لهذه الأسباب انقرضت الديناصورات على كوكبنا
انقراض الديناصورات، لغز طالما حاول العلماء حله عبر دراسات جاءت بنتائج متنوعة. أحدث هذه الدراسات أرجع السبب إلى سقوط كويكب فضائي على الأرض، مازالت آثاره قائمة إلى اليوم في هذه المناطق من العالم.
لقد اكتشفت عظام ديناصورات في "حوض سان جوان" في الولايات المتحدة ربما يعود تاريخها إلى ما بعد انقراض الديناصورات. وتدل على أنه ربما نجت الديناصورات في بعض الأماكن المنعزلة مثل المنطقة التي هي حالياً مدينة نيو مكسيكو وكولورادو. وربما استطاعت الديناصورات العيش في مثل هذه الأماكن لما يصل إلى نصف مليون سنة بعد الانقراض (وليس أكثر بكثير من هذا، أي أنه من المستحيل أن وجودها استمر حتى اليوم أو إلى تاريخ قريب). ولكن مع هذا، فربما يكون تاريخ هذه العظام يعود في الواقع إلى ما قبل الانقراض. حيث أنه تم التعرف على تاريخ العظام من دراستها ودراسة عمر الصخور التي وجدت فيها. لكن بعد موت الديناصورات وغمر الرمال لجثثها، من المُمكن أنه تم نبش قبورها بواسطة أنهار حملت جثثها إلى طبقات صخور أحدث. لكن بالرغم من هذا، تم جمع عدد من الأدلة الأخرى التي تشير إلى أن هذه الديناصورات قد نجت فعلاً من الانقراض. وقد اكتشفت أحافير أخرى أيضاً تعودإلى مئات آلاف السنين بعد الانقراض، مثل عظام لهادروصور تعود إلى 64.5 مليون سنة، أي بعده بمليون سنة.
هناك العديد من النظريات المُقترحة للانقراض، لكن بالرغم من ذلك فأكثرها قبولاً هي اصطدام الكويكب، وتليها نظرية الانفجار البركاني. أما غير هاتين فباقي النظريات لا تلقى إلا قبولاً ضئيلاً وليست مشهورة، ولكن من النظريات الموجودة :
الانجراف القاري :
تقول إحدى النظريات أن سبب الانقراض هو الانجراف القاري. حيث أنه مع تباعد القارات وتغير مواقعها بدأ المناخ بالتغير في المناطق المُختلفة، حيث بدأت القارات خلال الدهر الوسيط بالابتعاد عن خط الاستواء والاتجاه إلى القطبين. وأثناء تحرك القارات بدأت سلاسل جبلية بالظهور نتيجة للتصادمات بين الصفائح التكتونية، وبالإضافة إلى ذلك فقد جفّت العديد من بحار الدهر الوسيط (مثل بحر تيث). وقد وُجدت أحافير لنباتات في مونتانا تدل على أن المُناخ في المناطق التي كانت تقطنها قد تغير وأصبح أبرد بمقدار ست درجات مئوية خلال العصر الطباشيري المتأخر. ونتيجة لهذا فقد استبدلت النباتات القديمة في الجبال بنباتات أكثر تكيفاً مع الطقس البارد، والغابات الصنوبرية الجديدة لم تكن مناسبة للديناصورات، مما جعلها تترك الجبال وتتحرك باتجاه خط الاستواء حيث المناطق الأكثر دفئاً. وهناك قرب خط الاستواء استطاعت الديناصورات العيش لمدة أطول، لكن بما أن الديناصورات استطاعت العيش قُرب خط الاستواء فهناك سبب آخر أدّى إلى انقراض تلك الباقية منها في المناطق الدافئة، وهو شيء لا تفسره النظرية. وبالتالي فهذه النظرية ليست كاملة، وتحتاج إلى نظرية أخرى تُكملها وتبيّن سبب انقراض الديناصورات التي هاجرت إلى المناطق الدافئة.النظريات البيولوجية :
- النبات السام :
تقول إحدى النظريات أنه قد انتشر نبات سام في أواخر العصر الطباشيري. ومع أكل الديناصورات العاشبة لهذا النبات بكثرة فقد بدأت تموت، وبالتالي فقد انقرضت الديناصورات اللاحمة لأنها لم تجد ما تقتات عليه. لكن هذه النظرية مرفوضة لأن نباتاً ساماً ليس سبباً كافيا للقضاء على كل الديناصورات (هذا عدا عن وجود نباتات سامة في العصر الحاضر حتى).- الوباء :
