حصار السلطان محمد الفاتح للقسطنطينية
كانت أدوات الحصار العُثمانيَّة من الضخامة بحيثُ ينبغي أن تُجرّ على طريقٍ مُستوية، إذا يصعبُ كثيرًا نقلها فوق التلال والهِضاب، لذلك أمر السُلطان بتسوية طريق أدرنة - القسطنطينيَّة بمعرفة 200 عامل يُشرف عليهم 50 عاملًا ماهرًا، وما أن تمَّ ذلك في شهر شُباط (فبراير) سنة 1453م، أخرج العُثمانيّون المجانيق وأكباش الدَّك والمدافع بما فيها المدفع السُلطاني الكبير يجُرّه 60 ثورًا يقف على جانبيها 400 جُندي (200 جُندي في كُلِّ جهة لتأمين عدم التزحلق والميلان)، وبقي أوربان في أدرنة يعمل على صب المزيد من المدافع للجيش. وصل المدفع على بُعد 5 أميال من الأسوار الثيودوسيوسيَّة للمدينة (الأسوار الوحيدة التي تُحيطُ بها من جهة البر) في شهر آذار (مارس) من نفس السنة، وكان على رأس الفرقة العسكريَّة تلك قره جه باشا، الذي استولى ومعه حوالي 10,000 جُندي على القصبات البيزنطيَّة المُجاورة. تحرَّك السُلطان من أدرنة يوم 13 ربيع الأوَّل سنة 857هـ المُوافق فيه 23 آذار (مارس) سنة 1453م ووصل أمام القسطنطينيَّة بعد 13 يومًا في 26 ربيع الأوَّل المُوافق فيه 5 نيسان (أبريل)، وفي نفس الوقت أُعطيت الأوامر للأسطول العُثماني للتحرُّك من مدينة گاليپولي تجاه القسطنطينيَّة لإحكام الحصار عليها.
يوم الخميس 26 ربيع الأوَّل 857هـ \ 6 نيسان (أبريل) 1453م :
بدأ الحصار الفعلي للقسطنطينيَّة في هذا اليوم، وقبل توزيع الفرق العسكريَّة، اتجه السُلطان إلى القبلة وصلَّى ركعتين وصلَّى الجيش كُله من وراءه، ثُمَّ نهض يوزعهم، فجعل القسم الأكبر من الجيش يتجمهر جنوب القرن الذهبي، ونشر الجُنود النظاميّون الأوروپيّون على طول الأسوار وجعل قره جه باشا أميرًا عليهم. وتمركزت الفرق العسكريَّة الأناضوليَّة جنوب نهر ليكوس ناحية بحر مرمرة بقيادة إسحٰق باشا، ووُضع الحرس السلطاني الذي يضم نخبة الجنود الانكشارية في الوسط حيثُ نُصبت خيمة السُلطان، مُقابل بوَّابة رومانوس، وانتشرت المُرتزقة الباشي بوزوقيَّة خلف خطوط الجبهة، كما نُشرت فرقٌ عسكريَّة أُخرى بقيادة زغانوس باشا شمال القرن الذهبي، وكان التواصل بين تلك الفرق يتمُّ باستخدام طريقٍ مُهِّد وسوِّي فوق أراضي رأس القرن السبخيَّة. ونُصبت حول المدينة أربع عشرة بطَّاريَّة مدفعيَّة، بالإضافة إلى المدفع السُلطاني الهائل وعدَّة مجانيق وأربعة أبراج مُتحرِّكة. ثُمَّ أرسل السُلطان بعض أفضل جنوده لتطهير ما بقي من حصونٍ وقرى روميَّة مُجاورة، وأردفهم بالأسطول بقيادة أمير البحار سُليمان بك بلطة أوغلي، فسقط في إيديهم حُصن طرابيا على البوسفور، وحُصنٌ آخر أصغر حجمًا يقعُ في قرية ستوديوس قُرب بحر مرمرة، ثُمَّ تلتهم جُزر الأميرات بعد بضعة أيَّام.
