب العالمية الثانية، استُخدم مصطلح أوستدويتشلاند (ألمانيا الشرقية) لوصف جميع الأراضي شرقي إلبه (إلبيا الشرقية)، كما يتضح في أعمال عالم الاجتماع ماكس فيبر والمنظّر السياسي كارل شميت.

  • تاريخ ألمانيا الشرقية :

عند شرحه التأثير الداخلي لنظام جمهورية ألمانيا الديمقراطية من منظور التاريخ الألماني على المدى البعيد، حاجج المؤرخ غيرهارد إيه. ريتر (2002) أن ملامح دولة ألمانيا الشرقية رُسمت عبر قوتين مهيمنتين، الشيوعية السوفياتية من جهة، والتقاليد الألمانية المصفّاة من خلال تجارب فترة ما بين الحربين للألمان الشيوعيين من الجهة الأخرى. دائمًا ما كانت ألمانيا الشرقية مقيدةً بالمثال القوي للغرب المزدهر بصورة متزايدة، والذي قارنه الألمان الشرقيون بأمتهم. اتضحت التغييرات التي أحدثها الشيوعيون في إنهاء الرأسمالية وتحويل الصناعة والزراعة وفي عسكرة المجتمع وفي التوجه السياسي للنظام التعليمي ووسائل الإعلام. من الناحية الأخرى، كان هناك تغير طفيف نسبيًا في المجالات المستقلة تاريخيًا للعلوم ومهن الهندسة والكنائس البروتستانتية وفي العديد من أنماط الحياة البرجوازية. يقول ريتر إن السياسة الاجتماعية أصبحت أداة تشريع حاسمة في العقود الأخيرة ومزجت بين العناصر الاشتراكية والتقليدية بصورة متساوية تقريبًا.

  • الأصول :

اتفق الحلفاء (الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة والاتحاد السوفياتي) في مؤتمر يالطا خلال الحرب العالمية الثانية على تقسيم ألمانيا النازية المهزومة إلى مناطق احتلال وعلى تقسيم برلين، العاصمة الألمانية، بين قوى الحلفاء كذلك. كان هذا يعني في بداية الأمر بناء ثلاث مناطق احتلال، أي منطقة أمريكية ومنطقة بريطانية ومنطقة سوفياتية. لاحقًا، اقتُطعت منطقة فرنسية من المنطقتين الأمريكية والبريطانية.

  • تأسيس 1949 :

تأسس الحزب الشيوعي الحاكم، الذي كان يُعرف بحزب الوحدة الاشتراكية الألماني، في أبريل 1946 عبر اندماج الحزب الشيوعي الألماني والحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني بأمر من جوزيف ستالين. كان الحزبان السابقان خصمين سيئي السمعة عندما كانا نشطين قبل توطيد النازيين لكامل سلطتهم وتجريمهم. كان توحيد الحزبين ترميزًا للصداقة الجديدة للاشتراكيين الألمان في هزيمة عدوّهم المشترك، ومع ذلك، كان الشيوعيون، الذين نالوا أغلبيةً، يسيطرون بشكل كامل فعليًا على السياسة. كان حزب الوحدة الاشتراكية الألماني الحزب الحاكم لدولة ألمانيا الشرقية طوال دوامها. امتلكت ألمانيا الشرقية صلاتٍ وثيقة مع السوفيات الذين احتفظوا بقواتٍ عسكرية في ألمانيا الشرقية حتى تفكك الاتحاد السوفياتي في عام 1991 (واصل الاتحاد الروسي احتفاظه بقواتٍ في ما كان ألمانيا الشرقية حتى عام 1994) لغرض معلن هو مواجهة قواعد حلف الناتو في ألمانيا الغربية.

مع إعادة تنظيم ألمانيا الغربية ونيلها الاستقلال عن محتليها، أُسست جمهورية ألمانيا الديمقراطية في ألمانيا الشرقية في عام 1949. عزز إنشاء الدولتين تقسيم ألمانيا في عام 1945. في 10 مارس 1952، قدّم ستالين (في ما سيُعرف لاحقًا ب«مذكرة ستالين») اقتراحًا لإعادة توحيد ألمانيا مع سياسة الحياد ودون شروط على السياسات الاقتصادية وبضماناتٍ ل«حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بما فيها حرية التعبير والصحافة والإقناع الديني والمعتقد السياسي والتجمع» والنشاط الحر للأحزاب والتنظيمات السياسية. رُفض الاقتراح، إذا لم تكن إعادة التوحيد أولوية بالنسبة للقيادة في ألمانيا الغربية، ورفضت قوى الناتو الاقتراح مؤكدةً أنه ينبغي أن تكون ألمانيا قادرةً على الانضمام إلى الناتو وأن مفاوضةً كهذه مع السوفيات ستكون بمثابة استسلام. كان هناك العديد من الجدالات حول إذا ما كانت فرصة إعادة التوحيد الحقيقية قد أضيعت في عام 1952.