تقول نظرية أن هناك جرثومة قد انتشرت في أواخر العصر الطباشيري. وسببت وباءً منتشراً على مدى واسع، ولم تستطع الديناصورات مقاومته وأدّى إلى انقراضها. لكن لا توجد جرثومة تستطيع القضاء على كل الديناصورات (وحيوانات أخرى عاشت آنذاك) بتنوعها واختلافها، فأجساد المخلوقات تختلف بخصائصها ومناعتها وطريقة تعاملها مع الجراثيم.- سارقو البيض :
تقول نظرية أن ثدييات صغيرة تُشبه القوارض قد انتشرت بكثرة في العصر الطباشيري في الجبال. لكن لاحقاً في أواخر العصر الطباشيري غادرت هذه الحيوانات الجبال إلى المناطق المدارية، واستطاعت بأعدادها الكبيرة أكل بيض الديناصورات بمعدل سريع يفوق ولادته مما أدى في النهاية إلى انقراضها. لكن هذه النظرية ليست مقبولة أبداً، فلا يُمكن لنوع من المخلوقات القضاء على هذا العدد من الحيوانات بأكل بيضها فحسب، فأكل البيض ليس سبباً كافياً. ثم إن الحيوانات التي تأكل البيض كانت موجودة في مختلف العصور، مثلاً تأكل العديد من أنواع السحالي بيض التماسيح في العصر الحاضر.المستعر العظيم :
الانفجار البركاني :
طُرحت هذه النظرية لأول مرة في عقد السبعينيات من القرن العشرين. ويرى مؤيدوها أنه عندما اصطدم الكويكب كان الانقراض قد بدأ ولكنه كان يحدث تدريجياً، فبنظرهم عمل الكويكب كان تسريع الانقراض فقط. أما السبب الذي يرونه لبدأ الانقراض فهو انبعاثات الغازات البركانية من بركان هائل يقع في غرب الهند كان نشطاً في تلك الحقبة.
أُطلق على هذه الظاهرة اسم "مصاطب الدكن" (بالإنجليزية: Deccan Traps)، وقد أطلق سلسلة من الثورات البركانية الهائلة انتهت قبل 1.5 مليون سنة تقريباً. وقد أطلقت هذه الثورات 1.1 مليون كم3 من الحمم على مر هذه السلسلة من الانفجارات البركانية، وهذه الكمية تكفي لملأ ضعف حجم البحر الأسود. ويُعتقد أنها تسببت بتبريد المُناخ (بسبب حجب الدخان المُنبعث منها لضوء الشمس) وبأمطار حمضية. وحسب مؤيدي النظرية، فقد تسببت هذه الغازات المنبعثة والحمم التي أطلقتها البراكين باضطراب في دورة الكربون على الأرض وباحتباس حراري طويل. وبسبب هذا ارتفعت درجة الحرارة كثيراً وأدت إلى انقراض العديد من أشكال الحياة قبل وصول الكويكب.
الكويكب :
- الأدلة :
لقد اكتشف في طبقة الرواسب التي بين العصرين الطباشري والثلاثي (المسمّاة "حدود ط-ث" أو "حدود كي-تي") دليل على نشاط زلزالي حدث في أواخر العصر الطباشيري في نفس وقت حدوث الانقراض. وهذه الطبقة (التي اكتشفت فيها الرواسب) تحتوي عادة على كثافة عالية من الإريديوم (عنصر كيميائي ونوع من المعادن)، ولكن عادة ما يكون تواجد الإريديوم في القشرة الأرضية نادراً للغاية على عكس المذنبات والنيازك. وقد وُجد هذا المعدن في الرواسب الأرضية والبحرية، على العديد من المناطق الحدودية للصفائح التكتونية. مما يدل على أن مسببها هو كويكب أو جرم من خارج الأرض, بسبب تواجد طبقة من الإريديوم في قشرة الأرض يعود تاريخها لنفس تاريخ الانقراض.في أوائل عام 2009، قامت هيئة من 41 خبيرًا دوليًا بمراجعة أبحاث هامة استمرت لعشرين سنة لتحديد سبب انقراض العصر الطباشيري. وقد أظهرت هذه المراجعة أن سبب الانقراض كان اصطدام كويكب ضخم بالأرض في خليج المكسيك، ويَعتقدون أنه اصطدم بها بقوة تُعادل مليار ضعف قوة قنبلة هيروشيما. وحسب ما توصلوا إليه فإن الحطام الذي تطاير من الاصطدام وصل إلى الغلاف الجوي وسبب شتاءً عالميًا طويلاً أدّى إلى الانقراض. ولكن مع ذلك فما زال الجدل قائمًا حول السبب الحقيقي للانقراض.