من بداية الحصار إلى 11 ربيع الآخر 857هـ \ 20 نيسان (أبريل) 1453م :
أرسل السُلطان إلى الإمبراطور يسأله أن يُسلِّم المدينة دون قتال، وتعهَّد له باحترام سُكَّانها وتأمينهم على أرواحهم ومُعتقداتهم وممتلكاتهم وكنائسهم، ولكنَّ الإمبراطور رفض وقرَّر القتال. بناءً على هذا، أعطى السُلطان الأمر للمدفعيَّة بأن تبدأ القصف صباح يوم 2 ربيع الآخر، فابتدأت الحرب. ظَّلت المدافع العُثمانيَّة تضرب أسوار المدينة طيلة أسبوعين، ولكنها لم تنل فوائد ذات بال من هذه الأسوار السميكة، فعلى الرُغم من تخلخل كُتلٍ كبيرة منها وتساقطها، غير أنَّ المُدافعين كانوا يصلحون الثغرات المُحدثة فيها بكل همة ونشاط عند حُلول الظلام، ويُعزى عدم إحداث أي تقدُّمٍ نوعي إلى بُطء المدافع العُثمانيَّة، فالمدفع السُلطاني كان لا يُطلق أكثر من سبع طلقات في النهار وطلقة واحدة بالليل، حيثُ كان تبريده وإعادة حشوه يتطلَّبُ فترةً طويلةً تتراوح بين ساعتين وثلاث ساعات، مما يعني أنَّ الروم كان أمامهم مُتَّسعٌ من الوقت بين الطلقة والأُخرى كي يُرمموا أسوار مدينتهم. رُغم ذلك استمرَّت أربعة مدافع من النوع الكبير تُطلقُ النار، وتلتها فصائل المدفعيَّة الأصغر. وفي يوم 18 نيسان (أبريل) جاء سُفراءٌ من المجر إلى المُعسكر العُثماني، وأبلغوا الصدر الأعظم خليل جندرلي باشا رسالةً باسم العالم المسيحيِّ أجمع، ومفادها أنَّ جُيوش أوروپَّا المُتحدة سوف تستولي على البلاد العُثمانيَّة في حالة عدم رفع الحصار عن القسطنطينيَّة، فلم يُعرهم السُلطان اهتمامًا، بل أصرَّ على فتح المدينة قبل أن تتمكّن الجيوش الأوروپيَّة من الاحتشاد والوصول. وفي ذلك اليوم تمكَّنت المدافع العُثمانيَّة من إحداث ثغرة في الأسوار البيزنطيَّة عند وادي ليكوس من الجزء الغربي من الأسوار، فتدفَّق الجُنود العُثمانيّون إليها يُحاولون اقتحام المدينة، كما حاولوا اقتحام الأسوار الأُخرى بالسلالم التي ألقوها عليها، ولكن المُدافعين عن المدينة بقيادة الإمبراطور استماتوا في الدفاع عنها، واشتد القتال بين الطرفين، وكان لضيق الثغرة وكثرة السهام والنبال والمقذوفات على الجنود المُسلمين، بالإضافة إلى ضيق المكان وشدَّة مُقاومة الروم وحلول الظلام، أثرٌ ضاغط على السُلطان جعله يُعطي أوامره للمهاجمين بالانسحاب. وفي ذلك الوقت كانت السُفن العُثمانيَّة تُحاول الدخول إلى القرن الذهبي فلم تتمكن لحيلولة السلسلة المعدنية دون ذلك، فاصطفَّ الأُسطول على هيئة هلال ليحول دون وصول أي مدد للمدينة.
11 ربيع الآخر 857هـ \ 20 نيسان (أبريل) 1453م :
في هذا اليوم وصلت السُفن الجنويَّة والبابويَّة إلى البوسفور وعلى متنها 700 مُقاتل مُحمَّلين بالمؤن والذخائر، بقيادة يوحنَّا جوستنياني، واشبكت مع الأسطول العُثماني في معركةٍ كبيرةٍ كان من نتيجتها أن انهزم العُثمانيّون واحترقت الكثير من سُفنهم، وعبرت السُفن المُغيثة إلى داخل القرن الذهبي بعد أن رفع الروم السلسلة المعدنيَّة الغليظة ثُمَّ أعادوها ثانيةً بعد أن أصبح حُلفاؤهم بالدَّاخل. استقبل البيزنطيّون جوستنياني وتلك السُفن استقبال الأبطال، ورَّحب بهم الإمبراطور ترحيبًا كبيرًا، وأدّى نجاحهم في خرق الحصار العُثماني إلى رفع الروح المعنويَّة للمُدافعين عن المدينة، فعُيِّن جوستنياني قائدًا عامًّا للجُند وكُلِّف بتدريبهم، ففعل ذلك بشكلٍ حسن، حتّى أنه أقدم على تدريب الرُهبان والكهنة الذين يجهلون فن الحرب تمامًا. بالمُقابل، ثار غضب السُلطان مُحمَّد بعد أن شاهد السُفن المُحترقة والمُدمَّرة، فقام بعزل سُليمان بلطة أوغلي باشا من منصبه كأميرٍ للبحار وعيَّن بدلًا منه أحمد بك بن جالي بك، وهو أحد القباطنة السابقين المُخضرمين في الحروب البحريَّة. ويُقال أنَّ السُلطان كان ينوي إعدام بلطة أوغلي ليجعلهُ عبرةً لغيره، لكن البحَّارة الذين خاضوا المعركة معه تشفّعوا له عند السُلطان مُلقين باللوم على الرياح العاتيَّة في ذلك النهار التي جعلت المُناورة صعبة، وأشادوا بشجاعة قائدهم وبسالته خلال القتال. وفي روايةٍ أُخرى أنَّ السُلطان استدعى بلطة أوغلي إلى مقرِّ قيادته حيثُ عنَّفه واتهمه بالجُبن، فتأثّر بلطة أوغلي لهذا وقال للسُلطان: «إنِّي استقبلُ الموتَ بجنانٍ ثابتٍ، ولكن يؤلمني أن أموت وأنا متهمٌ بمثلِ هذه التهمة. لقد قاتلتُ أنا ورجالي بكلِّ ماكان في وسعنا من حيلةٍ وقوةٍ!» ثُمَّ رفع طرف عمامته فظهر أنَّه فقد عينًا أثناء القتال، فعرف السُلطان أنَّ الرجل فعلًا قاتل قتالًا مُسميتًا، فتركه ينصرف واكتفى بعزله من منصبه، وعيَّن بدلًا منه حمزة باشا أميرًا للبحار، وفق هذه الرواية.