في عام 1949، سلّم السوفيات السيطرة على ألمانيا الشرقية إلى حزب الوحدة الاشتراكية الألماني، الذي ترأسه فيلهيلم بيك (1876-1960) والذي أصبح رئيسًا لجمهورية ألمانيا الديمقراطية وشغل ذلك المنصب حتى وفاته، في حين تولّى الأمين العام لحزب الوحدة الاشتراكية الألماني والتر أولبريشت معظم السلطة التنفيذية. أصبح الزعيم الاشتراكي أوتو غروتول (1894-1964) رئيسًا للوزراء حتى وفاته.

نددت حكومة ألمانيا الشرقية بفشل ألمانيا الغربية في تحقيق اجتثاث النازية ونبذت صلاتها بالماضي النازي وسجنت العديد من النازيين السابقين ومنعتهم من شغل مناصب حكومية. حدد حزب الوحدة الاشتراكية الألماني هدفًا رئيسيًا بتخليص ألمانيا الشرقية من جميع آثار النازية.

  • مناطق احتلال أراضي ألمانيا :

في مؤتمري يالطا وبوتسدام، أسس الحلفاء احتلالهم العسكري المشترك وإدارتهم لألمانيا من خلال مجلس مراقبة الحلفاء، حكومة عسكرية من أربع قوى (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد السوفياتي وفرنسا) سارية المفعول حتى استعادة السيادة الألمانية. في ألمانيا الشرقية، تألفت منطقة الاحتلال السوفياتي (إس بي زد - سوفجيتيش بيساتزونغزون) من خمس ولايات (لاندر lander) هي ميكلينبورغ-فوربوميرن وبرادينبورغ وساكسوني وساكسوني أنهالت وثورينغيا. أدت الخلافات حول السياسات التي ينبغي اتباعها في المناطق المحتلة إلى انهيار سريع للتعاون بين القوى الأربع، وأدار السوفيات منطقتهم دون النظر إلى السياسات المطبقة في المناطق الأخرى. انسحب السوفيات من مجلس مراقبة الحلفاء في عام 1948. لاحقًا، ومع الاتحاد المتعاظم للمناطق الثلاث الأخرى ومنحها حكمًا ذاتيًا، أقامت الإدارة السوفياتية حكومةً اشتراكية منفصلة في منطقتها.

وعلى الرغم من ذلك، وبعد سبعة أعوام على اتفاقية بوتسدام التي وقعها الحلفاء والتي نصت على ألمانيا موحدة، اقترح الاتحاد السوفياتي من خلال مذكرة ستالين (10 مارس 1952) إعادة توحيد ألمانيا وانسحاب القوى العظمى من أوروبا الوسطى، الأمر الذي رفضه الحلفاء الغربيون الثلاثة (الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة). توفّي الزعيم السوفياتي جوزيف ستالين، المناصر الشيوعي لإعادة التوحيد، في أوائل مارس 1953. وعلى نحو مماثل، سعى لافرينتي بيريا، النائب الأول لرئيس وزراء الاتحاد السوفياتي، وراء إعادة توحيد ألمانيا، غير أنه خُلع من منصبه في العام نفسه قبل أن يتمكن من العمل على تلك المسألة. رفض خليفته، نيكيتا خروتشوف، إعادة التوحيد بصفتها تعادل عودة ألمانيا لتُضم إلى الغرب، وبذلك لم يجر النظر في إعادة التوحيد حتى عام 1989. اعتبرت ألمانيا الشرقية برلين الشرقية عاصمةً لها، واعترف الاتحاد السوفياتي وبقية الكتلة الشرقية دبلوماسيًا ببرلين الشرقية كعاصمة. ومع ذلك، اعترض الحلفاء الغربيون على هذا الاعتراف معتبرين أن مدينة برلين بأكملها هي أرض محتلة يحكمها مجلس مراقبة الحلفاء.