- الميجاتسونامي :
الإجماع العلمي هو أن اصطدام الكويكب على حدود ط-ب ترك رواسب تسونامي حول منطقة البحر الكاريبي وخليج المكسيك. وقد تم تحديد هذه الرواسب في حوض لا پوپا في شمال شرق المكسيك. وكربونات المنصة في شمال شرق البرازيل. ورواسب عمق المحيط الأطلسي. تم تقدير ارتفاع الميجاتسونامي بأنه وصل إلى 100 متر (330 قدم)؛ حيث سقط الكويكب في منطقة ضحلة نسبيًا، أما لو كان قد سقط في عمق البحر فكان من الممكن أن يصل الارتفاع إلى 4.6 كيلومتر (2.9 ميل).- مصدر الكويكب واصطدامه :
يعتقد بعض العلماء أنه أثناء الفترة التي كانت تمر فيها الأرض بالعصر الجوراسي حدث اصطدام بين كويكبين كبيرين في حزام الكويكبات (الذي يقع بين كوكبي المريخ والمشتري). وإحدى قطع الحطام التي انقذفت بعد الاصطدام كانت في مسار اصطدامي مع الأرض. لكن مع هذا فيُمكن أيضًا أن يكون ما اصطدم بالأرض مذنبًا وليس كويكبًا أصلاً. لكن مهما كان، يُعتقد حسب بعض الدراسات أن قطره كان حوالي 15 كم، وأنه كنتيجة لهذا فقد اصطدم بالأرض بقوة تعادل مليار ضعف قوة قنبلة هيروشيما.وإذا كان قد حدث هذا الاصطدام، فبعد حدوثه بثوان انطلقت جزيئات غبار من حطام الكويكب/المذنب إلى الغلاف الجوي بسرعة عالية، وبعد الاصطدام أمطرت هذه الجزيئات ككرات نارية صغيرة. وتسببت هذه الجزيئات أيضًا بحجب ضوء الشمس لمدة من الزمن، مما نتج عنه تبريد الكوكب وخلق شتاء عالمي طويل الأمد. وربما دام وجود سحابة الغبار هذه لأسابيع أو أشهر بعد الاصطدام، وفي هذه الأثناء انخفضت درجة الحرارة إلى ما دون درجة التجمّد، وهذا آذى بالتأكيد النباتات الخضراء والعوالق البحرية (مصادر الغذاء الأوليّة الرئيسية) لأنه أوقف عملية بنائها الضوئي. وأيضًا لهذه المخلوقات دور هام في تحويل أكسيد الكربون إلى أوكسجين، مما تسبّب باختناق الحيوانات الأخرى بسبب انتشار غاز أكسيد الكربون السام وقلة الأكسجين. ومن المرجح أن هذا قد بدأ مع آكلات النبات، ثم لم تجد آكلات اللحوم غذاءً لها فماتت هي الأخرى. وبعد هذا الشتاء العالمي بمدة، بدأ الجو بالاحترار بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، حيث أن الحرارة الضئيلة التي تبتعثها الأرض ظلّت محتبسة في جوها بسبب طبقة الغبار الكثيفة في الغلاف الجوي.