أُصيب الكثير من الجُنود العُثمانيّون بالإحباط نتيجة هذه الهزيمة، وأخذ بعضهم بالانسحاب من أرض المعركة. استغل الإمبراطور البيزنطي هذا الموقف وعرض على السُلطان السلام، فلاقى ذلك ترحيبًا من الصدر الأعظم خليل جندرلي باشا، الذي أشار على السُلطان أن يُبرم صُلحًا مع الإمبراطور ويقبل بدفع 70,000 ليرة ذهبيَّة كجزيةٍ سنويَّة، لأنَّ إسقاط البيزنط وإن كان أمرًا مُمكننًا، فإنَّهُ سوف يجرُّ الدولة العُثمانيَّة إلى حربٍ مع أوروپَّا بأسرها. إلا أنَّ السُلطان رفض رفضًا قاطعًا، وهكذا واصلت المدافع عملها.
12 ربيع الآخر 857هـ \ 21 نيسان (أبريل) 1453م :
أخذ السُلطان يُفكِّرُ بالدخول إلى المضيق بأي طريقة لإتمام الحصار بعد أن مُنيت سُفنه بالهزيمة سالِفة الذِكر، إذ أنَّ أي تقدّمٍ نوعيّ لن يحصل إلَّا بتشديد الخناق على المدينة من كافَّة الجهات، لكن العبور إلى داخل القرن الذهبي كان مُستحيلًا مع وجود السلسلة الحديديَّة. فخطر ببال السُلطان فكرة غريبة لم تُطبَّق من قبل، وتقضي بنقل المراكب برًّا عبر ميناء بشكطاش العُثماني ثُمَّ خلف هِضاب غلطة وصولًا إلى القرن الذهبي، وبهذا يُمكن الالتفاف حول السلسلة. وتمَّ هذا الأمر المُستغرب بتمهيد طريق البر الذي يبلغ طوله فرسخ واحد، أي ثلاثة أميال، وُضعت فوقه ألواحٌ من الخشب صُبَّت عليها كميَّةٌ هائلةٌ من الزيوت والشحوم لتسهيل انزلاق السُفن عليها. وبهذا أمكن نقل حوالي سبعين مركبًا (وفي بعض المصادر 67 مركبًا) في ليلةٍ واحدة، وأضحت العاصمة البيزنطيَّة، بعد ذلك، مُحاصرة ومُهددة من الجهات كافَّة. وحتّى يُموّه السُلطان على هذه العمليَّة، قامت مدفعيَّته، المُرابطة خلف أسوار غلطة وفي أعالي الهضاب، بإطلاق قنابلها باتجاه الأسوار المُطلَّة على القرن الذهبي بصورةٍ مُستمرَّة، ليلًا ونهارًا، وتمَّ حينها إطلاق أوَّل مدفع هاون في التاريخ وذلك عندما رابط زغانوس باشا في أنجاد غلطة ومعه 15,000 جُندي وأمر بقصف الأسطول البيزنطي المحصور بالخليج، فضُربت وأُصيبت عدَّة سُفن بيزنطيَّة.
