إعلان

لويس باستور - مكتشف الجراثيم والبسترة

لويس باستور

لويس باستور - مكتشف الجراثيم والبسترة

لويس باستور (بالفرنسية: Louis Pasteur)‏، هو الكيميائي الفرنسي لويس باستور، أحد روّاد علم الأحياء المجهريّة الدقيقة ومؤسّسيها، ولد في السابع والعشرين من شهر ديسمبر من عام 1822م في فرانش كومته الفرنسيّة، ونشأ وترعرع في كنف عائلة فقيرة الحال، وكانت أسرته تمتهن دباغة الجلود، واستلم والده منصب رقيب في جيش نابليون أوّلاً قبل الدباغة.

نشأته لويس باستور :

ولد لويس باستور في 27 ديسمبر 1822 لعائلة فقيرة تعمل في دباغة جلود الحيوانات في مدينة دول في فرنسا وترعرع في بلدة Arbois. وربما غرس ذلك لدى باستور مبدأ الوطنية القوية في شبابه وكان ذلك في وقت لاحق من العناصر المحددة لشخصيته. كان الابن الثالث لأبيه جان جوزيف باستور وأمه جان إتيان روكي. عمل أبوه رقيبا في جيش نابوليون ثم امتهن الدباغة. وكان لويس باستور طالب متوسط المستوى في سنواته الدراسية الأولى، ولكن برز نبوغه في الرسم والتصوير. في وقت لاحق تم الاحتفاظ برسوماته الباستيل التي أنجزها عندما كان عمره 15 عاما وصور والديه وأصدقائه في متحف معهد باستور في باريس. حصل على درجة بكالوريوس آداب سنة 1840 ودرجة بكالوريوس علوم سنة 1842 من مدرسة الأساتذة العليا، وحصل على الدكتوراه سنة 1847. أصبح باستور أستاذ كيمياء في جامعة ستراسبورغ بعد أن قضى فترة وجيزة كأستاذ فيزياء في ثانوية ديجون في عام 1848، حيث التقى وتودد إلى لوران ماري، ابنة رئيس الجامعة في عام 1849. تزوجا في 29 مايو 1849 وأنجبا خمسة أطفال، توفي منهم ثلاثة لإصابتهم بالتيفوئيد. استمد باستور من هذه المآسي الشخصية رغبته في التوصل إلى علاج أمراض مثل التيفوئيد.

الإسهامات العلمية للويس باستور :

  • نظرية تخمر الجراثيم :

أظهر باستور أن سبب عملية التخمر هو نمو الكائنات الحية الدقيقة، وأن النمو الناشئ للبكتيريا في سوائل المغذيات لا يعود إلى التولد الذاتي، وإنما إلى النشوء الحيوي خارج الجسم، حيث قام بتعريض السائل المغلي في الهواء في أوعية تحتوي على فلتر لمنع جميع الجزيئات من الوصول إلى مرحلة النمو المتوسط مع دخول الهواء عبر أنبوب متعرج طويل لا يسمح لجزيئات الغبار بالمرور. لاحظ باستور عدم نمو أي شيء في السائل إلا إذا تم كسر وفتح القوارير، لذا توصل إلى أن الكائنات الحية كجراثيم الغبار التي نمت في السائل جاءت من الخارج بدلا من تولدها تلقائيا داخل السائل. وكانت هذه إحدى أهم وآخر التجارب لدحض نظرية التولد الذاتي. كما دعمت تلك التجربة نظرية جرثومية المرض.

لم يكن باستور أول من جاء بنظرية جرثومية المرض (فقد اقترحها كل من جيرولامو فراكاسترو، وأغوستينو باسي، وفريدريك جوستاف جاكوب هنلي وغيرهم في وقت سابق)، إلا أن باستور قام بإجراء التجارب التي تبين بوضوح صحة تلك النظرية وتمكن من إقناع معظم دول أوروبا بصحتها. يعتبر باستور في يومنا هذا أنه منشئ نظرية جرثومية المرض وعلم الجراثيم، إلى جانب روبرت كوخ.

كما بينت بحوث باستور أن نمو الكائنات الدقيقة هو المسؤول عن إفساد المشروبات مثل النبيذ والبيرة والحليب. بالإضافة إلى أنه أوجد عملية يتم فيها تسخين السوائل مثل الحليب للقضاء على معظم البكتيريا والعفن الموجود بالفعل داخله. أنجز باستور أول تجربة بالتعاون مع كلود برنار في 20 أبريل 1862. بعد ذلك بوقت قصير سميت هذه العملية باسم البسترة.

استنتج باستور من فكرة فساد المشروبات أن الكائنات الحية الدقيقة التي تصيب الحيوانات والبشر تسبب الأمراض. اقترح وجوب منع دخول الكائنات الدقيقة في جسم الإنسان، مما قاد جوزف ليستر لتطوير أساليب التطهير في الجراحة.

في عام 1865، تسبب كل من داء pébrine وflacherie وهي أمراض طفيلية بقتل أعداد كبيرة من دودة القز في منطقة Alès الفرنسية. عمل باستور خلال عدة سنوات ليثبت أن مسبب تلك الأمراض هو هجوم جرثومي على بيض دود القز، وأن القضاء على هذه الميكروبات سيقضي بدوره على المرض.

  • علم المناعة والتطعيم :

اشتمل عمل باستور في وقت لاحق على مرض الكوليرا الذي يصيب الدجاج. أثناء عمله، فشل التصور بأن البكتيريا هي المسؤولة عن إصابة بعض الدواجن بهذا المرض. بإعادة استخدام دواجن ذات صحة جيدة، توصل باستور إلى أنه لا يستطيع نقل العدوى لهم، حتى مع البكتيريا الجديدة، لذا فإن البكتيريا المضعّفة أعطت مناعة للدواجن ضد المرض، على الرغم من أنها قد تسبب أعراض خفيفة فقط.

صدرت تعليمات لمساعده شارل شمبرلند (من أصل فرنسي) لتطعيم الدواجن بعد أن ذهب باستور في عطلة، ولكن فشل شمبرلند بذلك وذهب في عطلة هو الآخر. بعد عودته، أدى الاستنبات لمدة شهر إلى إعياء الدواجن، ولكن بعد ذلك تعافت تماما بدلا من أن يكون المرض قاتلا كما كان متوقعا. افترض شمبرلند أنه قد ارتكب خطأ، وأراد أن يتخلص من الاستنبات الخاطئ كما كان يبدو له عندما أوقفه باستور. استنتج باستور أن الحيوانات التي تعافت قد تكون حصلت على مناعة من هذا المرض، كما الحال مع الحيوانات في إقليم أور ولوار الفرنسي التي قد تعافت من مرض الجمرة الخبيثة. قدم باستور طلبا لاستخدام هذه الطريقة لتطعيم الماشية ضد مرض الجمرة الخبيثة مما أثار اهتماما في مكافحة أمراض أخرى.

ادعى باستور صنعه لقاحا للجمرة الخبيثة من خلال تعريض العصيات للأوكسجين. تم الاحتفاظ بالدفاتر التي كان يستخدمها في مختبره لدى المكتبة الوطنية في باريس، في الواقع استخدم باستور في إنشاء لقاح الجمرة الخبيثة أسلوب منافسه جان جوزيف هنري توسان، وهو جراح بيطري في تولوز. تتم هذه الطريقة بأكسدة ثاني كرومات البوتاسيوم. نتج بالفعل لقاحا عن طريقة باستور للأكسدة بعد أن حصل على براءة اختراع لإنتاج لقاح الجمرة الخبيثة.

إن مفهوم اكتساب المناعة بعد التطعيم بنموذج مضعّف من الأمراض الخبيثة لم يكن جديدا، وكان يُعرف هذا المفهوم لفترة طويلة مع مرض الجدري، حيث أن التلقيح بالجدري كان يؤدي إلى تقليل الندوب وتقليص معدل الوفيات إلى حد كبير مقارنة مع المرض المكتسب طبيعيا. وقد اكتشف إدوارد جينر أيضا التطعيم، وذلك باستخدام جدري البقر لإعطاء المناعة للجدري (في 1796)، إلا أن الاختلاف عن التطعيم ضد الجدري أن التطعيم ضد الجمرة الخبيثة أو تطعيم الدواجن ضد الكوليرا يتم عن طريق شكل مضعَّف "أي تم إنتاجه بشكل اصطناعي" بدلا من الشكل المضعَّف طبيعيا.

نتج عن هذا الاكتشاف ثورة في العمل على الأمراض المعدية، وأطلق باستور اسما علميا على هذه الأمراض المضعَّفة بشكل اصطناعي وأسماها اللقاحات تكريما لاكتشاف إدوارد جينر. أنتج باستور أول لقاح لداء الكلب من خلال زراعة الفيروس في الأرانب، ومن ثم إضعافها عن طريق تجفيف الأنسجة العصبية المتضررة.

أيام لويس باستور الأخيرة ووفاته :

توفي باستور في عام 1895 بالقرب من باريس جراء مضاعفات لسلسلة من السكتات الدماغية التي بدأت في عام 1868. توفي أثناء استماعه إلى قصة القديس بول دي فينسنت. دفن في كاتدرائية نوتردام، ولكن تمت إعادة دفن رفاته في قبو معهد باستور في باريس، حيث يتذكر الناس أعماله المنقذة للحياة.

كتب عنه :

