إعلان

عيد استقلال المغرب - انتصار إرادة الشعب والملك

عيد استقلال المغرب

عيد استقلال المغرب - انتصار إرادة الشعب والملك

الحمد لله وحده
أيها الشعب العزيز
حمد الله على أن جمع الله شملنا واذهب حزننا ولم يضع جهودنا.
أيها الشعب الوفي
مهما تمسكتم بالعروة الوثقى ما كان شيء ليضركم كيفما كانت شرته، إذ لاشرة تدوم في الحياة الدنيا.
أيها الشعب العزيز.
وعدت بالإخلاص ووفيت أحسن الوفاء، وكنت من الصابرين فكان لك ما وعد الله به إنما يوفى الصابرون أجورهم بغير حساب.
أيها الشعب العزيز
قد أخلصت الوفاء كما أخلصت، وأديت الواجب أحسن أداء كما أديت، وها أنا بينكم كما تعهدوننا، حب البلاد رائدنا وخدمتها غايتنا.
الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور.
أيها الناس أرجوكم أن تتصرفوا في هدوء ونظام صاحبتكم السلامة.
هذا الخطاب كان لرجل يلقّب بالسلطان، أي الملك المغربي الراحل محمد الخامس، والمكان هو باحة مسجد حسان التاريخي بالعاصمة المغربية الرباط، بعد أول صلاة جمعة حضرها في وطنه بعد عامين قضاهما في المنفى الذي اقتاده إليه الاستعمار.

كان ذلك يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1955، وهو اليوم الذي اختير لرمزيته الخاصة ليكون موعدا لعودة رسمية لملك ظل مخلوعا من عرشه منذ 20 أغسطس/آب 1953، لكنّه عاد بفضل تلاحمه مع قادة الحركة الوطنية المطالبة بالاستقلال وتمسكهم له.

تاريخ عيد الاستقلال في المغرب :

يشار إلى اليوم الذي تحتفل فيه الدول في ذكرى تخلّصها من الاستعمار من كل عام بعيد الاستقلال، وغالباً ما يكون هذا اليوم يوم عطلة وطنية في البلاد، ويحتفل المغاربة كل عام بعيد الاستقلال في تاريخ الثامن عشر من شهر تشرين الثاني تكريماً لعودة ملكهم محمد إلى المغرب؛ حيث كان الملك محمد منفياً إلى مدغشقر عندما كانت البلاد تحت الحماية الفرنسية، وفي هذا اليوم أعلن الملك استقلال المغرب من الاحتلال الفرنسي والإسباني، الذي استمر مدة 44 عاماً.

بداية الاستعمار في المغرب :

بدأت الاطماع الأوروبية للسيطرة على المغرب منذ عام 1840م، إلى أن أقامت فرنسا وإسبانيا اتفاقاً سرياً في عام 1904م يقسمها إلى مناطق ذات نفوذ إسباني وفرنسي؛ حيث سيطرت فرنسا على الجزء الاكبر منها، بينما سيطرت فرنسا على الجزء الجنوبي الغربي الأصغر، والذي أصبح يُعرف فيما بعد باسم الصحراء الإسبانية.

كيفية حصول المغاربة على الاستقلال :

تم تأسيس حزب الاستقلال في تاريخ الثامن عشر من شهر كانون الأول من عام 1943م، وقدم هذا الحزب مطالبه باستقلال المغرب عن فرنسا في تاريخ الحادي عشر من شهر كانون الثاني من عام 1944م، وفي الفترة الممتدة بين التاسع عشر من شهر آب من عام 1955م، والخامس من شهر تشرين الثاني من عام 1955م اندمجت القوات الحكومية الفرنسية والقومية المغربية في الأعمال العسكرية مما أدى إلى قتل حوالي ألف شخص أثناء ذلك، ثم وافقت فرنسا على منح المغرب استقلاله في تاريخ الخامس من شهر تشرين الثاني 1955م، وعاد السلطان سيدي محمد بن يوسف سلطاناً للمغرب نتيجة لذلك.

مرحلة ما بعد الاستقلال :

توفي السلطان محمد الخامس في عام 1961م، وقد تولى الحكم بعده كملك ابنه حسن الثاني، الذي قام في التسعينيات بإصدار ما يُعرف باسم الديمقراطية الحسنية؛ والتي سمحت بحرية سياسية كبيرة مع الحفاظ على السلطة النهائية للملك، وفي أغسطس من عام 1999م توفي الملك الحسن الثاني بعد حوالي 38 عاماً من الحكم، وقد تُوج الأمير محمد السادس ملكاً للبلاد بعد وفاة والده، ومنذ ذلك الوقت تعهد الملك محمد السادس بجعل النظام السياسي في المغرب أكثر انفتاحاً، كما سمح بحرية التعبير، ودعم الإصلاح الاقتصادي، وحقوق المرأة، فكان الهدف الرئيسي له هو التوسع الاقتصادي لأن 20% من السكان كانوا يعيشون بفقر مدقع.