صباح 13 ربيع الآخر 857هـ \ 22 نيسان (أبريل) 1453م :
استيقظ أهلُ القسطنطينيَّة صبيحة هذا اليوم على تكبيرات المُسلمين وهتافاتهم المُتصاعدة، فدُهشوا دهشةً عظيمةً لمَّا شاهدوا السُفن العُثمانيَّة ترسو داخل القرن الذهبي. وكانت الصدمة عنيفةٌ للغاية، إذ أنَّ هذه العمليَّة أحدثت انهيارًا في معنويَّات البيزنطيين، لأنَّ الأسوار من هذه الناحية كانت ضعيفة ولم يكن يُعتمد عليها، لاستبعاد وصول أُسطول مُعادٍ إلى داخل الميناء. ويُمكن مُلاحظة الصدمة في ما كتبه المؤرِّخ والدبلوماسي البيزنطي الأمير دوكاس الذي التقى بالسُلطان مُحمَّد شخصيًّا: «ما رأينا ولا سمعنا من قبل بمثل هذا الشيء الخارق، مُحمَّد الفاتح يُحوِّلُ الأرض إلى بحارٍ وتعبرُ سُفنهُ فوق قمم الجبال بدلًا من الأمواج. لقد فاق مُحمَّد الثاني بهذا العمل الإسكندر الأكبر». أمام هذا الواقع المُستجد، وجد الإمبراطور نفسه مُضطرًّا أن يسحب قوَّات كبيرة من المُدافعين عن الأسوار الأُخرى لكي يتولّوا الدفاع عن الأسوار المُطلّة على القرن الذهبي، مما أوقع خللًا في الدفاع عن الأسوار الأُخرى. وأخد القساوسة والكهنة يطوفون بشوارع المدينة وأماكن التحصين ويُحرِّضون المُقاتلين والأهالي على الثبات والصبر، ويُشجعون الناس على الذهاب إلى الكنائس ودُعاء الله والمسيح والسيِّدة العذراء أن يُخلِّصوا المدينة، وأخذ الإمبراطور قسطنطين يتردَّد بنفسه على كاتدرائيَّة أيا صوفيا لهذا الهدف.
19 ربيع الآخر 857هـ \ 28 نيسان (أبريل) 1453م :
أمر السُلطان مُحمَّد في هذا اليوم بإنشاء جسرٍ ضخمٍ، عرضه خمسون قدمًا، وطوله مائة، وصُفَّت عليه المدافع، وزُوِّدت السُفن المُرابطة بالخليج بالمُقاتلين والسلالم، وتقدَّمت إلى أقرب نُقطةٍ من الأسوار تمهيدًا لتسلُّقها. فلمَّا رأى الإمبراطور البيزنطي ذلك، أمر بإبداة الأسطول العُثماني مهما كلَّف الأمر. وفي تلك الليلة حاول البيزنطيَّون إحراق السُفن العُثمانيَّة، ولكن العُثمانيين علموا بهذه الخطة فأحبطوها، وفقد 150 بحَّارًا بيزنطيًّا حياتهم في هذه المُحاولة، ولم يُدمَّر الجسر ولم تُغرق سفينة عُثمانيَّة واحدة.
من 19 ربيع الآخر 857هـ \ 28 نيسان (أبريل) وحتّى 16 جمادى الأولى 857هـ \ 24 أيَّار (مايو) 1453م :
يوم 20 ربيع الآخر المُوافق فيه 29 نيسان (أبريل) أمر الإمبراطور بإعدام الأسرى المُسلمين البالغ عددهم 260 أسيرًا، فأُعدموا على مرأى من الجيش العُثماني. عقد السُلطان مُحمَّد اجتماعًا مع كبار قادة جيشه ومُستشاريه والشيوخ والعُلماء الذين كانوا يُرافقون الجيش، بما فيهم الشيخ آق شمسُ الدين، بعد أن تبيَّن له حجم الخسائر التي مُني بها الجيش العُثماني، وطلب من المُجتمعين الإدلاء بآرائهم، فانقسموا إلى فريقين: فريق أشار بالانسحاب حقنًا لدماء الجنود وتفاديًا لغضب أوروپَّا المسيحيَّة فيما لو استولى المُسلمون على المدينة، وكان زعيم هذا الفريق الصدر الأعظم خليل جندرلي باشا؛ وفريقٌ آخر رأى مُواصلة الهجوم على المدينة حتى الفتح واستهان بأوروپَّا وقوَّاتها، كما أشار أصحاب هذا الرأي بتحمّس الجنود لإتمام الفتح وما في التراجع من تحطيمٍ لمعنويَّاتهم الجهاديَّة، وكان زعيم هذا الفريق زغانوس باشا وأيَّده في ذلك الشيخ آق شمسُ الدين. كان السُلطان وأغلب الحاضرين من رأي زغانوس باشا، فصدرت التعليمات باستعداد الجنود للهجوم العام واقتحام المدينة قريبًا.