- صدر كتاب عنه بعنوان لويس باستور وعلم الجراثيم الخفي عن مكتبة العبيكان ضمن سلسلة علماء العباقرة عام 2004 تأليف لويز إي روبنز وتعريب الدكتور محمد خالد شاهين
- لويس پاستور أو لويس پاستير (1822 - 1895 ) ، بالفرنسية Louis Pasteur ، كان عالم أحياء دقيقة وكيميائي. معروف لدي العامة بتجاربه التي اثبتت أن الكائنات الدقيقة هي المسؤولة عن الأمراض واللقاحات وبصفة خاصة اللقاح ضد داء الكلب، ولكنه أيضا قام باكتشاف عظيم في الكمياء بخصوص تناسق الجزيئات في المادة وعلاقته بانعكاس الضوء. وكانت له يد في حل مشكلة دود الحرير وكوليرا الدجاج.
- هو يعتبر أول من اوجد عملية البسترة في الحليب، وهي عملية تسخين الحليب وذلك لقتل الجراثيم والميكروبات الموجودة فيه ثم يقوم بتبريده وحفظه بارداً وكما يلاحظ أن كلمة مبستر تكتب على علب الحليب في وقتنا الحالي .
- النشأة
- كان والد باستور دباغاً أراد لابنه أن يكون مثقفاً أوفده إلى باريس بعد أن أنهى دراسته الإعدادية في أربوي كي يتابع تحصيله في دار المعلمين لكن المرض أقعده عن متابعة الدراسة، وبعد أن تعافى أرسله والده إلى الكلية الملكية التي تخرج منها عام 1840 يحمل ليسانس في الآداب وكان يدرس الرياضيات في الوقت ذاته وحصل بعد عامين على بكالوريس في العلوم التي أولع بها جداً رغم عدم تفوقّه في الكيمياء التي صمم أن يكون ذا شأن فيها. كان باستور في مراحل دراسته الأولى في مدينة أرْبوا Arbois طالباً ذا مستوىً متوسط بين زملائه، إلاّ أنه كان شديد الميل إلى الرسم، وقد نصحه أستاذه في المدرسة الثانوية بإكمال دراسته في دار المعلمين العليا E.N.S في باريس فسافر في شهر تشرين الأول عام 1838 إلى باريس مع صديقه جول فرسِل Jules Vercel ليلتحق بثانوية القديس لويس، إلاّ أنه لم يتحمل البقاء بعيداً عن الوسط الأُسْرِيّ فعاد بسرعة إلى أربوا ثم انتقل إلى مدرسة ثانوية في مدينة بيزانسون Besanson لأنها أقرب من باريس إلى مكان إقامة أهله. وفي عام 1840 حصل باستور على شهادة البكالوريا ـ الفرع الأدبي، وفي عام 1842 حصل على شهادة البكالوريا ـ الفرع العلمي، وهي شهادة تخوله الانتساب إلى دار المعلمين العليا، فتوجه إلى باريس وقُبل في المدرسة المذكورة عام 1843، ودرس في أثناء ذلك حمض الطرطير acide tartrique وحمض الطرطير الرزيم racémique في الضوء المستقطب. وفي عام 1846 حصل باستور على شهادة الأستاذية agrégation في العلوم الفيزيائية، وألحّ عليه بعد ذلك أستاذه بالار Balard أن يبقى في باريس لتحضير شهادة الدكتوراه، وفي عام 1847 حصل على شهادة الدكتوراه في الفيزياء، وكان موضوعها يتعلق بدراسة الاستقطاب الدوراني في السوائل. وفي عام 1848 قدّم باستور إلى المجمع العلمي الفرنسي أول أبحاثه، وكان موضوعه قابلية بعض الأجسام للتبلور بأشكال متباينة. وبعد ثورة عام 1848 عاد باستور إلى دراسة الأشكال المختلفة لحمض الطرطير، وأثبت أن حمض الطرطير الرزيم هو مزيج مقادير متساوية من حمض الطرطير الميمِّن وحمض الطرطير الميسِّر وأن لهذين الحمضين قوة تدويرية واحدة إلا أن أحدهما مُيمِّن والآخر مُيسِّر، لهذا فإن مزيج محلوليهما ليس له أي تأثير في الضوء المستقطب.
- وقد عُيِّن باستور بعد ذلك أستاذاً للفيزياء في مدرسة ثانوية بمدينة ديجون Dijon الفرنسية، وفي عام 1849 عيِّن في كلية ستراسبورغ، وتزوج ابنة عميد هذه الكلية، وفي عام 1852 سافر إلى مدينة ليْبزغ Leipzig في ألمانية، ثم إلى مدينة براغ Prague فتابع دراسة الطرطرات، واستطاع في عام 1853 أن يُحوِّل حمض الطرطير الميمِّن إلى حمض الطرطير الرزيم. وفي عام 1854 عُيِّن أستاذاً لكلية العلوم الجديدة في مدينة ليل Lille وعميداً لها. وقد أجرى باستور بعد ذلك دراسات عن حوادث الاختمار، وكانت الدراسات الكيمياوية السابقة تنفي وجود أي أثر للأحياء الصغيرة في آلية الاختمار، فاستطاع باستور أن يعزل الخميرة اللبنية، وأثبت بذلك أن حادثة الاختمار حادثة حيوية.
- وفي عام 1857 قدم باستور للجمعية العلمية بمدينة ليل بحثاً عن الاختمار اللبني، ثم عاد بعد ذلك إلى دار المعلمين العليا في باريس حيث عُيِّن مديراً للبحث العلمي، وتابع أبحاثه هناك عن الاختمار الكحولي في مخبر متواضع، وتوصل بنتيجة هذه الأبحاث إلى أن تحول السكر إلى كحول وغاز الفحم هو حادثة حيوية.
- وفي عام 1860 حصل باستور على جائزة الفيزيولوجية التجريبية تقديراً لأعماله المتعلقة بحوادث الاختمار، وعمد باستور بعد ذلك إلى دراسة حوادث ما يسمى التوالد العفوي génération spontan، فبدأ بفحص الهواء بالمجهر، واستطاع بالاستعانة بمراشح من القطن أن يعزل عن الهواء جراثيم تسبب تعكر السوائل العقيمة، ثم أثبت بفتحه الأوعية المحتوية على السوائل المذكورة في أماكن مختلفة أن الغبار المعلَّق في الهواء هو المسبب لظهور الأحياء الدقيقة في هذه السوائل، وقد دحض بذلك نظرية التوالد العفوي. وأكد باستور عام 1861 أن الاختمار الزبدي ينتج من تأثير نقاعيات infusoires لا هوائية.
- وفي عام 1862 عيِّن باستور عضواً في المجمع العلمي الفرنسي، وبعد عدة أشهر من ذلك توفي أستاذه بيو Biot فعكف على متابعة أبحاثه عن الاختمار، وأعلن أن هدفه هو التوصل إلى معرفة الأمراض المسببة للتعفنات والأمراض السارية. وفي عام 1864 درس باستور نمو الخمائر في الأنبذة، وتبين له أن تسخين النبيذ قليلاً يحفظه من الاختمار. وفي عام 1867 عرض باستور أمام الصناعيين أهمية أثر الخميرة الخلّية Mycoderma aceti في صناعة الخل وشرح آلية تكوّن الخل وأسباب الخطأ أو الإخفاق في صنعه.
- وفي عام 1868 أصيب باستور بشلل شِقِّه الأيسر، وقد شُفي منه بعد عام تقريباً. وقام بعد ذلك بدراسات عن الجعة bière توصل بها إلى وضع خطة لحفظها بالتسخين لدرجة 50ْـ55ْس. وفي عام 1877 درس باستور مرض الجمرة charbon، واستطاع عزل جرثومة هذا المرض. وفي عام 1878 عرض بحثاً عن الجراثيم وأثرها في إحداث الأمراض، ودرس في العام نفسه قيح الدمامل. اهتم باستور بعد ذلك بدراسة الهَيضة choléra في الدجاج فلاحظ أن المستنبتات الجرثومية القديمة تفقد فوْعتها virulence، وأنها لا تسبب حدوث المرض في الدجاج الملقح بها فضلاً عن أن الدجاج المذكور لم يعد ليتأثر من المستنبتات الجرثومية الحديثة وهكذا توصل باستور إلى مبدأ التلقيح بالجراثيم الموهَّنة attenués.
- وقد لخص بول برت Paul Bert ما توصل إليه باستور بدراسته عن الاختمار والجراثيم بالنقاط الثلاث التالية:
      ° إن كل حادثة اختمار تنتج من جرثوم معين.
      ° إن كل مرض سارٍ ينتج من نمو جرثوم في الجسم.
      ° إن الجرثوم الذي يزرع في شروط خاصة يخف تأثيره وتضعف فعاليته ويصير حينئذٍ لقاحاً.
- وفي عام 1881 انتخب باستور عضواً في المجمع العلمي الفرنسي. وفي عام 1884 عكف على دراسة مرض الكَلَب rage فجرب نقل هذا المرض إلى الأرنب بزرقه بلعاب الكلب المصاب أو بدمه، ثم قام بزرق الأرنب بأجزاء صغيرة من المخ، وأخيراً اكتشف أن التلقيح داخل المخ يحدث كَلَباً نموذجياً. وقد تمكن باستور من أن يوهن الفوْعة بتجفيف النخاع الشوكي للأرانب الملقَّحة.
- وفي عام 1885 أُرسل صبي يبلغ التاسعة من العمر إلى باستور لمعالجته، وكان قد عضَّ هذا الصبي كلبٌ مكلوب، فبدأ باستور معالجته بزرقه بنخاع موهَّن، ثم كرر الزرق بنخاعات فوعاتها متزايدة تدريجياً، وقد شفي الصبي بعد أن عولج مدة شهر بهذه الخطة؛ وبعد مضي عدة أشهر على هذه الحادثة عولج شخص آخر معضوض بالطريقة التي عولج بها الصبي فشفي أيضاً، وهكذا شاعت هذه الطريقة لوقاية المعضوضين من الإصابة بالكَلَب.
- وفي عام 1886 أقر المجمع العلمي الفرنسي مشروع إنشاء معهد باستور، وفي هذه السنة نفسها مرض باستور فسافر إلى الجنوب ليقيم بعض الوقت مع أفراد أسرته. وبعد أن عاد إلى باريس أُصيب بمرض عصبي اضطره إلى الحد من نشاطه العلمي. وفي عام 1888 افتتح معهد باستور وفي عام 1892 أُقيم احتفال في السوربون Sorbonne بمناسبة بلوغ باستور سن السبعين. وقد اكتشفت بفضل أبحاث تلاميذ باستور جراثيم الخناق diphterie والطاعون peste وذيفانات الجراثيم، ووضع رو Roux عام 1894 خطة لمداواة الخناق بطريق المعالجة المصلية sérothérapie
- قام باستور بفصل الأشكال الكريستالية اليسرى واليمنى عن بعضها البعض لتشكيل كومة من البلورات: في المحلول ، استدار أحد الأشكال الضوء إلى اليسار ، والآخر إلى اليمين ، في حين ألغى مزيج متساوي من الشكلين دوران بعضهما البعض. وبالتالي ، لا يقوم الخليط بتدوير الضوء المستقطب.
- باستور وحقيقة أصل الحياة
- تقدم باستور نحو النجاح العظيم باجتهاده وتابع بكل جهده اكتشاف لغز الحياة والموت. قال :" أرجو أن أوفق في خطواتي قريباً بالإجابة عن سؤال الأجيال بألا يستغرق طويلاً بحث هذا الموضوع الشائك خاصة أن الناس يؤمنون بأن الحياة تنشأ تلقائياً من مادة ميته حسب مقولة أرسطو الشهيرة " الحياة تنشأ من جسم رطب يجف أوجسم جاف يرطب."
- وذكر فرجيل شيئاً قريباً من قول أرسطو حين قال: "إن النمل ينبثق إلى الحياة من جيفة ثور". وأمام ثبات واستقرار هذه القناعات المسبقة الجاهزة في عقول الناس حوله، كان عليه أن يتجرأ على هذا الإيمان القديم وأن يستعد في الوقت نفسه كي يتحّمل رشقات سهام المؤمنين به لأن أكثرهم علماً كان اشدّهم انتقاداً، وتطاولاً عليه إلى حد أن نعتوه بالمشعوذ والمهرّج ..
- وحين أعلن بعض العلماء من معاصريه للنّاس صحة الخلق التلقائي الذي قال به أرسطو. ابتسم باستور وقال لزوجته ماقاله لأبيه في رسالة: " التجارب بعيدة عنهم كل البُعد، أما ما يقولونه عني فلا قيمة له عندي ولاشأن وعلى رجل العلم أن يفكر بما سيُقال عنه في الأجيال المقبلة لا بالتجريح أوالمديح الذي يُغدق عليه في حاضره".
- وقد وصل الجدل حول أصل الحياة إلى لجنة أقرت رأي باستور الذي يقول بأن الحياة وحدها تستطيع أن توجد حياة أخرى وهكذا انتصر باستور حين توصل إلى اكتشاف حقيقة أصل الحياة فصار عميداً لجامعة العلوم في مدينة ليل.
- البسترة
- لويس پاشستير في معمله، بريشة ألبرت إدلفلت في 1885
- بعد أن اكتشف حقيقة أصل الحياة، بدأ يفكر بقضية أخرى لعلّها أعظم أهمية من الأولى وهي: كيف يحفظ الحياة؟ !شاع عنه ذلك لدرجة أن الناس، هرعوا إليه عندما هبط داءٌ خطير بدودة القز. تذمروا عندما لم يجدوا الدواء المناسب بالسرعة المناسبة. وكان يردُّ عليهم بالصبر أخذ الموت أحد أبنائه، وما جفّت دمعته حتى اختطف الثاني، ثم تطاول على ولده الثالث فهمس في أذنه صديق حميم: " ... أما أن تتابع عملك في مثل هذه الظروف القاسية فجرأة ما بعدها جرأة.."
- أجابه باستور:" أجهل يا صاحبي مايتعلق بجرأتي كل الجهل، ولكن أعلم ما يتعلق بواجبي كلَّ العلم".
- هذا العلم بالواجب جعله يلازم عمله رغم العواصف حوله بحيث كان يعمل ثماني عشرة ساعة كلَّ يوم. بعد تجارب تميزت بالصبر أعلن " باستور" أن مرض دودة القز موروث عن بيض موبوء، ونادى بإبادة هذا البيض عند ذلك حاول تجار البيض الانتقام منه وأطلقوا الشائعات ضده وكان يجيب دائماً بالصبر إلى أن تحّول الناس إلى الإيمان بما قال . أقام له سكان القرية التي اشيع أنه طُرد منها تمثالاً تقديراً له .. وعندما وصله علمُ ذلك قال معلقاً :" (.. أنا لا أجد في الرخام مجداً وشرفاً فإنما مجدي وشرفي في تخفيف أذى النكبة التي ألّمت ببلادي ولو على حساب التضحيّة بشخصي...".
- وحين تعجب الكثيرون من أن عمله الدؤوب لم يعد عليه بغير العيش الشريف المتواضع ومنهم نابليون الثالث عندما التقى به قال باستور يرد عليهم: " يحط العالم من قدر نفسه إذا عمل في سبيل نفعه الشخصي . " .
- صار باستور شهيراً إلى حد كانت فرنسا تهرع إليه عند كل وباء يؤثر في اقتصادها.
- على أثر صفقة فاسدة خسرت بلاده معها الملايين، اكتشف مبدأ التعقّيم المشهور باسم البسترة الذي جاء نسبةً إلى اسم باستور )والذي ينعم به العالم جميعه. قضى بعملية التعقيم هذه على الطفيليات التي كانت تعيث فساداً في طعامنا وشرابنا في عام 1867م نشر دراسته الشهيرة عن التخمير، وطارت شهرته واعتبرته الأوساط العلمية أعظم حجّة للكيمياء في عصره.
- توصل باستور نتيجة تجاربه إلى أهمية عملية التطهير أثناء العمل الجراحي، تطهير اليدين والضمادات والمشارط لأنها تحمل ملايين الجراثيم التي يحفل بها الهواء، وكانت النتائج باهرة منذ البداية حيث انخفضت نسبة الوفيّات في العمليات الجراحية خلال عامين من 90% إلى 15%.

المصدر : ويكيبيديا + مواقع إلكترونية.

كيف كانت أحداث الحرب الباردة ؟

أحداث الحرب الباردة

كيف كانت أحداث الحرب الباردة ؟

تعتبر الحرب الباردة صراعاً دام لعقود من أجل التفوق العلمي الذي وضع الولايات المتحدة الرأسمالية ضد الاتحاد السوفياتي الشيوعي، وقد بدأت الحرب الباردة بين منتصف وأواخر عام 1945م وهو الوقت الذي بدأت فيه العلاقات بين موسكو وواشنطن بالتدهور، مما ساعد هذا التدهور في نشوب الحرب الباردة المبكرة وفتح الطريق لنضال ديناميكي بين القوى العظمى.
وقد شهدت هذه الحرب العديد من الأحداث :

مؤتمرات زمن الحرب مابعد حرب أوروبا :

اخلتف الحلفاء حول كيف ينبغي ان تبدو الخريطة الاوربية وكيفية وضع حدودها عقب الحرب. حيث عقد كل جانب افكار متباينة فيما يتعلق بإنشاء الأمن والحفاظ علية فيما بعد الحرب. أراد الحلفاء الغربيين نظام امن انشائته الحكومات الديموقراطية على اوسع نطاق ممكن فأن البلدان التي تسمح لحل سلمي للخلافات عن طريق المنظمات الدولية. وبالنظر أيضا إلى التجارب التاريخية الروسية للغزوات المتكرره وحصيلة القتلى الهائلة (تقدر بنحو 27 مليون) وتدمير الاتحاد السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية، فقد سعى الاتحاد السوفياتي لزيادة الأمن وذلك من خلال الهيمنة على الشؤون الداخلية للدول التي تحدها.. خلال الحرب انشاء ستالين مراكز تدريبية خاصة للشيوعيين من مختلف البلدان حتى يتمكنوا من إقامة قوات الشرطة السرية الموالية لموسكو في أقرب وقت وتولي الجيش الأحمر السيطرة. أستغرق وكلاء السوفيت في السيطرة على وسائل الإعلام ولاسيما الإذاعة بمضايقات سريعة ثم حظر لجميع المؤسسات المدنية المستقلة من مجموعات الشباب إلى المدارس والكنائس والأحزاب السياسية المتنافسة. وسعى ستالين أيضا لأستمرار السلام مع بريطانيا والولايات المتحدة، أملا في التركيز على إعادة البناء الداخلي والنمو الاقتصادي. أنقسم الحلفاء الغربييون في رؤيتهم للعالم الجديد عقب الحرب. اهداف روزفيلت: وهي تحقيق الانتصار العسكري في كل من أوروبا وأسيا والتفوق العالمي للاقتصاد الأمريكي على الأمبروطورية البريطانية وإنشاء منظمة السلام العالمي, كانت أكثر عالمية من أهداف تشرشل والتي ركزت بشكل اساسي بضمان السيطرة على البحر الأبيض المتوسط وضمان بقاء الامبروطورية البريطانية واستقلال دول أوروبا الوسطى والشرقية كقوى عازلة بين السوفييت والمملكة المتحدة. في وجهة نظر أمريكية بدا ستالين حليفا محتملا في تحقيق أهدافها في حين انه في النهج البريطاني ظهر ستالين أكبر تهديد لتحقيق أجندتها. ومع الاتحاد السوفياتي اللذي احتل معظم أوروبا الوسطى والشرقية فأن ستالين كان ميزة ينافس عليها اثنين من القادة الغربيين للحصول على امتيازاته. ادت الخلافات بين روزفيلت وتشارشل لعدة صفقات منفصلة مع السوفييت. في أكتوبر عام 1944, سافر تشرشل إلى موسكو ووافق على تقسيم البلقان إلى ميادين لكل منها تأثيرها اما في يالطا فقد وقع روزفلت اتفاق منفصلا مع ستالين فيما يخص أسيا ورفض دعم تشرشل بشأن قضايا بولندا والتعويضات. بالإضافة إلى، دخول التحالف في مفاوضات بشأن مكانة التوازن عقب الحرب في مؤتمر يالطا في فبراير عام 1945 وإن كان هذا المؤتمر فشل أيضا في التوصل لإتفاق راسخ على إيطار التسوية فيما بعد الحرب في أوروبا.. في ابريل عام 1945, توفي الرئيس فرانكلين روزفيلت وخلفه هاري ترومان اللذي لايثق في ستالين واتجه للحصول على المشورة لنخبة من مثقفين السياسة الخارجية. عارض كلا من تشرشل وترومان بين أمور أخرى قرار السوفييت في دعم حكومة لوبلين والسيطرة السوفييتيه لمنافسة منفى الحكومة البولندية في لندن والعلاقات المنقطعة مع السوفيت. بعد أنتصار الحلفاء في مايو عام 1945, احتل السوفيت أوروبا الوسطى والشرقية بفعالية، بينما بقيت الولايات المتحدة وقوات التحالف الغربية القوية في أوروبا الغربية. أنشاء الأتحاد السوفياتي والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا في ألمانيا التي يحتلها الحلفاء مناطق الاحتلال ووضع ايطار فضفاض لتتوزع السيطرة بين القوى الأربعة. أنشاء مؤتمر الحلفاء في سان فرانسيسكو عام 1945 الأمم المتحدة متعددة الجنسيات (UN) للحفاظ على السلام العالمي ولكن القدرة على تطبيق مجلس الأمن الدولي كان مشلولا بفعالية من امكانية أفرادها على استخدام حق النقيض.. وبناء عليه، جرى تحويل اساسي للأمم المتحدة إلى منتدى خاص لتبادل الخطاب، والتي ينظر اليها السوفياتيين بمثابة منصة دعائية.