ألمانيا الغربية :

جمهورية ألمانيا الاتحادية أو ألمانيا الغربية هي دولة أُنشئت في 23 مايو عام 1949، وانتهت بإعادة توحيد ألمانيا في 3 أكتوبر 1990. كان الجزء الغربي من ألمانيا تابعًا للكتلة الغربية خلال الحرب الباردة. أُسست جمهورية ألمانيا الاتحادية في وقت احتلال الحلفاء لألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية، وهي مكونة من إحدى عشرة ولاية تابعة لمناطق الحلفاء الثلاثة التي احتلتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا. اتخذت ألمانيا الغربية مدينة بون عاصمة لها.

انقسمت أوروبا في مطلع الحرب الباردة إلى كتلة غربية وكتلة شرقية. قُسمت ألمانيا إلى دولتين ومقاطعتين ذات طبيعة خاصة: محمية سار، وبرلين. في البداية ادعت جمهورية ألمانيا الاتحادية أحقيتها بتفويض حصري لألمانيا بأكملها، واعتبرت نفسها الامتداد الوحيد المُنتخب ديمقراطيًا للرايخ الألماني في الفترة 1871–1945. زعمت ألمانيا الغربية أن جمهورية ألمانيا الديمقراطية (التي يُشار إليها عادةً بألمانيا الشرقية) هي دولة دمية قائمة على أساس غير قانوني. رغم أن ألمانيا الشرقية كانت تعقد انتخابات عامة بشكل منتظم، لم تكن تلك الانتخابات حرة أو عادلة، واعتبرتها ألمانيا الغربية انتخابات غير شرعية.

اتحدت ولايات جنوب غرب ألمانيا الثلاثة التابعة لألمانيا الغربية لتشكيل ولاية بادن-فورتمبيرغ في عام 1952، وانضمت محمية سار إلى ألمانيا الغربية في عام 1957. اعتُبرت ولاية برلين الغربية الولاية الحادية عشرة بحكم الأمر الواقع إلى جانب الولايات العشرة الأخرى. رغم أن برلين لم تكن جزءًا من جمهورية ألمانيا الاتحادية بحكم أنها كانت تحت سيطرة مجلس مراقبة الحلفاء، إلا أن برلين الغربية كانت مؤيدة لألمانيا الغربية سياسيًا، وكانت مُمثلة في مؤسساتها الفدرالية بصفة مباشرة أو غير مباشرة. ترسخ النفوذ القوي الذي تتمتع به ألمانيا في الوقت الحاضر بفضل المعجزة الاقتصادية الألمانية التي وقعت في الخمسينيات عندما أفاقت ألمانيا الغربية من الدمار الهائل الذي حل بها في الحرب العالمية الثانية حتى أصبحت ثالث أكبر قوة اقتصادية في العالم. سعى المستشار الأول لألمانيا الغربية، كونراد أديناور الذي بقي في منصبه حتى عام 1963، إلى الانضمام إلى حلف الناتو عوضًا عن أخذ موقف حيادي من الصراع القائم بين القوى الغربية والقوى الشرقية. لم ينجح أديناور في إدخال ألمانيا لحلف الناتو فحسب، بل أيد كذلك سلسلة من الاتفاقيات التي آلت في الوقت الحاضر إلى تأسيس الاتحاد الأوروبي. انضمت ألمانيا الغربية إلى مجموعة الدول الصناعية الست فور تأسيسها في عام 1975.

ظهرت حركة قوية لإعادة توحيد ألمانيا عقب انهيار الشيوعية في أوروبا الشرقية والوسطى عام 1989 الذي تجسد في سقوط جدار برلين. صوّتت ألمانيا الشرقية لصالح الانضمام لجمهورية ألمانيا الاتحادية في عام 1990. أُعيد تشكيل ولايات ألمانيا الخمسة ما بعد الحرب عقب توحيد مدينة برلين، ما أدى إلى فقدان برلين لوضعها الخاص وتأسيس ولاية جديدة. انضمت ألمانيا الشرقية لجمهورية ألمانيا الاتحادية بصفة رسمية في 3 أكتوبر 1990، ما أدى إلى زيادة عدد الولايات من عشرة ولايات إلى ست عشرة ولاية، وإعادة توحيد ألمانيا بعد أن كانت منقسمة. لم تؤدِّ إعادة الاتحاد إلى تشكيل دولة جديدة بحكم أن ألمانيا الغربية اتسعت لتشمل ولايات دولة ألمانيا الشرقية التي لم تعد موجودة. احتفظت دولة ألمانيا الجديدة بثقافتها السياسية وحافظت على عضويتها في المنظمات الدولية وميولها الغربية وانتمائها للتحالفات الغربية مثل الأمم المتحدة، وحلف الناتو، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والاتحاد الأوروبي.