يوم 26 ربيع الآخر المُوافق فيه 5 أيَّار (مايو)، حرَّك العُثمانيّون بعض فصائل المدفعيَّة وركَّزوها على مُرتفعات «بك أوغلي»، وفي اليوم التالي أمر السُلطان بالهجوم العام الأوَّل من المنطقة المُقابلة لبوَّابة رومانوس، فلم يُفلح الجنود بالدخول، وبعد 6 أيَّامٍ أمر بالهجوم العام الثاني من المنطقة المُقابلة لبوَّابة أدرنة، فلم تنجح هذه المُحاولة كذلك الأمر. وفي يوم 8 جمادى الأولى المُوافق فيه 16 أيَّار (مايو) بدأت حربُ أنفاقٍ دمويَّة بين الروم والعُثمانيين، إذ أمر السُلطان بحفر أنفاقٍ تحت الأرض من مناطق مختلفةً إلى داخلها، بينما تتولّى المدفعيَّة والنبَّالون إلهاء الجنود البيزنطيين، غير أنَّ بعض هؤلاء إضافةً لبعض الأهالي فطنوا للأمر، ويُقال أنَّهم سمعوا صوت الضربات تحت الأرض فارتابوا وأبلغو الإمبراطور الذي أسرع ومعه عدد من القادة والمُستشارين إلى موضع الصوت وأدركوا أن العثمانيين يقومون بحفر أنفاقٍ تحت الأرض، للوصول إلى داخل المدينة، فقرر المُدافعون الإعداد لمواجهتها بحفر أنفاقٍ مُماثلة مُقابل أنفاق المُهاجمين لمواجهتهم دون أن يعلموا، حتى إذا وصل العُثمانيون إلى الأنفاق التي أُعدت لهم ظنوا أنهم وصلوا إلى سراديب خاصة وسريَّة تؤدي إلى داخل المدينة ففرحوا بهذا، ولكن الفرحة لم تطل إذ فاجأهم الروم، فصبّوا عليهم ألسنة النيران الإغريقيَّة والنفط المحترق والمواد الملتهبة، فاختنق كثيرٌ منهم واحترق قسمٌ آخر وعاد الناجون منهم أدراجهم من حيث أتوا. وكان فرعٌ من فروع الجيش العثماني يتولّى أمر حفر الأنفاق، ولم يكن ذلك بالعمل اليسير، فإنَّ هذه الأنفاق التي حفروها أودت بحياة كثيرٍ منهم، فماتوا اختناقًا واحتراقًا في باطن الأرض، كما وقع الكثير منهم في بعض هذه المحاولات في أسر الروم، وفي يوم 20 ربيع الآخر المُوافق فيه 29 نيسان (أبريل) أمر الإمبراطور بإعدام هؤلاء الأسرى وغيرهم ممن سبق أسره من المُسلمين، فقُطعت رؤوسهم وقُذف بها إلى معسكر العُثمانيين. رُغم ذلك استبسل العُثمانيّون واستمرّوا يُحاولون اقتحام المدينة فتكبَّدوا خسائر فادحة المرَّة تلو الأُخرى، وأشار الجرَّاح البُندقي نقولا باربادو إلى هذا في مُذكَّراته التي وصف فيها الهجوم العُثماني اليومي على الأسوار، وبالأخص من قِبل فرقة الانكشارية، فقال:
كانوا يرون التُرك هارعين إلى السور بكُلِّ سُرعةٍ طالبين القتال، وبالأخص الإنكشاريَّة ... وعندما كان يُقتلُ أحدهم، كان الباقون يأتون بسُرعةٍ ويسحبونه بعيدًا ... غير آبهين بمدى قُربهم من أسوار المدينة. كان رجالُنا يُطلقون عليهم رصاص البنادق والسِّهام، مُختارين في ذلك التُركيّ الذي يحملُ ابن جلدته الصريع أو الجريح، فيسقُطُ كلاهما على الأرض ميتًا، وعندها يأتي تُركٌ غيرهم ليسحبوا جُثث رفاقهم، دون أن يخشى أحدهم الموت، بل كانوا يُفضلون الموت على عار ترك جُثَّة رجلٍ مُسلمٍ قُرب الأسوار.
كان يُواكبُ كُلَّ ذلك مُحاولة ملء أجزاءٍ من الخندق العميق المملوء بالماء الموجود أمام الأسوار بقطع الحجارة، وأيضًا أحدث العُثمانيّون ثغرات كبيرة في الأسوار كان يتعذّر على البيزنطيّون إصلاحها رُغم أنَّهم كانوا يعملون بلا كللٍ على مدار 24 ساعة، وذلك يعود إلى القصف المُستمر دون هوادة، حتّى أنَّ المدفع السُلطاني الضخم انفجر من كثرة الاستخدام وقتل جميع مُشغليه، بما فيهم مُصممه المُهندس أوربان على الأرجح، لكن رُغم ذلك أمر السُلطان أن تستمر المدافع بالقصف وأن تُبرَّد بزيت الزيتون، فنجح الفنيّون في تخفيف حماوتها بحيثُ استمرَّت تقصف المدينة وتدُكُّ أسوارها وقلاعها وأبراجها. كما لجأ العُثمانيّون إلى صناعة برج حصارٍ مُتحرِّك من ثلاثة طوابق مكسوًّا بالدروع والجلود المُبللة بالماء منعًا لاحتراقه بنيران الروم، وتمكنوا من لصقه بالأسوار عند بوَّابة رومانوس، فهرع الإمبراطور ومعه نُخبة جنوده إلى الموقع ليدفعوا بالبرج بعيدًا، فاشتبكوا مع المُسلمين في قتالِ شديد وتمكنوا من إحراق البرج بالنار الإغريقيَّة، فوقع على الأبراج البيزنطيَّة المُجاورة وقتل من فيها من المُدافعين، وامتلأ الخندق المُجاور بالرُكام.