مؤتمر بوتسدام وهزيمة اليابان :

ظهرت خلافات خطيرة في مؤتمر بوتسدام - الذي بدأ في أواخر يوليو بعد استسلام ألمانيا - حول مستقبل ألمانيا وبقية أوروبا الوسطى والشرقية. علاوة على ذلك، ساهم تصاعد لغة الكرهية والعدوانية للمشاركين في تأكيد شكوكهم حول النوايا العدوانية لبعضهم البعض وترسيخ مواقفهم. أبلغ ترومان - في هذا المؤتمر ستالين أن الولايات المتحدة تمتلك سلاحاً جديداً قوياً.


كان ستالين على وعي أن الأمريكيين يعملون على القنبلة الذرية، ونظراً إلى أن البرنامج المنافس الخاص بالاتحاد السوفياتي مُلائم، أظهر ستالين ردود فعل هادئة. أعرب الزعيم السوفياتي عن سعادته بتلك الأنباء وأمله في أن يستخدم السلاح ضد اليابان. بعد أسبوع واحد من انتهاء مؤتمر بوتسدام، قصفت الولايات المتحدة هيروشيما وناغازاكي. بعد الهجمات بفترة قصيرة، احتج ستالين إلى المسؤولين الأمريكيين عندما عرض ترومان على السوفييت نفوذ حقيقي ضئيل في اليابان المُحتلة.

بدايات الكتلة الشرقية :

وضع الاتحاد السوفياتي أساس نشأة الكتلة الشرقية - خلال المراحل الأولى من الحرب العالمية الثانية - بضم عدة دول مباشرة لتُكون جمهوريات الاتحاد السوفياتي، والتي تنازلت عنها مبدئياً(وفعلياً) ألمانيا النازية في الاتفاق الألماني السوفييتي. تشمل تلك الدول شرق بولندا (أًدرجت في جمهوريتين مختلفتين تابعتين لجمهوريات الاتحاد السوفياتي)، ولاتفيا (التي صارت جمهورية لاتفيا السوفياتية الاشتراكية)، وإستونيا (التي صارت جمهورية إستونيا السوفياتية الاشتراكية)، وليتوانيا (صارت جمهورية ليتوانيا السوفياتية الاشتراكية)، وجزء من شرق فنلندا (صارت جمهورية كاريليا الفنلندية السوفياتية الاشتراكية) وشرق رومانيا (صارت جمهورية مولدوفا السوفياتية الاشتراكية).

أُضيفت الأراضي التابعة لوسط وشرق أوروبا - الني حُررت من النازيين واحتُلت من القوات المسلحة السوفياتية - إلى الكتلة الشرقية بتحويلها إلى دول تابعة مثل شرق ألمانيا، وجمهورية بولندا الشعبية، وجمهورية بلغاريا الشعبية، وجمهورية المجر الشعبية، وجمهورية تشيكوسلوفاكيا الاشتراكية،[5] وجمهورية رومانيا الشعبية، وجمهورية ألبانيا الشعبية.

أعادت الأنظمة التي نشأت على النمط السوفياتي في الكتلة الشرقية ليس فقط الاقتصاد السوفياتي المُوجه، لكن أيضاً تبنت الطرق الوحشية التي استخدمها جوزيف ستالين والشرطة السرية السوفياتية لقمع المعارضة الحقيقية والمحتملة. كما سيطر الجيش الأحمر - في آسيا - على منشوريا في الشهر الأخير من الحرب، واستمر في احتلال أجزاء كبيرة من الأراضي الكورية الواقعة شمال خط العرض 38.

أشرفت المفوضية الشعبية للشؤون الداخلية - بقيادة لافرينتي بيريا - على وضع أنظمة الشرطة السرية على النمط السوفياتي في الكتلة - كجزء من تعزيز سيطرة ستالين على الكتلة الشرقية -، والتي من المفترض أن تقضي على المقاومة المناهضة للشيوعية. عندما بدأت الشرارات الأولى للاستقلال في الظهور في الكتلة الشرقية، اتبع ستالين الاستراتيجية التي استخدمها للتعامل مع منافسيه الداخليين في فترة قبل الحرب: أُزيلوا من السلطة، وقُدموا للمحاكمة، وسُجنوا، وفي عديد من الحالات، أُعدموا.

قلق ونستون تشرشل - رئيس الوزراء البريطاني - من وجود تهديد سوفيتي لأوروبا الغربية، نظراً للحجم الهائل للقوات السوفياتية المنتشرة في أوروبا في نهاية الحرب، واعتقاد أن جوزيف ستالين - القائد السوفياتي - غير موثوق به.

الاستعداد لحرب جديدة :

ساعدت "الرسالة التلغرافية الطويلة" ل "جورج كينان" القادمة من موسكو - في فبراير عام 1946 - في التعبير عن التشدد المتزايد لحكومة الولايات المتحدة في التعامل مع السوفييت، كما أصبح الأساس الاستراتيجي للولايات المتحدة في التعامل مع الاتحاد السوفييتي خلال فترة الحرب الباردة. في سبتمبر التالي أصدر الجانب السوفياتي تلغراف نوفيكوف - أرسله السفير السوفياتي لكن كُلف فياتشيسلاف ميخائيلوفيتش مولوتوف به كما ساعد في تأليفه - حيث وصف الولايات المتحدة بكونها واقعة في قبضة الرأسماليين الاحتكاريين الذين يعملون على بناء القدرة العسكرية "لتهيئة الظروف للفوز بالسيادة العالمية في حرب جديدة".

في 6 سبتمبر عام 1946 ألقى جيمس بيرنز خطاباً في ألمانيا يستنكر فيه خطة مورجنثاو (وهو اقتراح بتقسيم ألمانيا ما بعد الحرب وإزالة إمكانيات التصنيع بها)، ويحذر السوفييت أن الولايات المتحدة تهدف إلى الحفاظ على الوجود العسكري في أوروبا إلى أجلٍ غير مُسمى. كما اعترف بيرنز بعد مرور شهر أن "جوهر برنامجنا هو الفوز بالشعب الألماني ... كانت معركة بيننا وبين روسيا للاستحواذ على العقول..."

بعد أسابيع قليلة من إرسال " الرسالة التلغرافية الطويلة"، ألقى رئيس الوزراء البريطاني السابق خطابه الشهير "الستار الحديدي" في فولتون بولاية ميزوري. دعا الخطاب إلى تحالف أنجلو-أمريكي ضد الاتحاد السوفياتي الذين اتهمهم بإنشاء ستار حديدي من شتتين في بحر البلطيق إلى ترييستي في البحر الأدرياتيكي.

كومنفورم وانفصال تيتو-ستالين :

في سبتمبر عام 1947 أنشأ السوفييت الكومنفورم بغرض فرض العقيدة داخل الحركة الشيوعية العالمية، وتشديد السيطرة السياسية على الدول التابعة للاتحاد السوفياتي من خلال تنسيق الأعمال بين الأحزاب الشيوعية في الكتلة الشرقية. واجه الكومنفورم إخفاق حرج في يونيو التالي عندما ألزم انفصال تيتو-ستالين أعضائها بطرد يوغوسلافياالتي ظلت شيوعية لكن تبنت موقف عدم الانحياز.

سياسة الاحتواء ومبدأ ترومان :

بحلول عام 1947 حث مستشارو الرئيس الأمريكي هاري ترومان باتخاذ خطوات فورية لمواجهة نفوذ الاتحاد السوفياتي، مُشيراً إلى جهود ستالين (وسط ارتباك وانهيار ما بعد الحرب) لتقويض الولايات المتحدة من خلال تشجيع التنافس بين الرأسماليين التي يُمكن أن تُعجل حرب أخرى. في فبراير عام 1947 أعلنت الحكومة البريطانية أنها لم تعد قادرة على تمويل النظام العسكري الملكي اليوناني في الحرب الأهلية ضد المتمردين تحت سيطرة الشيوعية.

تبنت الحكومة الأمريكية سياسة الاحتواء رداً على تلك الأنباء، والهدف من ذلك هو وقف انتشار الشيوعية. ألقى ترومان خطاب يدعو فيه لتخصيص 400 مليون دولار للتدخل في الحرب؛ الأمر الذي كشف النقاب عن مبدأ ترومان، والذي حدد إطار الصراع على أنه منافسة بين الشعوب الحرة والأنظمة الشمولية. على الرغم من مساعدة يوغوسلافيا التابعة لجوزيف بروز تيتو للمتمردين، اتهم صناع السياسة الأمريكيين الاتحاد السوفياتي بالتآمر ضد الملكيين اليونانيين في محاولة لتوسيع نظاق النفوذ السوفياتي.

أرخ إعلان مبدأ ترومان بداية التوافق في السياسة الخارجية وسياسة الدفاع للولايات المتحدة بين الحزب الديمقراطي والجمهوري التي ركزت على الاحتواء والردع، والتي ضعفت أثناء وبعد حرب فيتنام، لكنها استمرت بعد ذلك في النهاية. أعطت الأحزاب المعتدلة والمحافظة في أوروبا - فضلاً عن الديمقراطيين الاشتراكيين - بالفعل الدعم غير المشروط إلى التحالف الغربي؛ بينما انضم الشيوعيون الأمريكيون والأوروبيون - المدفوعين من قبل الاستخبارات السوفييتية والمشاركين في العمليات الاستخباراتية - إلى صف موسكو على الرغم من بدء ظهور الانشقاق بعد عام 1956. ظهرت انتقادات لسياسات التوافق من قبل نشطاء مناهضين لحرب فيتنام وحملة نزع السلاح النووي وحركة تجميد البرنامج النووي.

مشروع مارشال وانقلاب تشيكوسلوفاكيا :

في أوائل عام 1947 فشلت كل من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة في الوصول إلى اتفاق مع الاتحاد السوفياتي بشأن خطة تُحقق اكتفاء ذاتي اقتصادي لألمانيا، بما في ذلك حساب مُفصل بشأن المنشآت الصناعية والسلع والبنية التحتية التي أزالها السوفييت بالفعل. في يونيو عام 1947 بالتزامن مع مبدأ ترومان، فَعَّلت الولايات المتحدة خطة مارشال؛ وهو تعهد بتقديم المساعدات الاقتصادية لجميع دول أوروبا الراغبة بالمشاركة، بما في ذلك الاتحاد السوفياتي.

هدفت الخطة لإعادة بناء النظم الاقتصادية والديمقراطية لأوروبا ومواجهة التهديدات الملموسة لتوازن السلطة في أوروبا مثل فرض سيطرة الأحزاب الشيوعية من خلال الثورات والانتخابات. أكدت الخطة أيضاً على أن الازدهار الأوروبي يتوقف على تعافي الاقتصاد الألماني. بعد مرور شهر وقع ترومان قانون الأمن الوطني لعام 1947، مما ترتب عليه إنشاء وزارة دفاع موحدة، ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، ومجلس الأمن القومي (NSC). أصبحت تلك السلطات البيروقراطيات الأساسية لسياسة الولايات المتحدة في الحرب الباردة.

يعتقد ستالين أن التكامل الاقتصادي مع الغرب يتيح لدول الكتلة الشرقية الهروب من السيطرة السوفياتية، وأن الولايات المتحدة كانت تحاول عقد صفقة لكسب دولة موالية ومنحازة للولايات المتحدة في أوروبا. لذلك منع ستالين دول الكتلة الشرقية من تلقي مساعدات خطة مارشال. أصبحت خطة مولوتوف (والتي أخذت طابع مؤسسي في يناير عام 1949 يُعرف بمجلس التعاون الاقتصادي) هي بديل الاتحاد السوفياتي لخطة مارشال، والتي تزعم تضمن التجارة والمساعدات السوفياتية مع أوروبا الوسطى والشرقية. كان يخشى ستالين من إعادة إعمار ألمانيا؛ فرؤيته لألمانيا بعد الحرب لا تشمل القدرة على إعادة تسليح نفسها أو تشكيل أي نوع من التهديد للاتحاد السوفياتي.

في أوائل عام 1948 بعد متابعة تقارير عن تعزيز "العناصر الرجعية"، قضى عملاء الاتحاد السوفياتي على انقلاب في تشيكوسلوفاكيا، وهي الدولة الوحيدة في الكتلة الشرقية التي سمح السوفييت بالاحتفاظ بهياكل الديمقراطية بها. أصاب القمع الوحشي لجموع الانقلاب صدمة لدول الغرب أكثر من أي حدث حتى ذلك الوقت، مع إطلاق العنان لذعر من حدوث حرب وجرفت آخر بقايا المعارضة لخطة مارشال في الكونغرس الأمريكي.

أدت السياستان التوأم لمبدأ ترومان وخطة مارشال إلى بلايين من المساعدات العسكرية والاقتصادية لأوروبا الغربية واليونان وتركيا. فاز الجيش اليوناني في الحرب الأهلية بفضل مساعدة الولايات المتحدة. تحت قيادة ألتشيدي دي غاسبيري، هزم الحزب الديمقراطي المسيحي الإيطالي التحالف الشيوعي الاشتراكي الضخم في انتخابات عام 1948. في نفس الوقت كان هناك زيادة في النشاط الاستخبارتي والتجسسي، وانشقاقات الكتلة الشرقية، والترحيل الدبلوماسي.

حصار برلين والجسر الجوي :

دمجت الولايات المتحدة وبريطانيا الأراضي المحتلة لألمانيا الغربية التابعة لهم في اتحاد ذي منطقتين (كان ذلك 1 يناير عام 1947، صارت فيما بعد اتحاد ذي ثلاث مناطق بعد انضمام فرنسا إليهم عام 1949). في أوائل عام 1948، أعلن ممثلي الولايات المتحدة وعدد من الحكومات الأوروبية الغربية - كجزء من إعادة البناء الاقتصادي لألمانيا - اتفاقية لدمج المناطق الألمانية الغربية إلى نظام حكومي فيدرالي. بالإضافة إلى ذلك، وفقاً لخطة مارشال، بدأوا بإعادة بناء وتصنيع الاقتصاد الألماني، بما في ذلك إدخال عملة المارك الألمانية الجديدة بدلاً من العملة القديمة رايخ مارك التي بخس السوفييت من قيمتها.