  • تاريخ ألمانيا الغربية :

عقد قادة الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والاتحاد السوفياتي مؤتمر يالطا في 4-11 فبراير 1945 لمناقشة الترتيبات الخاصة بأوروبا ما بعد الحرب وخطة الحلفاء لمواجهة اليابان في حرب المحيط الهادئ. اتبعت ألمانيا النازية سياسة استعادة الأراضي التي خسرتها ألمانيا بموجب معاهدة فيرساي خلال ثلاثينيات القرن العشرين، وضم الأراضي التي احتلها الشعب الألماني إلى الرايخ الألماني. ولذا اتفق الحلفاء على إعادة ترسيم الحدود الألمانية وفقًا لحدود 31 ديسمبر 1937؛ وبذلك خسرت ألمانيا جميع الأراضي التي احتلتها اعتبارًا من عام 1937. لاحقًا أكدت ألمانيا الغربية على التزامها بتلك الحدود حتى سبعينيات القرن العشرين بصفتها الحدود المُتفق عليها في القانون الدولي. ورغم ذلك اتفق الحلفاء فيما بينهم على ضرورة ترك بروسيا وسيليزيا لبولندا والاتحاد السوفياتي في معاهدات السلام التالية. اتفق الحلفاء على تقسيم ألمانيا إلى أربعة مناطق احتلال: منطقة فرنسية في الغرب، ومنطقة بريطانية في شمال الغرب، ومنطقة أمريكية في الجنوب، ومنطقة سوفياتية في الشرق. قُسمت برلين بدورها إلى أربعة مناطق. لم يكن تفكيك ألمانيا هدفًا من وراء تلك التقسيمات، بل كان يُراد بها تحديد مناطق ألمانيا الإدارية فقط.

فرض الحلفاء الأربعة سيادتهم على ألمانيا بأكملها بموجب اتفاقية بوتسدام. انفصلت المناطق الألمانية السابقة الواقعة شرق نهري أودر ونايسه عن السيادة الألمانية في يوليو عام 1945 وانتقلت من سطوة الجيش السوفياتي المحتل إلى إدارة بولندا والاتحاد السوفياتي المدنية. التزم الحلفاء كذلك بالوعود التي قدموها لحكومات تشيكوسلوفاكيا وبولندا، ووافقوا على نقل المواطنين الألمان في بولندا وتشيكوسلوفاكيا والمجر إلى ألمانيا بطريقة إنسانية ومنظمة. طُرد 8 مليون نازح ألماني من تلك الأراضي، واستقروا في النهاية في ألمانيا الغربية. وفي الفترة 1946-1949 اتحدت ثلاثة مناطق من مناطق الاحتلال الأربعة. في البداية اتحدت المنطقتان البريطانية والأمريكية لتشكيل شبه دولةبيزون. وبعدها بوقت قصير انضمت المنطقة الفرنسية لهما لتشكيل ترزيون، بينما تحولت منطقة الاحتلال السوفياتي إلى دولة ألمانيا الشرقية. وفي ذات الوقت أُنشئت ولايات فدرالية جديدة في منطقة الحلفاء بدلًا من ولايات ألمانيا السابقة في عصر ما قبل النازية مثل دولة بروسيا الحرة وجمهورية بادن.

وُصفت دولة النظام النازي في فترة ما بعد الحرب بأنها دولة إجرامية قائمة على أساس غير قانوني، وفاقدة للشرعية منذ بدايتها، بينما وُصفت جمهورية فايمار بأنها دولة فاشلة، وأن هتلر استغل ثغراتها الدستورية والمؤسسية المتأصلة فيها للحصول على سلطة ديكتاتورية غير مشروعة. وبناءً على ذلك، عقب وفاة هتلر في عام 1945 واستسلام القوات الألمانية المسلحة، وُصفت الأجهزة السياسية، والقضائية، والإدارية، والدستورية الخاصة بكلٍ من دولة ألمانيا النازية وجمهورية فايمار بالبائدة. ورغم ذلك أكدت ألمانيا الغربية على استمرارية الدولة الألمانية التي جسدت وحدة الشعب الألماني منذ عهد برلمان فرانكفورت عام 1848، والذي صار مُمثلًا من قبل الرايخ الألماني اعتبارًا من عام 1871 رغم أن تلك الدولة كانت خاملة قبل وقت طويل من 8 مايو 1945.

المصدر : ويكيبيديا + مواقع إلكترونية.


الإبتساماتإخفاء