17 جمادى الأولى 857هـ \ 25 أيَّار (مايو) 1453م :
أرسل السُلطان أمير مدينة سينوپ إسماعيل إسفنديار أوغلي إلى الإمبراطور يعرض عليه تسليم المدينة دون إراقة المزيد من الدماء مُقابل شرطين اثنين: أن يخرج الإمبراطور وحاشيته بكُلِّ الأموال والذهب، ويذهب إلى شبه جزيرة المورة ويحكمها تحت سيادة الدولة العُثمانيَّة؛ وأن يتعهَّد السُلطان بعدم المس بحُريَّة الأهالي وأملاكهم وأرزاقهم وكنائسهم ولا يتعرَّض لهم في دينهم أو يُكرههم على اعتناق الإسلام، ويؤمّن على حياتهم بعد دخول الجيش العُثماني إلى المدينة، أمَّا إن دخلها بالقوَّة فهو حُر التصرّف فيها كما يرى مُناسبًا، على أنَّه لن يهدر دماء أبنائها ولا يُكرههم على الإسلام. وبعد أن بلغت الرسالة الإمبراطور، جمع مُستشاريه وعرض عليهم الأمر، فمال بعضهم إلى التسليم وأصرَّ آخرون أن يستمرّوا بالدفاع عن المدينة حتّى الموت، ومال الإمبراطور إلى الرأي الأخير، فردَّ رسول السُلطان برسالةٍ يقول فيها أنَّه يشكر الله إذ جنح السُلطان إلى السلم، وأنَّهُ يرضى أن يدفع له الجزية التي يُريدها وأن يعترف بسُلطته على كافَّة الأراضي والحصون والبلدات التي فتحها، أمَّا القسطنطينيَّة فهي ليست قلعة حتّى يتنازل عنها، بل هي أكبر تاج إمبراطوري مسيحي يرجع تاريخه إلى ألف وخمسمائة سنة، وأنَّه قد أقسم أن يُدافع عنها حتّى آخر لحظة في حياته، فإمَّا أن يحفظ عرشه أو يُدفن تحت أسوارها. فلمَّا وصلت الرسالة إلى السُلطان قال: «حَسَنًا، عَن قَرِيْبٍ سِيَكُونُ لِي فِي القُسْطَنْطِينِيَّةَ عَرْشٌ أو يَكُونُ لِي فِيْهَا قَبْرٌ».
18 جمادى الأولى 857هـ \ 26 أيَّار (مايو) 1453م :
في هذا اليوم حضر من المجر وفدٌ كبير يحملُ رسالةً إلى السُلطان مُحمَّد باسم العالم المسيحيّ، وهدَّد بأنَّ أُسطول البُندقيَّة (الذي كان سيِّد البحر المُتوسّط في ذلك الزمن) مُعززًا بأساطيل أوروپَّا المُختلفة، على وشك اجتياز مضيق چنق قلعة، وأنَّ جيشًا مسيحيًّا كبيرًا أكمل استعداداته الأخيرة لاجتياز الطونة (الدانوب) نحو الجنوب. وفي الوقت نفسه، كان أمير القرمان إبراهيم بك قد اتفق مع البنادقة على ضرب العُثمانيين ضربةً خلفيَّةً من الأناضول حالما يعترض الجيش المسيحيّ من الشمال. بناءً على هذه المُعطيات عقد السُلطان مُحمَّد مجلسه الحربي للمرَّة الأخيرة للاستماع لرأي القادة والوزراء والمُستشارين، فكرر الصدر الأعظم خليل جندرلي باشا نصيحته للسُلطان بأنَّهُ يرى فرض شروطه ورفع الحصار. عارض الشيخ آق شمسُ الدين ذلك بشدَّة مُعلنًا أنَّه رأى في منامه بشارة فتح القسطنطينيَّة على يد السُلطان، وتلا عليه حديث الرسول مُحمَّد الخاص بالفتح: «لتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ». وزاد قائلًا: «يَجِبُ الاسْتِمْرَارِ فِي الحَرْبِ، وبِالغَايَةِ الصَّمَدَانِيَّةِ سيَكُونُ لنا النَّصرُ والظَّفرُ». كما قال أنَّه رأى الصَّحابي أبا أيّوب الأنصاري في منامه يُخبره عن موضع قبره، وسواء كانت هذه النُقطة الأخيرة صحيحة أم بالغ فيها المؤرخون العُثمانيّون، فإنَّ السُلطان والشيخ آق شمسُ الدين عثرا فعلًا على قبر الصحابي سالف الذِكر، وكانت معالمه قد طُمست وانهارت القبَّة التي بناها فوقه قيصر الروم طيباريوس، فأمر السُلطان بتنظيم الحراسة على القبر بعد أن تذكّر حديث الرسول مُحمَّد لأبي أيّوب: «حَرَسَكَ اللهُ حَياًّ وَمَيِّتاً».