بعد ذلك بفترة قصيرة، فرض ستالين حصار برلين (24 يونيو 1948 - 12 مايو 1949)؛ وهي واحدة من الأزمات الكبرى للحرب الباردة حيث مُنعت المواد الغذائية والمعدات والإمدادات من الوصول إلى غرب برلين. بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وعدة بلدان أخرى في إمداد غرب برلين بالطعام وغيرها من المؤن من خلال جسر برلين الجوي الضخم.

شن الاتحاد السوفياتي حملة علاقات عامة ضد تغيير السياسة المتبعة. كما حاول شيوعيو ألمانيا الشرقية مرة أخرى تعطيل الانتخابات البلدية لبرلين (كما فعلوا في انتخابات 1946)، التي عُقدت 5 ديسمبر 1948 وكانت نسبة الإقبال بها تتعدى 86.3%، وكانت النتيجة فوزاً ساحقاً للأحزاب غير الشيوعية. كانت النتائج ذي تأثير فعال مما تسبب بتقسيم المدينة إلى شرق وغرب لما كان عليه سابقاً. تظاهر نحو 300000 برليني، ودعوا لاستمرار الجسر الجوي الدولي، كما قام غيل هالفرسون - طيار في السلاح الجوي الأمريكي - بعمليات نقل مؤن، والتي وفرت الحلوى للأطفال الألمان. في مايو عام 1949 تراجع ستالين ورفع الحصار.

في عام 1952 اقترح ستالين عدة مرات خطة لتوحيد شرق وغرب ألمانيا في ظل حكومة واحدة منتخبة تحت إشراف الأمم المتحدة إذا كانت ألمانيا الجديدة ستظل خارج التحالفات العسكرية الغربية. رفضت السلطات الغربية هذا الاقتراح نتيجة لطعن بعض المصادر في صدق الاقتراح.

بدايات حلف الناتو وإذاعة أوروبا الحرة :

وقعت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وكندا وثماني دول أوروبية غربية معاهدة حلف شمال الأطلسي في أبريل عام 1949، والذي مهد لتأسيس منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو). في أغسطس التالي تم تفجير أول مفاعل نووي سوفيتي في سيميبالاتينسيك في كازاخستان السوفياتية. بعد رفض الاتحاد السوفياتي المشاركة في جهود إعادة إعمار ألمانيا التي أطلقتها الدول الأوروبية الغربية عام 1948، قادت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا تأسيس ألمانيا الغربية ابتداءً من المناطق الغربية الثلاثة المحتلة في أبريل 1949. أعلن الاتحاد السوفياتي منطقته المحتلة في ألمانيا - في أكتوبر التالي - الجمهورية الديمقراطية الألمانية.

كان الإعلام في الكتلة الشرقية جهازاً من أجهزة الدولة؛ يعتمد كلياً على الحزب الشيوعي وتابعاً له بالتزان مع منظمات الإذاعة والتليفزيون التابعة للدولة، بينما تمتلك المنظمات السياسية عادة وسائل الإعلام المقروءة والتي تكون غالباً مملوكة من الحزب الشيوعي المحلي. استخدمت الدعاية السوفياتية الفلسفة الماركسية لمهاجمة الرأسمالية، وادعت أن الاستغلال في العمل والإمبريالية المُروجة للحرب أشياء متأصلة في النظام.

بدأ بث إذاعة أوروبا الحرة/الإذاعة الحرة كجهد دعائي كبير عام 1949 - جنباً إلى جنب مع بث هيئة الإذاعة البريطانية وصوت أمريكا في أوروبا الوسطى والشرقية - مُكرسة جهودها لمحاولة تحقيق الزوال السلمي للنظام الشيوعي في الكتلة الشرقية. حاولت إذاعة أوروبا الحرة تحقيق تلك الأهداف من خلال عملها بمثابة محطة إذاعية منزلية بديلة، بديلاً عن الصحافة المحلية التي يسيطر عليها الحزب ويهيمن عليها. إذاعة أوروبا الحرة هي نتاج واحد من أبرز مهندسي الاستراتيجية الأمريكية للحرب الباردة المبكرة؛ خاصة أولئك الذين اعتقدوا أن خوض الحرب الباردة سيكون أخيراً بوسائل سياسية لا عسكرية مثل جورج كينان.

اعترف صناع الحرب الأمريكيين - بما فيهم كينان وجون فوستر دالاس - أن الحرب الباردة كانت في جوهرها حرب أفكار. مولت الولايات المتحدة - التي تعمل من خلال وكالة المخابرات المركزية - قائمة طويلة لمواجهة النداء الشيوعي بين المثقفين في أوروبا والعالم النامي. ترعى وكالة المخابرات المركزية سراً أيضاً حملة دعائية محلية تُدعى الحملة الصليبية من أجل الحرية.

عملت الولايات المتحدة - في أوائل خمسينيات القرن العشرين - لإعادة تسليح ألمانيا الغربية، وفي عام 1955 حصلت على عضويتها الكاملة في حلف الناتو. قدمت بيريا في مايو عام 1953 - التي تولت في ذلك الوقت منصب حكومي - اقتراح غير ناجح لإعادة توحيد دولة ألمانية محايدة لمنع ضم ألمانيا الغربية إلى حلف شمال الأطلسي.

الحرب الأهلية الصينية وسياتو :

في عام 1949 هزم جيش التحرير الشعبي لماو تسي تونغ حكومة الكومينتانغ الوطنية لشيانج كاي شيك المدعوم من الولايات المتحدة، وسارع الاتحاد السوفياتي لعقد تحالف مع جمهورية الصين الشعبية التي شكلت حديثاً. وفقاً لما قاله المؤرخ النرويجي أود أرني ويستاد، فقد ربح الشيوعيون الحرب الأهلية لأنها ارتكبت أخطاء عسكرية أقل من شيانج كاي شيك، ولأن في بحثه عن حكومة مركزية قوية، عادى شيانج الكثير من جماعات المصالح في الصين. علاوة على ذلك، تم إضعاف حزبه في الحرب ضد اليابان. في الوقت نفسه أخبر الشيوعيون مختلف المجموعات - مثل الفلاحين - ما يريدون سماعه بالضبط، وتستروا على أنفسهم في غطاء القومية الصينية.

تراجع شيانج وحكومة الكومينتانغ إلى جزيرة تايوان. بعد مواجهة الثورة الشيوعية في الصين ونهاية الاحتكار الذري الأمريكي عام 1949، أسرعت حكومة ترومان لتصعيد سياسة الاحتواء وتوسيعها. اقترح مجلس الأمن القومي في وثيقته السرية لعام 1950 (NSC-68) تعزيز نظم التحالف الموالي للغرب ومضاعفة الإنفاق على الدفاع.

انتقل مسؤولون من الولايات المتحدة بعد ذلك لتوسيع الاحتواء في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية لمواجهة الحركات القومية الثورية، التي تقودها في الغالب الأحزاب الشيوعية ويمولها الاتحاد السوفياتي، للنضال ضد استعادة الامبراطوريات الاستعمارية الأوروبية في جنوب شرق آسيا وكل مكان آخر. في أوائل خمسينيات القرن العشرين (تُعرف الفترة أحياناً باسم "Pactomania")، عقدت الولايات المتحدة سلسلة من التحالفات مع اليابان وأستراليا ونيوزيلندا وتايلاند والفلبين (لا سيما أنزوس عام 1951 وسياتو عام 1954)، وبالتالي يكفل للولايات المتحدة عدداً من القواعد العسكرية طويلة المدى.

الحرب الكورية :

كان واحداً من النتائج البارزة للاحتواء هو اندلاع الحرب الكورية. في يونيو 1950 الجيش الشعبي لشمال كوريا التابع لكيم إل سونغ اجتاح جنوب كوريا. خطط جوزيف ستالين للغزو وأعد له وبدأه، وأنتج خطط حرب مفصلة التي شاركها مع كوريا الشمالية. فوجئ ستالين لدعم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الدفاع عن كوريا الجنوبية، على الرغم أن الاتحاد السوفياتي قاطع الاجتماعات التي تتظاهر بسبب حصول تايوان والصين غير الشيوعية على مقعد دائم في مجلس الأمن. اجتمعت قوة من موظفي الأمم المتحدة من كوريا الجنوبية والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتركيا وكندا وكولومبيا وأستراليا وفرنسا وجنوب إفريقيا والفلبين وهولندا وبلجيكا ونيوزيلندا ودول أخرى لوقف الغزو.

كان من ضمن النتائج الأخرى أن الحرب الكورية حفزت حلف الناتو لتطوير البنية العسكرية. انقسم الرأي العام في البلدان المعنية - مثل بريطانيا العظمى ما بين مؤيد ومعارض للحرب. يخشي العديد التصعيد إلى حرب عامة مع الصين الشيوعية، وحتى حرب نووية. تسببت المعارضة القوية في الأغلب للحرب في توتر العلاقات الأمريكية البريطانية، لذلك سعى المسؤولون البريطانيون لوضع نهاية سريعة للصراع على أمل توحيد كوريا تحت رعاية الأمم المتحدة وانسحاب جميع القوات الأجنبية.

على الرغم أن الصين وشمال كوريا أُستنزفت بسبب الحرب، وكانوا على استعداد لإنهائها بنهاية عام 1952، لكن أصر ستالين على استمرار الصراع، وتمت الموافقة على الهدنة فقط في يوليو عام 1953 بعد وفاة ستالين. أسس كيم إل سونغ - زعيم كوريا الشمالية - لديكتاتورية شمولية ذات مركزية عالية - وهي مستمرة حتى الآن - ليمنح نفسه سلطة غير محدودة والتمهيد لعبادة الشخصية المفرطة. في جنوب كوريا، أدار إي سنغ مان -الديكتاتور المدعوم من أمريكا- نظام أقل وحشية بشكل ملحوظ لكن أكثر فساداً وتسلطاً. بعد الإطاحة بإي سنغ مان عام 1960، سقطت كوريا الجنوبية في خلال عام تحت الحكم العسكري الذي استمر حتى إعادة إنشاء نظام متعدد الأحزاب في أواخر ثمانينات القرن العشرين.

التصعيد :

  • خروتشوف وآيزنهاور وعملية اجتثاث الستالينية :

تسببت التغيرات في القيادة السياسية في كلا الجانبين - عام 1953 - في تحول دينامكية الحرب الباردة. نُصِّب دوايت آيزنهاور رئيس البلاد في يناير التالي. خلال ال18 أشهر الماضية من إدارة ترومان، تضاعفت ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية أربع مرات. عمل آيزنهاور على تقليل الإنفاق العسكري بنسبة الثلث مع الاستمرار في صراع الحرب الباردة على نحو فعال.


بعد وفاة جوزيف ستالين، أصبح نيكيتا خروتشوف الزعيم لسوفيتي بعد خلع لافرينتي بيريا وإعدامه، بالإضافة إلى التخلص من منافسيه مثل جورجي مالينكوف وفياتشيسلاف ميخائيلوفيتش مولوتوف. في 25 فبراير عام 1956، صدم خروتشوف مندوبي المؤتمر ال20 للحزب الشيوعي السوفياتي بعد تعديد جرائم ستالين وإدانتها. كجزء من حملة اجتثاث الستالينية، أعلن أن السبيل الوحيد للإصلاح والابتعاد عن سياسات ستالين هو الاعتراف بأخطاء الماضي.


في 18 نوفمبر عام 1958، بينما كان يلقى خطاباً للسفراء الغربيين في حفل استقبال بالسفارة البولندية في موسكو، ألقى خروتشوف تعبيره الشهير (إذا كنتم ترغبون ذلك أم لا، التاريخ هو ملكنا. سوف ندفنكم) الذي صدم جميع الحضور. ادعى بعد ذلك أنه لم يكن يتحدث عن حرب نووية، لكن عن انتصار الشيوعية المثبت تاريخياً على الرأسمالية. في عام 1961 أعلن خروتشوف أنه حتى لو كان الاتحاد السوفيت لم يلحق بالغرب، لكن في غضون عقد ستختفي أزمة الإسكان، وتتوفر السلع الاستهلاكية، وخلال عقدين من الزمان على الأغلب سيُكتمل بناء مجتمع شيوعي في الاتحاد السوفياتي.


استخدم جون فوستر دالاس - وزير خارجية آيزنهاور - سياسة "نيو لوك" في سياسة الاحتواء، داعياً إلى زيادة الاعتماد على الأسلحة النووية ضد أعداء الولايات المتحدة في وقت الحرب. أكد دالاس أيضاً على عقيدة "الانتقام الهائل" التي تهدد برد قاسٍ للولايات المتحدة على أي عدوان سوفيتي. سمح امتلاك التفوق النووي لآيزنهاور على مواجهة التهديدات السوفياتية للتدخل في الشرق الأوسط خلال العدوان الثلاثي عام 1956.

  • حلف وارسو والثورة المجرية :

بينما كان لموت ستالين أثره في تخفيف التوترات قليلاً عام 1953، ظل الوضع في أوروبا هدنة مسلحة غير مستقرة. عقد الاتحاد السوفياتي - الذي أنشأ بالفعل شبكة من معاهدات المساعدة المتبادلة في الكتلة الشرقية عام 1949 - تحالف رسمي هناك، وهو حلف وارسو عام 1955.

اندلعت الثورة المجرية عام 1956 بعد فترة وجيزة من ترتيب خروتشوف لعزل ماتياش راكوشي، الزعيم الستاليني للمجر. نتيجة للانتفاضة الشعبية، أزال النظام الجديد الشرطة السرية، مُعلناً نيته للانسحاب من حلف وارسو والتعهد بإعادة الانتخابات الحرة. قام الجيش السوفياتي بالغزو. اُعتقل آلاف المجريين وسُجنوا ورُحلوا إلى الاتحاد السوفياتي، وفر حوالي 200000 مجري من المجر خلال الفوضى. نُفذ حكم الإعدام على القائد المجري إيمري ناج وآخرين بعد محاكمات سرية.

ماذا تعرف عن الحرب الباردة ؟

الحرب الباردة

ماذا تعرف عن الحرب الباردة ؟

الحرب الباردة (Cold War) هو مصطلح يُستخدم لوصف حالة الصراع والتوتر والتنافس التي كانت توجد بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وحلفائهم من فترة منتصف الأربعينيات حتى أوائل التسعينيات.

خلال هذه الفترة، ظهرت الندية بين القوتين العظيمتين خلال التحالفات العسكرية والدعاية وتطوير الأسلحة والتقدم الصناعي وتطوير التكنولوجيا والتسابق الفضائي. ولقد اشتركت القوتان في الإنفاق الضخم على الدفاع والترسانات النووية والحروب غير المباشرة – باستخدام وكلاء.

في ظل غياب حرب معلنة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي قامت القوتان بالاشتراك في عمليات بناء عسكرية وصراعات سياسية من أجل المساندة. على الرغم من أن الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتى كانا حلفاء ضد قوات المحور إلا أن القوتين اختلفتا في كيفية إدارة ما بعد الحرب وإعادة بناء العالم. خلال السنوات التالية للحرب، انتشرت الحرب الباردة خارج أوروبا إلى كل مكان في العالم. حيث سعت الولايات المتحدة إلى سياسات المحاصرة والاستئصال للشيوعية وحشد الحلفاء خاصة في أوروبا الغربية والشرق الأوسط. خلال هذه الأثناء، دعم الاتحاد السوفياتي الحركات الشيوعية حول العالم خاصة في أوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية ودول جنوب شرق آسيا.