- موقع الاصطدام :
منذ اكتشاف فوهة شيكسولوب الواقعة في ولاية يوكاتان المكسيكية عام 1978 والشكوك تدور حول أنها هي السبب وراء الانقراض الجماعي الذي حدث في نهاية العصر الطباشيري. يَبلغ قطر هذه الفوهة العملاقة 180 كيلومتراً، وعمقها يَتجاوز 1.8 كم عبر طبقات الانقراض وتحتها حتى. ويَعود عُمر هذه الفوهة إلى 65 مليون سنة، حيث تقع رسوبياتها مباشرة فوق رسوبيات الانقراض، وهذا جذب إليها العديد من الجيولوجيين وجعلها من أكثر الفوهات شعبية، ولذا فيَعتقد العديدون اليوم أنها هي فوهة الاصطدام الذي سبب هذا الانقراض الجماعي.لكن بالرغم من هذا ففي أوائل عام 2009 نُشر بحث في "مجلة الجمعية الجيولوجية" (بالإنجليزية: Journal of the Geological Society) حول أن فوهة شيكسولوب ليست فوهة الاصطدام الحقيقية. فقد توصل فريق البحث إلى أن رواسب فترة الانقراض الجماعي في نهاية العصر الطباشيري بعيدة إلى حد كبير نسبياً عن الرواسب التي توجد فيها الفوهة، ومع أن مؤيدي نظرية شيكسولوب برّروا هذا بأن مُسببه كان حدوث زلزال أو تسونامي نتيجة لقوة الاصطدام، فإن الباحثين قد عارضوا ذلك بأن رسوبيات الرمل التي تراكمت فوق رواسب الانقراض لم تترسب خلال ساعات أو أيام، بل على مدى فترة طويلة من الزمن. وعلاوة على ذلك فإن جميع أنواع المخلوقات التي عُثر عليها في الرواسب السفلية التي قبل فترة الانقراض عُثر عليها أيضاً في الرواسب التي تعود إلى ما بعد تكون الفوهة، وهذا يَعني أنها لم تكن مُسبب انقراضهم.
- الجدل حول هذه النظرية :
بالرغم من أن نظرية الكويكب هي أكثر النظريات قبولاً حتى الآن إلى أنها هي حتى تلقى بعض المعارضة. ومن ضمن ما يقوله المعارضون أنه قد حدثت اصطدامات عديدة خلال الدهر الوسيط، وبالرغم من ذلك فلم تَحدث انقراضات هائلة كالذي حدث في نهاية العصر الطباشيري. وأيضاً يَعتبرون الخلاف في موقع الاصطدام دليلاً آخر على أنه ليس سبب الانقراض. وبشأن الإريديوم فيقول المعارضون أنه اكتشف في أماكن مُختلفة حول العالم وليس فقط قرب موقع الاصطدام، ويقولون أيضاً أنه وُجد في طبقات مختلفة لا تعود كلها إلى نفس التاريخ. ويعتقدون أن الاصطدامات أقل من أن تستطيع التسبب بنشاط تكتوني منتشر أو بارتفاع مستوى البحر (وقد حدث هذا في نهاية العصر الطباشيري). ويقولون أيضاً أن الانقراض لم يَكن لحظياً بل حدث تدريجياً خلال مُدة ليست بالقصيرة من الزمن.ما بعد الانقراض :
يُعد هذا الانقراض نهاية عصر الديناصورات وبداية عصر الثدييات. فبعد انقراض زواحف العصر الطباشيري الضخمة، استطاعت الثدييات الازدهار والنمو في عصر الإيوسين (بعد أن كان طول أكبرها في العصر الطباشيري لا يعتدّى المتر)، لكن في عصر الباليوسين (والذي تلى الانقراض مباشرة) لم تنمو الثدييات كثيرًا، حيث كان أكبرها بحجم دب حديث، وكانت معظمها أصغر من ذلك. وبالرغم من أن الثدييات كانت قد بدأت في النمو في الباليوسين، فقد حكمت هذا العصر طيور عملاقة بلغ ارتفاعها أكثر من مترين، وبذلك كانت أكبر حيوانات اليابسة لخمس أو عشر ملايين سنة بعد انقراض الديناصورات.بعد تعافي الأرض في عصر الباليوسين، انتشرت غابات كثيفة عند خطوط العرض العالية استطاعت الثدييات الصغيرة العيش فيها. أما في البحار فقد انتشرت بطنيات القدم وثنائيات الصدفة والتي كانت مشابهة جدًا للتي تعيش اليوم، إضافة إلى أنواع جديدة من الحبارات وقنافذ البحر.
الإبتساماتإخفاء