19 جمادى الأولى 857هـ \ 27 أيَّار (مايو) 1453م :
أعلن السُلطان اقتراب موعد الهجوم العام على المدينة، وأطلق شعار: «إمَّا أن يسقط العُثمانيون أو تسقط القسطنطينيَّة»، وصام المُسلمون هذا اليوم، تطهيرًا وتزكيةً للنفوس، وتقرُّبًا إلى الله، وفي مساء ذلك اليوم أوقدت النيران والمشاعل والقنادل في المُعسكر العُثماني حتّى ظهر المُعسكرُ مُتوهجًا توهجًا شديدًا، وظلَّ الجُنود طوال الليل يُهللون ويُكبّرون، ويُنشدون الأناشيد الحماسيَّة، ويقرعون الطبول. وبلغ من شدَّة الوهج أن ظنَّ الروم بأنَّ حريقًا كبيرًا اندلع في مُعسكر العُثمانيين.
20 جمادى الأولى 857هـ \ 28 أيَّار (مايو) 1453م :
قضى الجيش العُثماني هذا اليوم أيضًا صومًا لله، وعبادةً ودُعاءً، وكان الشُيوخ والعُلماء يطوفون بين صُفوف الجُنود، ويقرأون عليهم آيات الجهاد، ويحدثونهم عن ما أعدّه الله للشهداء من نعيم الجنَّة وحُسن الجزاء. وخطب فيهم السُلطان مُحمَّد فرفع معنوياتهم، وشجَّعهم على الجهاد والقتال. في نفس الوقت، كان الروم يُقيمون القداديس والابتهالات في كاتدرائيَّة آيا صوفيا، وأخد الكهنة يطوفون بالشوارع وأرتال المُؤمنين وراءهم يرفعون الصُلبان ويقرعون أجراس الكنائس. وفي ليلة هذا اليوم جمع الإمبراطور رعاياه في آيا صوفيا، وأجرى لهم مراسم دينيَّة وأخبرهم باقتراب وقت ظهور السيِّدة مريم العذراء لتدفع الغُزاة عن المدينة، ثُمَّ خطب فيهم وجنوده خطبته الأخيرة، وحثَّهم على الثبات والصُّمود في وجه هجوم الغد، وراح يُذكرهم بأنهم سلالة صناديد أثينا وأبطال روما. ولم ينم الشعب البيزنطي ليلة 28 - 29 أيَّار (مايو)، أمَّا الإمبراطور قسطنطين فاستراح بضعة ساعات في سراي تكفور، ثُمَّ ذهب إلى بوَّابة رومانوس حيثُ تفقَّد استعدادات جُنوده البسيطة وحاول تشجيعهم ورفع معنويَّاتهم، وجلس ينتظرُ الهجوم المحتوم.
الثلاثاء 21 جمادى الأولى 857هـ \ 29 أيَّار (مايو) 1453م :
في صبيحة هذا اليوم، وبعد صلاة الفجر، بدأ الهجوم الإسلامي العام على القسطنطينيَّة، فبدأت المدفعيَّة تُطلق نيرانها مع بزوغ أشعَّة الشمس الأولى، وبدأ الجُند تحت ستار هذه النيران بالضغط على الأسوار، ومُحاولة تسلُّقها من جميع الجهات (على أنَّ الهجوم تركَّز على بوَّابة رومانوس بشكلٍ أساسيّ)، وأخذت فرق «المهتر» الموسيقيَّة العسكريَّة تضرب طبولها وتدوي أبواقها لإثارة حمية الجنود، ورجال الدين ومشايخ الطُرق الصوفيَّة يتجوَّلون بين صفوف العُثمانيين يُشجعون المُقاتلين ويتلون الأدعية ويُنشدون الأشعار والمنظومات الدينيَّة، ويُرددون الآيات القُرآنيَّة والأحاديث النبويَّة التي تحثُّ على القتال والجهاد في سبيل الله. كانت الفرقة العسكريَّة الصربيَّة هي أوَّل من انقضّ على الأسوار، تلتها فرق مشاة «العزب» غير النظاميَّة، ثُمَّ الفرق العسكريَّة الأناضوليَّة، وتركَّز هجومها على ناحية بلاشرنيا شمال غرب المدينة حيثُ تخلخلت الأسوار وتضعضعت بشدَّة واكتست بالثغرات بفعل القصف المدفعيّ العنيف. وقد نجح الأناضوليّون بدخول المدينة عبر تلك الثغرات، لكنَّهم ما كادوا يفعلون ذلك حتّى ردَّهم المُدافعون على أعقابهم. وأخذ البيزنطيّون يُخلون بيوتهم والشوارع ويلتجئون إلى الكنائس بعد أن هالهم رؤية العُثمانيّون وقد تخطّوا الأسوار، وامتشق بعض المواطنين السلاح ودافعوا مع إخوانهم الجنود عن المدينة. استمرَّ الضغط العُثماني وتابع السُلطان يُعزِّزُ وحدات الجنود بصورةٍ مُستمرَّة، ولم تستطع أحجار المجانيق التي تُلقى عليهم أو قذائف المدافع أو النار الإغريقيَّة أن تُثني موجاتهم المُتتالية عن مُحاولات تسلّق الأسوار، وعندما ظهر للسُلطان أنَّ المعركة قد احتدمت دفع بخيرة الجُنود إلى القتال، وهم نُخبة الانكشارية، فانقضوا على الأسوار وألحقوا بالمُدافعين خسائر كبيرة، وأُصيب في هذا الهجوم القائد الجنوي يوحنَّا جوستنياني في ذارعه وفخذه، فانسحب ناجيًا بحياته، الأمر الذي سبب هلعًا كبيرًا في صفوف المُدافعين، ويُقال أنَّ الإمبراطور توسَّله ليبقى، لكنَّه أجاب: «سَأَسْلُكُ الطَّرِيقَ التي فَتَحَهَا اللهُ للتُرْكِ». حُمل جوستنياني إلى جزيرة خيوس مُقابل الأناضول حيثُ توفي بعد أيَّام مُتأثرًا بجراحه.