صاحبت فترة الحرب الباردة عدة أزمات دولية مثل أزمة حصار برلين 1948–1949 والحرب الكورية 1950–1953 وأزمة برلين عام 1961 وحرب فيتنام 1956–1975 والغزو السوفياتي لأفغانستان وخاصة أزمة الصواريخ الكوبية 1962 عندها شعر العالم أنه على حافة الانجراف إلى حرب عالمية ثالثة. آخر أزمة حدثت خلال تدريبات قوات الناتو 1983. شهدت الحرب الباردة أيضاً فترات من التهدئة عندما كانت القوتين تسعيان نحو التهدئة. كما تم تجنب المواجهات العسكرية المباشرة لأن حدوثها كان سيؤدى إلى دمار محتم لكلا الطرفين بسبب الأسلحة النووية.

اقتربت الحرب الباردة من نهايتها أواخر الثمانينات وبداية التسعينات. بوصول الرئيس الأمريكي رونالد ريغان إلى السلطة ضاعفت الولايات المتحدة ضغوطها السياسية والعسكرية والاقتصادية على الاتحاد السوفياتي. في النصف الثاني من الثمانينات، قدم القائد الجديد للاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشوف مبادرتي بيريستوريكا - إصلاحات اقتصادية – وغلاسنوت – مبادرة اتباع سياسات أكثر شفافية وصراحة. لينهار الاتحاد السوفياتي عام 1991 تاركا ً الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة في عالم أحادي القطب.

أصل تسمية "الحرب الباردة" :

هي حالة من الصراع والتوتر بين المعسكرين بقيادة الأمريكان من جهة والسوفيات من جهة أخرى، وقد أستخدم اللفظ لأول مرة من طرف الملك الإسباني خوان إيمانويل في القرن 14 ثم الاقتصادي الأمريكي برنارد باروش في بداية 1947 ثم أصبح شائع مع الصحفي ولتر ليمان. لا يوجد توافق بين المؤرخين فيما يتعلق ببداية الحرب الباردة. فبينما يقول معظم المؤرخين أنها بدأت بعد الحرب العالمية الثانية فورا، يقول بعض المؤرخون أنها بدأت في نهاية الحرب العالمية الأولى. على الرغم من أن المشكلات بين الإمبراطورية الروسية والإمبراطورية البريطانية والولايات المتحدة تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر، إلا أن الخلاف في وجهات النظر بين الشيوعية والرأسمالية يعود إلى عام 1917، عندما انطلق الاتحاد السوفياتى من الثورة الروسية كأول دولة شيوعية في العالم. هذا أدى إلى جعل العلاقات الأمريكية الروسية مصدر قلق ومشكلات لفترة طويلة.

أدت العديد من الأحداث إلى نمو الشك وعدم الثقة بين (الولايات المتحدة) والاتحاد السوفياتى مثل: التحدى البلشيفكى للرأسمالية –من خلال عمليات إسقاط عنيفة للنظم الرأسمالية واستبدالها بنظم شيوعية-، وانسحاب روسيا من الحرب العالمية الأولى عن طريق عقد معاهدة بريست ليتوفسك مع ألمانيا، وتدخل الولايات المتحدة في روسيا لدعم الحركة البيضاء خلال الحرب الأهلية الروسية، ورفض الولايات المتحدة الاعتراف بـالاتحاد السوفياتى حتى عام 1933.

أحداث أخرى حدثت في الفترة ما بين الحربين أدت إلى تعميق مناخ عدم الثقة المتبادل مثل: معاهدة رابللو والاتفاق على عدم الاعتداء بين ألمانيا والاتحاد السوفياتى.

نشأة مصطلح "الحرب الباردة" :

في نهاية الحرب العالمية الثانية استخدم الكاتب الإنجليزي جورج اورويل الحرب الباردة كمصطلح عام، في مقال له "أنت والقنبلة الذرية" نشر في 19 أكتوبر عام 1945 في صحيفة تريبيون البريطانية. تامل فالعالم يعيش في ظل تهديدات الحرب النووية، يتطلع أوريل إلى تنبؤات جيمس بورنوهام لإستقطاب العالم، وكتب: "أنظر إلى العالم بأسره، الانجراف لعدة عقود ليس من اجل الفوضى بل لإعادة فرض العبودية..."

وقد نوقشت نظرية جيمس برونوهام كثيرا ولكن قلة من الناس تناولت أثارها الإديولوجية, وهذا يعني نوع رؤية العالم ونوع معتقداتهم والبناء الاجتماعي اللذي ربما يسود في الدولة التي كانت لا تقهر وفي حالة "حرب باردة" دائمة مع جيرانها.

عندما نلاحظ ففي 10 مارس من عام 1946 كتب اورويل التالي "بعد مؤتمر موسكو في ديسمير الماضي بدات روسيا حرب باردة على الأمبروطورية البريطانية. جاء أول أستخدام لهذا المصطلح لوصف المواجهات السياسية بعد الحرب بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة في خطاب لبرنارد باروخ, وهو مستشار ذو نفوذ على الرؤساء الديموقراطيين، قال الصحفي هربرت بايارد في خطاب كتبه "دعونا لا نخدع نحن اليوم في خضم الحرب الباردة". قدم الكاتب الصحافي ولتر ليبمان المصطلح بشكل واسع النطاق في كتاب الحرب الباردة، وعندما سئل عام 1947 عن مصدر هذا المصطلح ارجعه الي مصطلح فرنسي ذكر عام 1930 la guerre froide.

الخلفية التاريخية للحرب الباردة :

هناك خلاف بين المؤرخين حول نقطة انطلاق الحرب الباردة. في حين ان معظم المؤرخين يعيدون اصولها إلى الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية مباشرة، فأخرون يقولون أنها بدأت في أواخر الحرب العالمية الأولى, هناك تاريخ يعود إلى أواسط القرن التاسع عشر رغم حدة التوتر بين الإمبروطورية الروسية وغيرها من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية. وجدت روسيا السوفياتية نفسها معزولة عن الدبلوماسية الدولية نتيجة للإستيلاء البلشفي عام 1917. صرح الرئيس فلاديمير لينين أن الاتحاد السوفياتي احيط "بالتطويق الرأسمالي المعادي" وينظر إلى الدبلوماسية كسلاح لأبقاء اعداء السوفيات منقسمين بدأ من إنشاء الكومنترون السوفياتي اللذي دعا إلى تقلبات ثورية في الخارج.. الزعيم الاحق جوزيف ستالين, اللذي نظر إلى الاتحاد السوفياتي بأنها "جزيرة الاشتراكية" وذكر أنه يجب أن نرى أن التطويق الرأسمالي الحالي أستبدل بالتطويق الاشتراكي. في وقت مبكر من عام 1925, أعلن ستالين أنه ينظر إلى السياسة الدولية كعالم ثنائي القطب فيه الاتحاد السوفياتي اللذي من شانه جذب الدول المنجذبة إلى الدول الاشتراكية أو الرأسمالية التي أيضا من شانها جذب الدول المنجذبة نحو الرأسمالية، في حين كان العالم في فترة "استقرار مؤقت للرأسمالية سبقت انهياره في نهاية المطاف. أثبتت الأحداث المختلفة قبل الحرب العالمية الثانية انعدام الثقة المتبادله والشك بين القوى الغربية والاتحاد السوفياتي، بعيدا عن التحدي الفلسفي العام اللذي صنعه الشيوعيين نحو الرأسمالية هناك دعم غربي للحركة البيضاء المناهضة للبلشفية في الحرب الأهلية الروسية, أن التمويل السوفياتي عام 1926 تسبب بإضراب العمال البريطاني العام لقطع العلاقات البريطانية مع الاتحاد السوفياتي، وأعلن ستالين عام 1927 التعايش السلمي مع الدول الرأسمالية "تراجع إلى الماضي", اظهرت الإدعاءات التآمرية خلال عام 1928 ومحاكمة شاختي المخطط بقيادة بريطانية فرنسية لانقلاب d'etat, ورفض أمريكي للاعتراف بالأتحاد السوفياتي حتى عام 1933 ومحاكمات موسكو الستالينية العظمى في موسكو مع ادعاءات تجسس بريطانية وفرنسية ويابانية وألمانية نازية .. مع ذلك كان كلا من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي منعزلتين بشكل عام مابين الحربيين العالميتين. وقع الاتحاد السوفياتي مع ألمانيا اتفاقية مبدئية بعدم الاعتداء. ولكن بعد عزو الجيش الألماني للاتحاد السوفياتي في يونيو 1941 والقصف الياباني لبيرل هاربور في ديسمبر كانون الأول عام 1941 شكل الاتحاد السوفياتي والقوى المتحالفة تحالف الائتلاف. وقعت بريطانيا على تحالف رسمي وقدمت الولايات المتحدة اتفاقية غير رسمية . في وقت الحرب، وفرت الولايات المتحدة لكل من بريطانيا والسوفيات طريق لبرنامج الإعارة والتأجير الخاص بها.. مع ذلك، ظلت ستالين مريب للغاية ويعتقد ان البريطانيين والأمريكان قد تأمروا لضمان تحمل السوفيات وطأت القتال على ألمانيا النازية. وفقا لوجهة النظر هذة، فأن الحلفاء الغربيون كانو يتعمدون فتح مواجهة ثانية ضد ألمانيا بهدف التدخل في آخر لحظة وتشكيل التسوية السلمية. وبالتالي، تركت المفاهيم السوفياتية في الغرب تيار خفي قوي من التوتر والعداء بين القوى المتحالفة.

نهاية الحرب الباردة :

انتهت الحرب الباردة عندما تولى ريتشارد نيكسون منصبه وهو رئيس الولايات المتحدة السابع والثلاثين ونائب الرئيس الأمريكي السادس والثلاثين، حيث إنه انتهج أسلوباً جديداً لإدارة العلاقات الدولية من خلال استخدام الاسلوب الدبلوماسي بدلاً من العسكري، فعمل على تشجيع الأمم المتحدة للاعتراف بالحكومة الصينية الشيوعية، كما أقام علاقات دبلوماسية مع بكين، وبالنسبة للاتحاد السوفياتي فقد تبنى سياسة الاسترخاء معه، ففي عام 1972م وقع رئيس الوزراء السوفياتي ليونيد بريجنيف معاهدة تحد من استخدام الأسلحة الاستراتيجية، والتي تمنع أيضاً تصنيع الصواريخ النووية سواء من الجانب السوفياتي أو الأمريكي، وكانت هذه المعاهدة بمثابة الخطوة التي تحد من التهديد بالحرب النووية، وبالرغم من ذلك قامت الحرب الباردة من جديد عندما استلم الرئيس رونالد ريغان الرئاسة، والذي اعتبر الوجود الشيوعي يشكل خطراً على الحرية، وظهر مبدأ ريغان الذي ينادي بالتمرد على الشيوعية ويقدم المساعدات المالية والعكسرية لمن يقاوم الخطر الشيوعي.

وعندما استلم غورباتشوف منصبه في عام 1985م وهو آخر رئيس للاتحاد السوفياتي قبل انهياره، أعاد بناء العلاقات الروسية مع الدول الأخرى، وكانت سياسته قائمة على أمرين هما الانفتاح السياسي، والإصلاح الاقتصادي، وفي عام 1989م ومع تراجع الاتحاد السوفياتي في أوروبا الشرقية عمدت الدول الشيوعية إلى إحلال حكوماتها وتغييرها إلى حكومات غير شيوعية، كما تم تدمير جدار برلين وهو الركن الأساسي والعامل الأهم في الحرب الباردة، وبحلول عام 1991م كانت الحرب الباردة قد انتهت تماماً.

المصدر : ويكيبيديا + مواقع إلكترونية.

كيف كانت الفترة ما بين الحربين العالميتين ؟

الفترة ما بين الحربين العالميتين

كيف كانت الفترة ما بين الحربين العالميتين ؟

الفترة ما بين الحربين العالميتين في سياق تاريخ القرن العشرين هي الفترة بين نهاية الحرب العالمية الأولى في نوفمبر 1918 وبداية الحرب العالمية الثانية في سبتمبر 1939. بالرغم من أنها فترة قصيرة نسبيا من الزمن إلا أنها مثلت حقبة من التغييرات الهامة في جميع أنحاء العالم. توسع النفط والميكنة المرتبطة بها بشكل كبير مما سميت بالعشرينات الهادرة (والعشرينات السعيدة)، وهي فترة ازدهار اقتصادي ونمو الطبقة الوسطى في أمريكا الشمالية وأوروبا وأجزاء أخرى كثيرة من العالم. أصبحت السيارات والإضاءة الكهربائية والبث الإذاعي وأكثر شيوعًا بين السكان في العالم المتقدم. ولكن أعقب تلك الحقبة فترة الكساد العظيم، وهي حالة انكماش اقتصادي عالمي لم يسبق لها مثيل وألحقت أضرارًا بالغة بالعديد من أكبر الاقتصادات في العالم.

سياسياً تزامن مع هذه الحقبة صعود الشيوعية بدءاً من روسيا مع ثورة أكتوبر بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وانتهاءا بظهور الفاشية خاصة في ألمانيا وإيطاليا. أما الصين فقد كانت في فترة طويلة من عدم الاستقرار والحرب الأهلية بين حزب الكومينتانغ والحزب الشيوعي الصيني. واجهت العديد من الإمبراطوريات مثل البريطانية والفرنسية تحديات صعبة، حيث كان النظرة إلى الإمبريالية في أوروبا سلبية بازدياد، واكتسبت حركات الاستقلال في الهند البريطانية والهند الصينية الفرنسية وأيرلندا ومناطق أخرى زخما.

تفككت في تلك الفترة كلا من الدولة العثمانية وإمبراطورية النمسا المجر والألمانية. أعيد توزيع المستعمرات العثمانية والأمبراطورية الألمانية بين الحلفاء. انفصل أقصى الجزء الغربي من الإمبراطورية الروسية: استونيا وفنلندا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا وأصبحت دولًا مستقلة، بينما اختارت بيسارابيا (جمهورية مولدوفا) إعادة الوحدة مع رومانيا.

تمكن الشيوعيون في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية من استعادة السيطرة على أوكرانيا وأرمينيا وأذربيجان وجورجيا. وقسمت أيرلندا مع كون الجزء الأكبر مستقلاً عن بريطانيا. وفي الشرق الأوسط حصلت مصر والعراق على استقلالهما. وخلال فترة الكساد الكبير قامت دول أمريكا اللاتينية بتأميم العديد من الشركات الأجنبية (خاصة الأمريكية) في محاولة لتعزيز اقتصاداتها المحلية. أدت الطموحات الإقليمية اليابانية والألمانية والإيطالية والسوفياتية إلى توسع تلك الإمبراطوريات مما مهد الطريق إلى الحرب العالمية اللاحقة.

يعتبر الغزو الألماني والسوفياتي على بولندا في سبتمبر 1939 بداية الحرب العالمية الثانية ونهاية فترة ما بين الحربين.