18 نونبر ليس هو يوم استقلال المغرب :

يحتفل المغربة يوم 18 نونبر بعيد استقلال لكن ربما لا يعلم عدد كبير من المغاربة اليوم أن أجدادهم كانوا يحتفلون بهذه المناسبة يوم 2 مارس سنوات 1957 و1958 و1959 و1960 أن تحويل الاحتفال بعيد الاستقلال إلى يوم 18 نونبر لم يحدث إلا سنة 1961 في أول مرة بأمر من الحسن الثاني ملك المغرب يومئذ.

وبالرجوع إلى التاريخ سيلاحظ المتتبعون أن 18 نونبر هو يوم جلوس محمد الخامس على العرش منذ 18 نونبر 1927 وبالتالي فالتاريخ ظل يؤرخ لعيد العرش أيام حكم ابن يوسف ، وسيصبح هذا اليوم من الأيام المجيدة لدى المغاربة بعد أن أضيف إليه يوم 16 نونبر الذي يؤرخ لعودة محمد الخامس من المنفى سنة 1955 يومين قبل إحياء عيد العرش الذي كان يتم في 18 نونبر من كل سنة منذ مطلع الثلاثينات.

وفي 18 نونبر 1955، ألقى محمد الخامس بعد عوته خطابا تاريخيا أعلن فيه انطلاق الجهاد الأكبر ومواصلة العزم على إنهاء نظام الحماية وبزوغ عهد الاستقلال. وبعده ثلاثة أسابيع تم تشكيل الحكومة المغربية الأولى يوم 7 دجنبر 1955 برئاسة امبارك البكاي، معظم وزرائها من حزب الاستقلال. 1955 وهي الحكومة التي كان الهدف الرئيسي من تشكيلها هو متابعة المفاوضات مع سلطات الحماية من أجل تحقيق استقلال البلاد، وبناء دولة مغربية مستقلة وتنظيمها. وقد كثف من أجل ذلك السلطان محمد الخامس وبجانبه ولي العهد آنذاك، مولاي الحسن مجهودات جبارة ومتواصلة انتهت بتوقيع عقد الاستقلال في يوم 2 مارس 1956.

وهكذا، ظل المغرب، رسميا وإلى حدود وفاة محمد الخامس في نهاية فبراير 1961، يحتفل من جهة بما سمي بالأيام المجيدة الثلاثة: 16 نونبر (عيد العودة، أي عودة محمد الخامس من المنفى) و17 نونبر (عيد الانبعاث) و18 نونبر عيد العرش (الذي كان يخلد ذكرى جلوس محمد الخامس على العرش في 18 نونبر 1927). مقابل تخليد عيد الاستقلال يوم 2 مارس من كل سنة خلال سنوات 1957 و1958 و1959 و1960.

وحدث أن توفي محمد الخامس يوم 26 فبراير 1961 الموافق ليوم 10 رمضان 1380 ه واختار الحسن الثاني يوم 3 مارس للاحتفال بعيد جلوسه على العرش، أي يوم واحد بعد عيد الاستقلال (2مارس) … ولأسباب فضل الحسن الثاني تغيير موعد عيد الاستقلال وربطه بأيام نونبر المجيدة ومن يومها غدا المغاربة يخلدون عيد الاستقلال يوم 18 نونبر بدل من 2 مارس وهو ما يجهله معظم الشباب اليوم.

صاحب فكرة الاحتفال بعيد الاستقلال :

تم الاحتفال بعيد العرش لأول مرة يوم 18 يونيو من سنة 1933، ويؤكد محمد الحسن الوازاني، رئيس تحرير "عمل الشعب" عام 1933 ومؤسس حزب "الشورى والاستقلال" عام 1946، في كتابه "حياة وجهاد"، أن الفضل في الاحتفال بعيد العرش يعود إلى الأديب والإعلامي الجزائري محمد بن صالح ميسة، الذي كان مقيما في المغرب، ويدير مجلة "المغرب"، التي كانت تصدر خلال فترة الثلاثينيات باللغة العربية من العاصمة الرباط.


وقال الوزاني "إن فكرة الاحتفال بذكرى تولية السلطان محمد بن يوسف خلفا لوالده السلطان المولى يوسف راجت لأول مرة بواسطة محمد صالح ميسة، وإليه يرجع التفكير في هذه المبادرة".

من جانبه قال المقاوم المغربي الرحل أبو بكر القادري الذي كان عضوا في اتحاد كتاب المغرب، وتولى الإشراف على إدارة مجلة "الإيمان" وجريدة " الرسالة"، في مقال له بعنوان "البدايات الأولى للاحتفال بعيد العرش"، نشر بمجلة "دعوة الحق" في عددها 227، إنه في مقال كتب "بمجلة "المغرب التي كان يصدرها السيد محمد صالح ميسة الجزائري تحت عنوان "الأعياد الإسلامية" طالب علنيا في ختام مقاله اتخاذ يوم عيد جلوس الملك على عرش أسلافه عيدا".


الإبتساماتإخفاء