بقي الإمبراطور وحفنةً من جنوده المُخلصين يُقاتلون الانكشارية بعد انسحاب الجنويين ناحية المرفأ، فنجحوا في صدِّهم لفترةٍ قصيرة، لكنَّ فشلهم كان محتومًا، ففي تلك اللحظات تمكَّن ضابط عُثماني حديث السن يُدعى حسن الألوباطلي (ألوباطلي حسن) مع 30 جُنديًّا من رفاقه، تمكنوا من الوصول إلى أعلى نُقطة في السور الأوسط حيثُ ركَّزوا الرَّاية العُثمانيَّة، وفي تلك اللحظة انهالت عليهم السهام والنيران والرصاصات، فقُتل حسن الألوباطلي و18 جُنديًّا آخرًا، لكن الاثنا عشر البقيَّة حافظوا على الرَّاية فلم تسقط من أيديهم. ويُقال أنَّ الإمبراطور لمَّا شاهد الرَّاية السُلطانيَّة تخفق على الأسوار، أيقن أنَّ الأمر انتهى، فألقى برايته البنفسجيَّة أرضًا وانقض مع بقيَّة جنوده على العُثمانيين، فكانت تلك نهايته، حيثُ سقط قتيلًا مع جنوده دفاعًا عن وطنه. وأشار مؤرخون آخرون أنَّ الإمبراطور جُرح في الهجوم وسقط أرضًا حيثُ سُحق سحقًا تحت أقدام جنوده المُتدافعين، ثُمَّ رآه بحَّارٌ عُثماني فعالجه بضربة سيفٍ قطعت رأسه، بالمُقابل، قال نقولا باربادو الذي عاصر الحدث أنَّ قسطنطين شنق نفسه ما أن رأى العُثمانيّون قد اقتحموا بوَّابة رومانوس، لكنَّ ذلك يبقى أقل الآراء شيوعًا.
فتح الجيش العُثماني الذي دخل المدينة أبواب القلاع الواحدة تلو الأُخرى ويسَّر دخول الوحدات العسكريَّة الأُخرى كافَّة، ثُمَّ أخذ الجنود بالقضاء على أوكار المُقاومة الأخيرة، وساروا في تشكيلٍ نظاميّ نحو ميدان آيا صوفيا حيثُ تجمهر أهالي المدينة. وخصص السُلطان فرقًا عسكريَّة لحراسة بعض مواقع المدينة وأهمَّها الكنائس، مثل كنيسة الحواريين، كي لا يتعرَّض لها أحد الجنود بضرر. وفي عصر ذلك اليوم، دخل السُلطان المدينة على ظهر جواده الأبيض «جان بولاد» (أو جانبولاد = جانبولات = جُنبُلاط، أي ذي الروح الفولاذيَّة)، وقد بلغ من العُمر 22 ربيعًا، ونشر راية السّلام، وأُشير إلى أنَّهُ سجد على الأرض شاكرًا الله أنّ نبوءة الرسول مُحمَّد تحققت على يديه، ثُمَّ سار إلى كاتدرائيَّة آيا صوفيا حيثُ تجمَّع خلقٌ كثيرٌ من النَّاس فأمَّنهم على حياتهم ومُمتلكاتهم وحُرِّيتهم، وطلب منهم العودة إلى بيوتهم. بعد ذلك توجَّه إلى مذبح الكاتدرائيَّة وأمر برفع الآذان فيها، وأدّى صلاة العصر داخلها إيذانًا بجعلها مسجدًا جامعًا للمُسلمين، ثُمَّ أمر بالبحث عن جُثَّة الإمبراطور قسطنطين، فأُحضرت وسُلِّمت إلى الرُهبان ودُفنت بعد إقامة المراسم الروميَّة المُعتادة.
المصدر : ويكيبيديا + مواقع إلكترونية.
الإبتساماتإخفاء