الاضطرابات في أوروبا :


بعد هدنة 11 نوفمبر 1918 التي أنهت الحرب العالمية الأولى تميزت السنوات 1919-1924 بالاضطرابات، ثم بدأت المناطق المدمرة بالتعافي من الخراب الذي خلفته الحرب العظمى والآثار الناتجة من فقدان أربعة إمبراطوريات تاريخية كبيرة: الإمبراطورية الألمانية والنمساوية المجرية والروسية والعثمانية. وظهرت العديد من الدول الجديدة في أوروبا الشرقية ومعظمها صغيرة المساحة. وبدأت الولايات المتحدة بالهيمنة على الاقتصاد العالمي. وعندما لم تتمكن ألمانيا من دفع تعويضات الحرب إلى بريطانيا وفرنسا والحلفاء الآخرين، توصل الأمريكان إلى خطة دوز حيث بدأت وول ستريت بالاستثمار بكثافة في ألمانيا التي سددت تعويضاتها للدول التي بدورها ارسلت الدولارات إلى واشنطن لدفع ديون حربها. بحلول منتصف العقد انتشر الازدهار عالميا، واشتهر النصف الثاني من العقد وخاصة في ألمانيا باسم العشرينات الذهبية.

العلاقات الدولية :

تضمنت المراحل المهمة لدبلوماسية مابين الحربين والعلاقات الدولية في تلك الفترة على قرارات قضايا الحرب، مثل التعويضات المستحقة على ألمانيا والحدود. والمشاركة الأمريكية في التمويل الأوروبي ومشاريع نزع السلاح؛ وتوقعات وعجز عصبة الأمم؛ وعلاقات الدول الجديدة بالقديمة؛ وعلاقات ثقة الاتحاد السوفياتي المهزوزة بالعالم الرأسمالي. جهود السلام ونزع السلاح؛ وردود الفعل تجاه الكساد الكبير الذي ابتدأ سنة 1929 ؛ انهيار التجارة العالمية وانهيار الأنظمة الديمقراطية واحدة تلو الأخرى، زيادة الجهود في الاكتفاء الاقتصاد الذاتي؛ عدوانية اليابان تجاه الصين التي احتلت معظم سواحل الصين المطلة على المحيط الهادئ، بالإضافة إلى النزاعات الحدودية السوفياتية اليابانية التي أدت إلى صدامات عديدة على طول الحدود المنشورية اليابانية المحتلة؛ الدبلوماسية الفاشية بما في ذلك التحركات العدوانية لإيطاليا موسوليني وألمانيا هتلر. الحرب الأهلية الأسبانية؛ غزو إيطاليا واحتلالها للحبشة (إثيوبيا) في القرن الأفريقي؛ استرضاء المخططات التوسعية الألمانية ضد دولة النمسا الناطقة بالألمانية، ومنطقة سوديتنلاند التي يسكنها عرق ألماني في تشيكوسلوفاكيا، وإعادة تسليح منطقة عصبة الأمم منزوعة السلاح في راينلاند الألمانية، وأخيرا بدأت المراحل اليائسة لإعادة التسلح بعدما لاح في الأفق الحرب العالمية الثانية.

كان نزع السلاح على رأس جدول الأعمال العالمي. فقد لعبت عصبة الأمم دورًا ضعيفا في هذا المضمار، حيث تولت الولايات المتحدة وبريطانيا القيادة. ورعى وزير الخارجية الأمريكي تشارلز إيفانز هيوز مؤتمر واشنطن للبحرية سنة 1921 في تحديد عدد السفن الكبرى المسموح بها لكل دولة كبرى. ومتابعة المخصصات الجديدة بالفعل ولم يكن هناك سباق عسكري بحري في العشرينات من القرن 20. ولعبت بريطانيا دورًا رائدًا في مؤتمر جنيف لعام 1927 ومؤتمر لندن لعام 1930 الذي أفضى إلى معاهدة لندن البحرية، والتي أضافت طرادات وغواصات إلى قائمة توزيع السفن. ولكن رفض اليابان وألمانيا وإيطاليا والاتحاد السوفياتي مواصلة العمل بالاتفاقية أدى إلى معاهدة لندن الثانية البحرية 1936 التي كانت بلا معنى. وانهار نزع سلاح البحرية وأصبحت القضية إعادة تسليح لحرب ضد ألمانيا واليابان.

العشرينات الهادرة :

أبرزت العشرينات الصاخبة أو الهادرة اتجاهات وإبداعات اجتماعية وثقافية جديدة وشديدة الوضوح. فأصبحت تلك الاتجاهات ممكنة بفضل الازدهار الاقتصادي المستدام وأكثر وضوحًا في المدن الكبرى مثل نيويورك وشيكاغو وباريس وبرلين ولندن. وبدأ عصر الجاز واشتهر الفن الزخرفي. أما الأزياء النسائية فقد أصبحت التنانير والفساتين بطول الركبة مقبولة اجتماعيًا، كما أن الشعر أضحى قصير ومتموج. وأطلق على الفتيات اللواتي ركبن تلك الموجة اسم الزعانف (Flappers). لم يكن كل شيء جديدًا: فظهر المصطلح السياسي عودة إلى الوضع الطبيعي بعد انتهاء فورة المشاعر العاطفية في زمن الحرب في الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا. وتمكن المحافظين من هزيمة الثورات اليسارية في فنلندا وبولندا وألمانيا والنمسا والمجر وأسبانيا، لكنها نجحت في روسيا التي أضحت قاعدة للشيوعية السوفياتية. ووصل الفاشيون في إيطاليا إلى السلطة بقيادة موسوليني بعد تهديده بالزحف على روما سنة 1922.

في تلك الفترة سنت معظم الدول المستقلة حق التصويت للمرأة، ومن ضمنها كندا في 1917 (على الرغم من تأخر كيبيك بعدها بفترة)، وبريطانيا في 1918، والولايات المتحدة في 1920. وإن ظلت بعض الدول الكبرى متأخرة بذلك حتى بعد الحرب العالمية الثانية ( مثل فرنسا وسويسرا والبرتغال).

وفي أوروبا سجلت تقريبا جميع البلدان بعض التقدم الاقتصادي في عقد العشرينات وتمكن معظمها بحلول نهاية العقد من استعادة أو تجاوز مستويات الدخل والإنتاج قبل الحرب. وقد حققت كل من هولندا والنرويج والسويد وسويسرا واليونان أداءً جيدًا، في حين كان أداء أوروبا الشرقية ضعيف. أما في الاقتصادات المتقدمة فوصل الرخاء إلى أسر الطبقة المتوسطة والعديد من منازل الطبقة العاملة. فدخل الراديو والسيارات والهواتف المنزلية والإضاءة والأجهزة الكهربائية. وكان هناك نمو صناعي لم يسبق له مثيل، فازدادت طلبات المستهلكين ورغباتهم، وظهرت تغيرات كبيرة في نمط الحياة والثقافة. وبدأت وسائل الإعلام في التركيز على المشاهير، وخاصة الأبطال الرياضيين ونجوم السينما. وبنت المدن الكبرى ملاعب رياضية ضخمة للجماهير، بالإضافة إلى دور السينما الفخمة. واستمرت ميكنة الزراعة على قدم وساق، وتوسعت بالإنتاج مما خفض الأسعار، فجعلت العديد من عمال المزارع زائدين عن الحاجة. فانتقل الكثير منهم إلى المناطق الصناعية القريبة والمدن.

الكساد العظيم :

اعتبر الكساد العظيم الذي حدث سنة 1929 كسادا عالميا حادا. وتفاوت ظهوره بين الدول، فبدأ في معظم البلدان سنة 1929 واستمر حتى أواخر الثلاثينات. فهو الكساد الأطول والأعمق والأوسع انتشارا في القرن العشرين. بدأ في الولايات المتحدة ولكنه سرعان ما انتشر ضمن الأخبار العالمية مع انهيار السوق المالي في 29 أكتوبر 1929 (المعروف باسم الثلاثاء الأسود). بين 1929 و 1932 انخفض الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء العالم بنسبة تقديرية 15 ٪. وبالمقارنة مع الركود الاقتصادي 2008 فإن الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء العالم انخفض بنسبة أقل من 1 ٪ بين 2008 إلى 2009. بدأت بعض الاقتصادات في التعافي من آثار الكساد العظيم بحلول منتصف الثلاثينيات. إلا أن آثاره السلبية استمرت في العديد من اقتصادات الدول الأخرى حتى بداية الحرب العالمية الثانية.

كان للكساد العظيم آثار مدمرة في البلدان الغنية والفقيرة على السواء. فانخفض الدخل الشخصي والإيرادات الضريبية والأرباح والأسعار، كذلك انخفضت التجارة الدولية بأكثر من 50٪. ارتفعت نسبة البطالة في الولايات المتحدة إلى 25٪ وفي بعض البلدان ارتفعت إلى 33٪. انخفضت الأسعار انخفاضا حادا، خاصة في قطاع التعدين والسلع الزراعية. وأيضًا انخفضت أرباح الأعمال التجارية بحدة، مما خفض ايرادات الأعمال التجارية الجديدة.

تضررت المدن في جميع أنحاء العالم بشدة، لا سيما تلك التي اعتمدت على الصناعات الثقيلة. توقف البناء عمليا في العديد من البلدان. وعانت المجتمعات الزراعية والمناطق الريفية من انخفاض أسعار المحاصيل بنحو 60٪. وفي مواجهة انهيار الطلب بوجود ضعف للمصادر البديلة للوظائف عانت المناطق التي اعتمدت على صناعات القطاع الأساسي مثل التعدين وقطع الأشجار أكثر من غيرها.

أفسحت جمهورية فايمار الألمانية الطريق أمام حلقتين من الاضطراب السياسي والاقتصادي، توجت الأولى بفرز التضخم في ألمانيا 1923 ومحاولة انقلاب بير هول الفاشلة في ذلك العام نفسه. أما الحلقة الثانية التي نجمت عن الكساد العالمي والسياسات النقدية الكارثية في ألمانيا إلى المزيد من الصعود النازي. وفي آسيا أصبحت اليابان قوة أكثر صرامة خاصوصا في تعاملها مع الصين.

  • إزاحة الفاشية للديمقراطية :

ارتبطت الديمقراطية بالازدهار في العشرينات. ولكن الكوارث الاقتصادية أدت إلى عدم الثقة في فعالية الديمقراطية فانهارت في الكثير من بلدان أوروبا، مثل دول البلطيق والبلقان وبولندا وإسبانيا والبرتغال. ظهرت ديكتاتوريات توسعية في إيطاليا واليابان وألمانيا.

بينما تمكنت أوروبا من احتواء الشيوعية بإحكام وعزلها في الاتحاد السوفياتي، سيطرت الفاشية على إيطاليا سنة 1922؛ ومع تفاقم الكساد العظيم انتصرت الفاشية في ألمانيا واستطاعت أن تلعب دوراً رئيسياً في العديد من البلدان في أوروبا وأمريكا اللاتينية. فالأحزاب الفاشية نشأت متناغمة مع تقاليد الجناح اليميني المحلي، ولكن لديها سمات مشتركة مثل النزعة العسكرية المتطرفة والرغبة الاقتصادية بالاكتفاء الذاتي، والتهديدات والعدوان تجاه الدول المجاورة، واضطهاد الأقليات، وسخرية من الديمقراطية مع استخدام تقنياتها لتعبئة قاعدة الطبقة الوسطى الغاضبة، والاشمئزاز من الليبرالية الثقافية. وكان الفاشيون يؤمنون بالسلطة والعنف والتفوق الذكوري والتسلسل الهرمي "الطبيعي" الذي غالباً مايقوده الدكتاتوريون مثل بينيتو موسوليني أو أدولف هتلر. كانت الفاشية في السلطة تعني التخلي عن الليبرالية وحقوق الإنسان، وكانت المساعي والقيم الفردية خاضعة لما قرر الحزب أنه الأفضل.

  • الحرب الأهلية الإسبانية :

كانت إسبانيا إلى حد ما ولعدة قرون غير مستقرة سياسياً، حتى عصفت بها الحرب الأهلية خلال سنوات 1936-1939 وعدت إحدى أكثر الحروب الأهلية دموية في القرن العشرين. حيث ثارت العناصر المحافظة والكاثوليكية والجيش في إسبانيا ضد الحكومة المنتخبة حديثًا، واندلعت أعمال عنف مدنية واسعة النطاق. فساعدت إيطاليا الفاشية وألمانيا النازية بالذخائر والوحدات العسكرية القوية للثوار الوطنيين بقيادة الجنرال فرانسيسكو فرانكو. وكانت حكومة الجمهورية الإسبانية والموالين لها في موقف دفاعي، ولكنها حصلت على مساعدة كبيرة من الاتحاد السوفياتي. وظلت معظم البلدان محايدة تقودها بريطانيا العظمى وفرنسا ومعهم الولايات المتحدة، ورفضوا توفير الأسلحة لأي من الجانبين. كان الخوف القوي هو أن يتصاعد هذا الصراع المحلي إلى حريق أوروبي لم يكن أحد يريده.

تميزت الحرب الأهلية الإسبانية بالعديد من المعارك الصغيرة والحصار والفظائع حتى حسمها الوطنيون سنة 1939 بعد سحقهم القوات الجمهورية. وقد وفر الاتحاد السوفياتي أسلحة لكنها لم تكن كافية لتجهيز القوات الحكومية غير المتجانسة والألوية الدولية من المتطوعين اليسارين. لم تتطور الحرب الأهلية إلى نزاع أكبر، إلا انها أصبحت ساحة عالمية لمعركة إيديولوجية حرضت كل الشيوعيين والعديد من الاشتراكيين والليبراليين ضد الكاثوليك والمحافظين والفاشيين. كان هناك انحطاط عالمي في النزعة السلمية وإحساس متنام بأن هناك حرباً كبيرة على الأبواب وأنه يستحق القتال من أجلها.

بريطانيا العظمى وامبراطوريتها :

تسبب النظام العالمي المتغير الذي جلبته الحرب وخاصة نمو القوة البحرية للولايات المتحدة واليابان وصعود حركات الاستقلال في الهند وأيرلندا في إعادة تقييم أساسي لسياسة الإمبراطورية البريطانية. فقد اجبرت على ان تنحاز إما إلى جانب الولايات المتحدة أو اليابان، فاختارت بريطانيا عدم تجديد تحالفها الياباني ووقعت بدلاً من ذلك معاهدة واشنطن البحرية 1922، حيث قبلت بريطانيا التكافؤ البحري مع الولايات المتحدة. أثار هذا القرار الكثير من اللغط في بريطانيا خلال ثلاثينيات القرن الماضي بعدما سيطرت الحكومات العسكرية في اليابان وألمانيا حيث ساعدهما الكساد الكبير بعض الشيء، وقد خشي من أن الإمبراطورية لا يمكنها النجاة من هجوم متزامن من كلا البلدين. فقد كانت قضية أمن الإمبراطورية مصدر قلق كبير في بريطانيا لأنها حيوية جدا للاقتصاد البريطاني.

دعمت الهند الإمبراطورية البريطانية بقوة في الحرب العالمية الأولى. وتوقعت بالمقابل مكافأة الاستقلال، لكنها فشلت في الحصول على حكم بلدها حيث أبقى الراج سيطرة البريطانيين على الحكم وخاف من تمرد آخر مثل الذي جرى سنة 1857. فلم يلب قانون حكومة الهند 1919 طلب الاستقلال. فالمخاوف من مؤامرات شيوعية وأجنبية التي أعقبت مؤامرة غدار كفلت بإعادة قيود زمن الحرب من خلال قوانين رولات. أدت تلك القوانين إلى ازدياد التوتر خاصة في منطقة البنجاب، حيث بلغت الإجراءات القمعية ذروتها في مذبحة أمريستار. فازدادت القومية الهندية وتركزت في حزب المؤتمر بقيادة المهاتما غاندي. كان الرأي العام في بريطانيا منقسمًا حول أخلاقيات المجزرة، بين أولئك الذين رأوا أنها أنقذت الهند من الفوضى وأولئك الذين رأوها بالاشمئزاز. وبعد حادثة تشوري تشورا أُلغيت الحركة غير التعاونية في مارس 1922، ولكن السخط استمر في الغليان لمدة 25 عامًا.

وقعت مصر تحت السيطرة البريطانية الفعلية منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر، بالرغم من خضوعها الإسمى للدولة العثمانية. ثم منحت الاستقلال رسميا سنة 1922 بعدما كانت محمية بريطانية عند اندلاع الحرب العالمية الأولى. واستمرت في كونها دولة عميلة تتبع التوجيهات البريطانية. ثم انضمت إلى عصبة الأمم. وبقي الملك فؤاد ملك مصر وابنه فاروق محافظان على السلطة مع أساليب الحياة المترفة بفضل تحالف غير رسمي مع بريطانيا.

وكانت المملكة العراقية تحت الانتداب البريطاني منذ 1922، ثم تحت الوصاية (المعاهدة الأنجلو عراقية (1930))، حتى استقلت سنة 1932 بعدما وافق الملك فيصل على الشروط البريطانية للتحالف العسكري وتدفق النفط.

وفي فلسطين عرضت بريطانيا الوساطة لحل المشكلة بين العرب والأعداد المتزايدة من اليهود. ونص وعد بلفور 1917 الذي إدرج في شروط الانتداب على إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وحددت سلطة الانتداب الحد الأقصى لليهود المسموح لهم بالهجرة إلى فلسطين. أدى هذا إلى تزايد الصراع بين اليهود والسكان العرب المحليين الذين ثاروا في 1936. ومع تزايد خطر الحرب مع ألمانيا خلال ثلاثينيات القرن الماضي اعتبرت بريطانيا دعم العرب أكثر أهمية من إقامة وطن يهودي وانتقلت من مؤيد لليهود إلى مؤيد للعرب فحدت من هجرة اليهود وبالتالي ثار اليهود.

تمتعت دول الدومينيون (كندا ونيوفاوندلاند وأستراليا ونيوزيلندا وجنوب أفريقيا وأيرلندا) بالحكم الذاتي وحصلت على شبه الاستقلال في الحرب العالمية. إلا أن بريطانيا مازالت مسيطرة على السياسة الخارجية والدفاع. ثم بدأ الاعتراف بحق تلك الدول في وضع سياستها الخارجية الخاصة بها سنة 1923 وإضفاء الطابع الرسمي عليها بعد قانون وستمنستر 1931. أوقفت أيرلندا جميع العلاقات مع لندن بدءا من 1937.

الإمبراطورية الفرنسية :

اظهرت إحصاءات التعداد السكاني الفرنسي في 1931 أن مجموع سكان الإمبراطورية خارج فرنسا هو 64.3 مليون نسمة يعيشون على 11.9 مليون كيلومتر مربع. والموجودون في أفريقيا عددهم 39.1 مليون، وفي آسيا 24.5 مليون؛ و 700,000 يعيشون في منطقة البحر الكاريبي وجزر جنوب المحيط الهادئ. أكبر المستعمرات كانت الهند الصينية بتعداد 21.5 مليون (في خمس مستعمرات منفصلة) ثم الجزائر 6.6 مليون فالمغرب 5.4 مليون وغرب أفريقيا مع 14.6 مليون في تسعة مستعمرات. ومن ضمن التعداد 1.9 مليون أوروبي.

  • ثورة شمال افريقيا ضد اسبانيا وفرنسا :

قام زعيم الاستقلال عبد الكريم الخطابي (1882-1963) بتنظيم مقاومة مسلحة ضد الإسبان والفرنسيين للسيطرة على المغرب. واجه الاسبان الاضطرابات من ثمانينيات القرن التاسع عشر، ولكن في سنة 1921 تعرضت القوات الاسبانية لمذبحة في معركة أنوال فأسست في اعقابها جمهورية الريف المستقلة التي ظلت موجودة حتى 1926 فلم يكن لها اعتراف دولي. وافقت باريس ومدريد على التعاون لهزيمتها، فأرسلوا 200,000 جندي، مما اضطر الكريم إلى الاستسلام سنة 1926 حيث نفي في المحيط الهادئ حتى 1947. فتوقفت الاضطرابات في المغرب، حتى أضحت قاعدة بدأ بها فرانسيسكو فرانكو ثورته ضد مدريد سنة 1936.

ألمانيا :

  • جمهورية فايمار :

أثارت شروط السلام المهينة في معاهدة فرساي سخطًا مريرًا في جميع أنحاء ألمانيا، وأضعفت بشكل خطير النظام الديمقراطي الجديد. فقد جردت المعاهدة ألمانيا من جميع مستعمراتها الخارجية وكذلك الألزاس واللورين، ومن أغلب المناطق البولندية. فقد احتلت جيوش الحلفاء القطاعات الصناعية في غرب ألمانيا بما في ذلك راينلاند، فلم يُسمح لألمانيا بامتلاك جيش أو سلاح بحري أو سلاح جوي حقيقي. وطالبها الحلفاء بدفع التعويضات، وبالذات فرنسا ومن ضمن التعويضات أقساط سنوية وشحنات مواد الخام.

عندما تقاعست ألمانيا عن سداد تعويضاتها احتلت القوات الفرنسية والبلجيكية منطقة الرور الصناعية (يناير 1923). شجعت الحكومة الألمانية سكان الرور على المقاومة السلبية: فالمحلات التجارية لن تبيع البضائع للجنود الأجانب، ولن تنقب مناجم الفحم للقوات الأجنبية، وسيتوقف الترام بوسط الشارع ان جلس فيه أفراد من جيش الاحتلال. طبعت الحكومة الألمانية كميات هائلة من النقود الورقية، مما تسبب في تضخم مفرط، مما أضر بالاقتصاد الفرنسي. أثبتت المقاومة السلبية أنها فعالة، بقدر ما أصبح الاحتلال صفقة خاسرة للحكومة الفرنسية. لكن التضخم الجامح جعل العديد من المدخرين الحريصين يفقدون كل الأموالهم ومدخراتهم. فأضافت فايمار أعداءًا داخليين جدد كل عام، في الوقت الذي اشتبك فيه النازيون المناهضون للديمقراطية والوطنيون والشيوعيون بعضهم البعض في الشوارع. انظر التضخم الجامح في جمهورية فايمار.

كانت ألمانيا أول دولة تقيم علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفياتي الجديد. وبموجب معاهدة رابالو اعترفت ألمانيا بالاتحاد السوفياتي بحكم القانون وقام الموقعان الآخران بإلغاء جميع الديون التي كانت عليها قبل الحرب، وتنازل عن مطالبات الحرب. في أكتوبر 1925 تم توقيع معاهدة لوكارنو بين ألمانيا وفرنسا وبلجيكا وبريطانيا وإيطاليا. اعترفت حدود ألمانيا مع فرنسا وبلجيكا. علاوة على ذلك تعهدت بريطانيا وإيطاليا وبلجيكا بمساعدة فرنسا في حالة دخول القوات الألمانية إلى منطقة الراين المنزوعة السلاح. مهد لوكارنو الطريق لدخول ألمانيا إلى عصبة الأمم في سنة 1926.

  • الحقبة النازية 1933–1939 :

عندما جاء هتلر إلى السلطة في يناير 1933 استهل حكمه بعدوانية مصممة لإعادة ألمانيا إلى هيمنتها اقتصادية وسياسية في أوروبا الوسطى. إلا أنه لم يحاول استعادة المستعمرات المفقودة. ففي أغسطس 1939 أدان النازيون الشيوعيين والاتحاد السوفياتي كأكبر عدو ومعهم اليهود.

كانت استراتيجية هتلر الدبلوماسية في الثلاثينيات تتمثل في تقديم مطالب تبدو معقولة، ويهدد بالحرب إذا لم تلبى مطالبه. وعندما يحاول خصومه استرضائه يقبل بالمكاسب ثم ينتقل إلى الهدف التالي. طبق استراتيجيته العدوانية بدءا بانسحاب ألمانيا من عصبة الأمم (1933) ثم رفض معاهدة فرساي والبدء في إعادة التسلح (1935) واستعادة اقليم سار (1935) وإعادة تسليح راينلاند (1936) ثم شكلت تحالف المحور مع إيطاليا موسوليني (1936)، وأرسل مساعدة عسكرية ضخمة إلى فرانكو في الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939)، واستولى على النمسا (1938) ثم استولى على تشيكوسلوفاكيا بعد استرضاء بريطانيا وفرنسا له في معاهدة ميونخ لسنة 1938. ثم شكل اتفاقية سلام مع جوزيف ستالين في أغسطس 1939، وأخيراً غزا هتلر بولندا في سبتمبر 1939. فأعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب وبدأت الحرب العالمية الثانية - إلى حد ما كانت أقرب مما توقع النازيون أو لم يستعدوا لها.

بعد تأسيس محور روما-برلين مع بينيتو موسوليني والتوقيع على ميثاق مناهضة الكومنترن مع اليابان في 1937- انضمت إيطاليا إليه بعده بعام - شعر هتلر أنه قادر على خوض هجوم في سياسته الخارجية. ففي 12 مارس 1938 توغلت القوات الألمانية في النمسا حيث فشلت محاولة الانقلاب النازية الأولى سنة 1934. وعندما دخل هتلر المولود في النمسا إلى فيينا استقبل بهتافات صاخبة. بعد أربعة أسابيع صوت 99 ٪ من النمساويين لصالح ضم آنشلوس من بلدهم النمسا إلى الرايخ الألماني. بعد النمسا لجأ هتلر إلى تشيكوسلوفاكيا حيث طالب ألمان السوديت وهم لأقلية يبلغ عددهم 3.5 مليون شخص بالحكم الذاتي والحقوق المتساوية.

وفي مؤتمر ميونيخ في سبتمبر 1938 اتفق هتلر والزعيم الإيطالي بينيتو موسوليني ورئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين ورئيس الوزراء الفرنسي إدوار دلادييه على سحب أراضي السوديت من تشيكوسلوفاكيا واعطائه إلى الرايخ الألماني. أعلن هتلر أن جميع المطالب الإقليمية الألمانية للرايخ قد استوفيت. ومع ذلك وبعد ستة أشهر فقط من اتفاق ميونيخ أي في مارس 1939 استغل هتلر الشجار المشتعل بين السلوفاك والتشيكيين كذريعة للاستيلاء على بقية تشيكوسلوفاكيا ليعلنها محمية بوهيميا ومورافيا. في الشهر نفسه استعادت ألمانيا ميمللاند من ليتوانيا. مما أضطر تشامبرلين على الاعتراف بفشل سياسة التسوية مع هتلر.

إيطاليا :

أصبح زعيم حركة الفاشية الإيطالية بينيتو موسوليني رئيس وزراء إيطاليا سنة 1922 بعد زحفه على روما. وتمكن من حل مسألة السيادة على جزر دوديكانيسيا في معاهدة لوزان 1923 التي اعطت الإدارة الإيطالية كل من ليبيا وتلك الجزر مقابل تنازل تركيا الدولة الخلف للدولة العثمانية عنها، ولكنه فشل في استخراج تفويض لجزء من العراق من بريطانيا.

بعد شهر من التصديق على معاهدة لوزان أمر موسوليني بغزو جزيرة كورفو اليونانية بعد حادثة كورفو. دعمت الصحافة الإيطالية تلك الخطوة مشيرة إلى أن كورفو كانت ملكية فينيسية لأربعمائة سنة. وقد نقلت اليونان القضية إلى عصبة الأمم، حيث أقنعت موسوليني عن طريق بريطانيا بإخلاء القوات الإيطالية مقابل تعويضات من اليونان. أدت المجابهة بين بريطانيا وإيطاليا إلى حل مسألة جوبالاند سنة 1924 والتي تم دمجها في أرض الصومال الإيطالي.

أصبح التوسع الإمبراطوري خلال أواخر عشرينيات القرن العشرين موضوعًا مفضلاً في خطابات موسوليني. وكان من ضمن بين أهدافه أنه يجب على إيطاليا أن تصبح القوة المهيمنة على منطقة البحر المتوسط مما يمكنها من تحدي فرنسا أو بريطانيا، وكذلك يسهل الوصول إلى المحيطين الأطلسي والهندي. زعم موسوليني أن إيطاليا طلبت الوصول بدون منافس إلى المحيطات والممرات البحرية العالمية لضمان سيادتها الوطنية. وقد تم تفصيل ذلك في وثيقة أعدها في وقت لاحق في عام 1939 بعنوان "المسيرة إلى المحيطات"، وتم تضمينها في السجلات الرسمية لاجتماع المجلس الأعلى للفاشية. أكد النص أن الوضع البحري يحدد استقلال الأمة: فالبلدان التي تتمتع بحرية الوصول إلى أعالي البحار هي بلدان مستقلة؛ أم التي تفتقر إلى ذلك فهي غير مستقلة. فكانت إيطاليا التي لم يكن لديها سوى إمكانية الوصول إلى بحر داخلي وبموافقة فرنسية وبريطانية فهي "دولة شبه مستقلة"، وزعم أنها "سجينة في البحر الأبيض المتوسط".

طالب النظام الفاشي بدالماسيا في البلقان واكمل طموحاته بألبانيا وسلوفينيا وكرواتيا والبوسنة والهرسك وفاردار مقدونيا واليونان على أساس ماضي الهيمنة الرومانية القديم على تلك المناطق. كان من المقرر ضم دالماسيا وسلوفينيا مباشرة إلى إيطاليا في حين أن بقية البلقان ستتحول إلى دول عميلة لإيطاليا. كما سعى النظام إلى إقامة علاقات حماية وطيدة مع النمسا والمجر ورومانيا وبلغاريا. وطالبت أيضا في سنة 1932 و 1935 من عصبة الأمم بالانتداب على الكاميرون الألمانية وحرية التصرف في إثيوبيا من فرنسا مقابل الدعم الإيطالي لها ضد ألمانيا (انظر جبهة ستريزا). ورفض رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد هيريوت ذلك، حيث لم يكن قلقا في ذلك الوقت من احتمال عودة الألمان إلى سابق عهدهم. وأدى الحل الفاشل لأزمة الحبشة إلى الحرب الإيطالية الإثيوبية الثانية، حيث ضمت إيطاليا إثيوبيا إلى إمبراطوريتها.

تحول موقف إيطاليا تجاه إسبانيا بين 1920 و 1930. فبعد أن أقام النظام الفاشي في عشرينات القرن 20 صداقة مع إسبانيا سرعان ماتحول إلى عداء عميق بسبب سياسة ميغيل بريمو دي ريفيرا الخارجية المؤيدة للفرنسيين. ففي 1926 ساعد موسوليني الحركة الانفصالية الكاتالونية التي قادها فرانسيسك ماسيا ضد الحكومة الإسبانية عن طريق المنشقين الطليان الموجودين في فرنسا. مع صعود الحكومة الجمهورية اليسارية التي حلت محل النظام الملكي الإسباني، تقرّب ملكيون وفاشيون إسبان مرارًا من إيطاليا لمساعدتهم في إسقاط الحكومة الجمهورية، فوافقت إيطاليا على دعمهم كي تقيم حكومة مؤيدة لها في إسبانيا. وفي يوليو 1936 طلب الجنرال فرانكو زعيم الفصيل الوطني في الحرب الأهلية الإسبانية دعمًا إيطاليًا ضد الفصيل الجمهوري الحاكم وأكد لهم أنه إذا دعمت إيطاليا الوطنيين فإن "العلاقات المستقبلية ستكون أكثر من صداقة"، وأن الدعم الإيطالي "سيسمح بتأثير روما على نفوذ برلين في سياسة إسبانيا المستقبلية". تدخلت إيطاليا في الحرب الأهلية بقصد احتلال جزر البليار وخلق دولة عميلة في إسبانيا. وكانت تريد جزر البليار بسبب موقعها الاستراتيجي -بحيث يمكن استخدامها قاعدة لعرقلة خطوط الاتصال بين فرنسا ومستعمراتها في شمال إفريقيا وبين بريطانيا وجبل طارق-. وبعد انتصار فرانكو والقوميين في الحرب علمت مخابرات الحلفاء بأن إيطاليا تضغط على إسبانيا للسماح لها بالاحتلال جزر البليار.

بعد أن وقعت المملكة المتحدة على اتفاقيات عيد الفصح مع إيطاليا سنة 1938 طالب موسوليني ووزير خارجيته تشانو من فرنسا بتقديم تنازلات في البحر الأبيض المتوسط فيما يتعلق بجيبوتي وتونس وقناة السويس التي تديرها فرنسا. بعد ثلاثة أسابيع أخبر موسوليني سيانو بعزم إيطاليا استيلاء على ألبانيا. ثم أعلن موسوليني أن إيطاليا لن تكون قادرة على التنفس بسهولة إلا إذا حصلت على كتلة من مجال استعماري متلاصق في أفريقيا من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهندي. وعندما استقر عشرة ملايين إيطالي في مصر في 1938 طالبت إيطاليا بمنطقة نفوذ في قناة السويس المصرية، وطلبت بالتحديد من شركة قناة السويس التي يهيمن عليها الفرنسيين قبول ممثل إيطالي في مجلس إدارتها.  وعارضت إيطاليا الاحتكار الفرنسي لقناة السويس لأن شركة قناة السويس التي تهيمن عليها فرنسا كانت تجبر جميع التجار الإيطاليين بدفع رسوم دخول القناة عند مرورهم إلى مستعمرتها شرق أفريقيا الإيطالية. 

فشل الزعيم الألباني المحلي أحمد زوغو الذي أعلن نفسه ملكا في 1928 من إنشاء دولة قوية. وكان المجتمع الألباني منقسما حسب الدين واللغة والحدود المتنازع عليها والاقتصاد الريفي غير المتطور. وقامت إيطاليا بغزو ألبانيا سنة 1939 وجعلتها جزءًا من إمبراطوريتها بانها مملكة منفصلة في اتحاد شخصي مع التاج الإيطالي. ولفترة طويلة أقامت إيطاليا روابط قوية مع القيادة الألبانية واعتبرتها قوية في نطاق نفوذها. أراد موسوليني تحقيق نجاح مذهل على جارة أصغر لمطابقة اابتلاع ألمانيا للنمسا وتشيكوسلوفاكيا. تولى الملك الإيطالي فيكتور إيمانويل الثالث التاج الألباني، وأنشأت حكومة فاشية تحت إشراف شوكت فيرلاسي لحكم ألبانيا.

الأنماط الإقليمية :

  • البلقان :

زعزع الكساد العظيم استقرار رومانيا. حيث امتازت في أوائل الثلاثينيات باضطرابات اجتماعية وبطالة عالية وإضرابات. وقمعت الحكومة الرومانية في عدة حالات الإضرابات وأعمال الشغب بعنف، لا سيما إضراب عمال المناجم سنة 1929 في فاليا جيولوي والإضراب في ورش سكك حديد جريفيكا. ثم بدأ الاقتصاد الروماني بالانتعاش في منتصف الثلاثينات ونمت الصناعة بقوة، على الرغم من أن حوالي 80٪ من الرومانيين كانوا لا يزالون يعملون في الزراعة. وكان التأثير الاقتصادي والسياسي الفرنسي هو السائد في أوائل العشرينات من القرن العشرين، ولكن أضحت ألمانيا أكثر سيطرة خاصة في عقد الثلاثينيات.

  • الهيمنة اليابانية في شرق آسيا :

اقتدى النموذج الياباني للاقتصاد الصناعي بالنماذج الأوروبية الأكثر تقدما. فبدأت بالمنسوجات وسكك الحديد والشحن، ثم توسعت في الكهرباء والآلات. ولكن نقص اليابان بالمواد الخام هي نقطة ضعفها. فعانت الصناعة من نقص النحاس، وأصبح الفحم مستورداً بالكامل. أما العيب الخطير في استراتيجية اليابان العسكرية العدوانية هو اعتمادها الشديد على الواردات مثل استيراد 100% من الألمنيوم و85% من خام الحديد بالإضافة إلى 79% من امدادات النفط. كان بإمكانها أن تحارب الصين أو روسيا، ولكن أن يكون هناك نزاع مع الموردين الرئيسيين مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا التي تقدم النفط والحديد فهذا أمر آخر.

انضمت اليابان إلى الحلفاء في الحرب العالمية الأولى من أجل تحقيق مكاسب على الأرض. وقسمت مع الإمبراطورية البريطانية معا أقاليم ألمانيا المنتشرة في المحيط الهادئ وعلى الساحل الصيني. ولكنها لم تنل مكاسب كبيرة. حيث اندفع الحلفاء الآخرون بشدة ضد محاولتها السيطرة على الصين من خلال طلباتها الإحدى والعشرون سنة 1915. وأثبت احتلالها سيبيريا بأنه غير مفيد. وكذلك أسفرت دبلوماسيتها أثناء الحرب والأعمال العسكرية المحدودة عن نتائج قليلة. وفي أعقاب نهاية الحرب أحبطت اليابان في طموحاتها في مؤتمر فرساي للسلام سنة 1919 فطالبت بالتعادل العرقي، إلا أن العزلة دبلوماسية ازدادت. لم يتم تجديد تحالف 1902 مع بريطانيا في 1922 بسبب الضغط الشديد على بريطانيا من كندا والولايات المتحدة. في العشرينات من القرن العشرين كانت الدبلوماسية اليابانية متجذرة في نظام سياسي ديمقراطي ليبرالي إلى حد كبير وراغبة بسياسة التعاون الدولي. لكن بحلول 1930 تراجعت اليابان فانكفئت على نفسها بسرعة رافضة الديمقراطية في الداخل بعد استيلاء الجيش على المزيد والمزيد من السلطة، فرفض الأممية والليبرالية. وأخيرا انضمت في أواخر الثلاثينيات من القرن العشرين إلى تحالف المحور العسكري مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية.

وقد أثارت معاهدة لندن البحرية سنة 1930 غضب الجيش والبحرية. فطالبت اليابان بالمساواة مع الولايات المتحدة وبريطانيا في سلاح البحرية، ولكن رُفِضَ طلبها واحتفظ المؤتمر بنسب سنة 1921، وطالبوا اليابان بالتخلص من السفن الرئيسية. ولكن جاء اغتيال المتطرفون رئيس الوزراء الياباني إينوكاي تسويوشي واستيلاء الجيش على السلطة فانهارت الديمقراطية في اليابان.

  • الاستيلاء على منشوريا :

تمكن الجيش الياباني في سبتمبر 1931 -الذي عمل بمفرده بدون موافقة الحكومة- من السيطرة على منشوريا بعد حادثة موكدين. وهي منطقة لم تكن الصين تسيطر عليها منذ عقود. فأنشأت اليابان فيها حكومة عميلة باسم مانشوكو. فأصدرت عصبة الأمم التي تهيمن عليها بريطانيا وفرنسا تقرير ليتون سنة 1932، قائلة إن اليابان لديها شكاوى حقيقية لكنها تصرفت بطريقة غير قانونية في الاستيلاء على المقاطعة بأكملها. فاحتجت اليابان وانسحبت من العصبة، إلا أن بريطانيا لم تتخذ أي إجراء. وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أنها لن تعترف بشرعية غزو اليابان. ومن جانبها رحبت ألمانيا بتصرف اليابان.

  • غزو الصين :

حاولت الحكومة المدنية في طوكيو التقليل من عدوان الجيش في منشوريا فأعلنت أنها سوف تنسحب. إلا أن الجيش وعلى النقيض اكمل غزوه منشوريا، فاستقالت الحكومة المدنية. وانقسمت الأحزاب السياسية حول قضية التوسع العسكري. حاول رئيس الوزراء الجديد إينوكاي تسويوشي التفاوض مع الصين ولكنه اغتيل في حادثة 15 مايو [الإنجليزية] سنة 1932 مما أدخل اليابان في عصر هيمنة النزعة القومية المتطرفة بقيادة الجيش مدعوما من الجمعيات الوطنية. فتوقف الحكم المدني في اليابان حتى نهاية 1945.

ومع ذلك فقد كان الجيش منقسماً إلى مجموعات وفصائل ذات وجهات نظر استراتيجية مختلفة. فإحدى الفصائل ترى أن الاتحاد السوفياتي هو العدو الرئيسي، والفصيل الآخر يسعى لبناء إمبراطورية قوية مقرها منشوريا وشمال الصين. وكذلك البحرية التي هي أصغر حجما وأقل نفوذا إلا انها أيضا كانت منقسمة إلى فصائل. ثم بدأت الحرب اليابانية الصينية الثانية بالاندلاع على نطاق واسع في أغسطس 1937، وركزت الهجمات البحرية والبرية على شنغهاي ثم انتشرت بسرعة نحو المدن الكبرى. وقد جرى في تلك الحرب العديد من الأعمال الوحشية ضد المدنيين الصينيين، مثل مذبحة نانجنغ في ديسمبر 1937 حيث القتل والاغتصاب الجماعي. بحلول 1939 استقرت الخطوط العسكرية حيث سيطر الجيش الياباني تقريبا على كل المدن الصينية والمناطق الصناعية الكبرى، وأنشئت حكومة صينية عميلة. وكانت الحكومة والرأي العام الأمريكي -بمن فيهم الذين كانوا يطالبون بالانعزال عن أوروبا- يعارضون اليابان بشدة وقدموا دعماً قوياً للصين. في هذه الأثناء كان الجيش الياباني في وضع سيئ في معاركه الكبرى مع القوات السوفياتية في منغوليا في معارك خالخين غول صيف 1939. وكان الاتحاد السوفياتي قويًا جدًا، فوقعت طوكيو وموسكو معاهدة عدم اعتداء في أبريل 1941، فحول العسكريون انتباههم إلى المستعمرات الأوروبية في جنوب آسيا حيث كانوا بحاجة ماسة لحقول النفط.

  • أمريكا اللاتينية :

شكل الكساد الكبير تحديًا كبيرًا لتلك المنطقة. فالانهيار الاقتصاد العالمي يعني أن الطلب على المواد الخام قد انخفض بشكل كبير، مما أدى إلى تقويض العديد من اقتصادات أمريكا اللاتينية. أدار المثقفون والقادة الحكوميون في أمريكا اللاتينية ظهورهم للسياسات الاقتصادية القديمة وتحولوا نحو التصنيع البديل للاستيراد. وكان الهدف هو إنشاء اقتصادات تتمتع بالاكتفاء الذاتي، والتي سيكون لديها قطاعاتها الصناعية الخاصة بها وطبقاتها المتوسطة الكبيرة والتي ستكون في مأمن من صعود وهبوط الاقتصاد العالمي. على الرغم من التهديدات المحتملة للمصالح التجارية للولايات المتحدة، أدركت إدارة روزفلت (1933-1945) أن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تعارض بالكامل سياسة استبدال الواردات. فنفذ روزفلت سياسة حسن الجوار وسمح بتأميم بعض الشركات الأمريكية في أمريكا اللاتينية. قام الرئيس المكسيكي لازارو كارديناس بتأميم شركات النفط الأمريكية، ثم أنشأ شركة بيميكس. أشرف كارديناس أيضاً على إعادة توزيع الأراضي مستوفياً آمال الكثيرين منذ بداية الثورة المكسيكية. وأٌلغِي أيضا تعديل بلات لتحرير كوبا من تدخل الولايات المتحدة القانوني الرسمي في سياساتها. جعلت الحرب العالمية الثانية الولايات المتحدة ومعظم دول أمريكا اللاتينية متكاتفة معا مع صمود الأرجنتين الرئيسي.

  • الرياضة :

أصبحت الرياضة أكثر شعبية، فجذبت المشجعين المتحمسين إلى الملاعب الكبيرة. [81] وعملت اللجنة الأولمبية الدولية (IOC) لتشجيع المثل الأولمبية والمساهمة فيها. بعد دورة ألعاب أمريكا اللاتينية عام 1922 في ريو دي جانيرو، ساعدت اللجنة الأولمبية الدولية في إنشاء لجان أولمبية وطنية والاستعداد للمنافسة في المستقبل. لكن في البرازيل أدت المنافسات الرياضية والسياسية إلى تباطؤ التقدم حيث خاضت فصائل متنافسة من أجل السيطرة على الرياضة الدولية. شهدت الألعاب الأولمبية الصيفية 1924 في باريس والألعاب الأولمبية الصيفية 1928 في أمستردام زيادة كبيرة في مشاركة الرياضيين من أمريكا اللاتينية.

قام المهندسون الإنجليز والاسكتلنديون بإحضار كرة القدم إلى البرازيل في أواخر القرن التاسع عشر. لعبت اللجنة الدولية لجمعية الشبان المسيحيين لأمريكا الشمالية ورابطة الملاعب الأمريكية دوراً رئيسياً بتأهيل المدربين. لعب الاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA) دورًا رئيسيًا بدءا من سنة 1912 في تحويل اتحاد كرة القدم إلى لعبة عالمية، والعمل مع المنظمات الوطنية والإقليمية، ووضع القواعد والأعراف، وإنشاء بطولات مثل كأس العالم.

نهاية الفترة :

انتهت فترة ما بين الحربين العالميتين في سبتمبر 1939 مع الغزو الألماني لبولندا وبداية الحرب العالمية الثانية.

المصدر : ويكيبيديا.