إعلان

ماذا تعرف عن زحزحة القارات ؟

نظرية الانجراف القاري

ماذا تعرف عن زحزحة القارات ؟

تعريف الانجراف القاري :

الانجراف القاري أو زحزحة القارات أو زحف القارات هي نشاط جيولوجي تقوم به الصفائح التكتونية للكرة الأرضية وتتمثل في حركات تكتونية إما التباعد أو التقارب أو الاحتكاك ما بين صفيحتين، لتبدو وكأنها تتزحزح عبر قاع البحر. كان أبراهام أورتيليوس أول من افترض أن القارات قد تكون «تتزحزح»، وذلك سنة 1596 م. إلا أن هذه الفرضية تطورت واكتملت بشكل مستقل على يد ألفريد فيغنر سنة 1912 م، لكن نظريته رفضها البعض لعدم شرحها للآلية التي تم بها ذلك، ورفضها البعض الآخر لما تضمنته من افتراضات نظرية. ثم لاقت قبولاً بعد أن قدمت نظرية الصفائح التكتونية شرحًا لآلية حركة القارات.

تاريخ الانجراف القاري :

قديمًا، قال عدد من العلماء أمثال أبراهام أوريليوس (سنة 1596) وثيودور كريستوف ليلينثال (سنة 1756) وألكسندر فون هومبولت (سنتي 1801 و 1845)[5] وأنطونيو سنيدر-بيليغريني [الإنجليزية] (سنة 1858) وغيرهم آخرين بأن شكل القارات على جانبي المحيط الأطلسي (بالأخص أفريقيا وأمريكا الجنوبية) تبدو كما لو كانوا متطابقة. وقد وصفت جاكلين كيوس أفكار أوريليوس قائلةً:
«افترض أبراهام أوريليوس في كتابه «Thesaurus Geographicus» أن "الأمريكتين انفصلتا عن أوروبا وأفريقيا ... عن طريق زلازل وفيضانات" ثم قال بأن: "نواتج الانفصال توضح نفسها، إذا نظر المرء بعناية في خريطة العالم، وقارن بين سواحل تلك القارات."»

في سنة 1889 م، كتب ألفرد راسل والاس قائلاً: «في السابق، كان هناك اعتقاد عام شائع، حتى بين علماء الجيولوجيا، أن الشكل العامة لسطح الأرض تعرّض لتحولات مستمرة، وأنه خلال الزمن الجيولوجي المعروف تبدّلت مواقع القارات والمحيطات العظمى مرارًا وتكرارًا مع بعضها البعض.» واقتبس قول تشارلز لايل بأن: «على الرغم من أن القارات بقيت كما هي عبر الحقب الجيولوجية، إلا أنها تغيّرت مواقعها تمامًا عبر الزمن.»

وفي سنة 1863 م، عارض جيمس دانا في كتابه «دليل الجيولوجيا» تلك الفكرة قائلاً بأن: «القارات والمحيطات قد حافظت على حدودها وهيئاتها منذ العصور السحيقة، والذي أمكن إثباته من خلال دراسة موقع أمريكا الشمالية وتوزيع قيعان البحار في العصر السيلوري - بالأخص خلال حقبة بوتسدام - وربما يمكن إثباته بتطبيق تلك الحالة على القارات الأخرى أيضًا.» كان لدانا نفوذًا هائلاً في أمريكا - ولا زال كتابه «دليل المعادن» يُطبع في إصدارات منقحة - وأصبحت نظريته تلك تُعرف باسم «النظرية الدائمة».

وجدت تلك النظرية تأييدًا بعد حملة تشالنجر لاستكشاف قيعان البحار العميقة بين سنتي 1872-1876 م، والتي أظهرت خلافًا لما هو متوقع، أن الطمي الذي جلبته الأنهار إلى المحيط ترسّب تدريجيًا بالقرب من الشواطيء في ما يعرف الآن باسم الرصيف القاري، مما دعّم نظرية أن مواقع المحيطات أبدية على سطح الأرض، وأن القارات لم تتبدل مواقعها.

دلائل زحزحة القارات :

تعددت الدلائل على حركة القارات على الصفائح التكتونية الآن. فقد تم العثور على أحافير لنباتات وحيوانات على شواطيء قارات مختلفة، مما يدعو للاعتقاد بأنهم كانوا يومًا ما مجتمعين. وقد وجدت أحفوريات لميسوصورات وهو من زواحف المياه العذبة يشبه التمساح الصغير في كل من البرازيل وجنوب أفريقيا. كما اكتشفت أحفوريات لسحلية المجرفة وهي من الزواحف الأرضية في صخور ترجع لنفس الزمن الجيولوجي في مواقع في أفريقيا والهند والقارة القطبية الجنوبية. وهناك أيضا أدلة الحي الحيوانات نفسها التي وجدت على قارتين. تم العثور على بعض العائلات دودة الأرض (على سبيل المثال Ocnerodrilidae، Acanthodrilidae، Octochaetidae) في أمريكا الجنوبية وأفريقيا، على سبيل المثال. وهناك أمثلة حية لا زالت بيننا لحيوانات موجودة في قارتين مختلفتين، مثل بعض عائلات دودة الأرض التي تتواجد في أفريقيا وأمريكا الجنوبية.

دعى التشابه الواضح بين شكل جانبي قارتي أفريقيا وأمريكا الجنوبية، وإن كان تطابقًا مؤقتًا حيث ستؤدي القوى الفيزيائية لتكتونيات الصفائح عبر ملايين السنين إلى انفصال ودوران تلك القارات، فيجنر لدراسة ما أطلق عليه الانجراف القاري التي مات دون أن يرى قبول فرضيته. وكان توزيع الرواسب الجليدية التي تعود للعصر البرمي-الكربوني [الإنجليزية] في أمريكا الجنوبية وأفريقيا ومدغشقر والجزيرة العربية والهند والقارة القطبية الجنوبية وأستراليا أحد الدلائل الرئيسية على نظرية الانجراف القاري. كما دعى اتصال المثلجات المستنتجة من التصدعات والترسيبات الجليدية إلى التفكير في وجود القارة العملاقة غندوانا، التي أصبحت عنصرًا أساسيًا في فهم نظرية الانجراف القاري. وتشير التصدعات الجليدية إلى تحرك المثلجات ابتعادًا عن خط الاستواء نحو القطبين، مما يؤيد فكرة أن القارات الجنوبية كان سابقًا في مواقع مختلفة تمامًا عن مواقعها الحالية، فضلاً عن كونها كانت متجاورة مع بعضها البعض.

معارضة نظرية الانجراف القاري :

كان هناك مُعارضة شديدة لنظرية فيغنر ولأسباب مُختلفة، حيث كان أولها أنّ نظرية فيغنر جاءت بمفهوم مُغاير ومُضاد لعلم الجيولوجيا المعروف في ذلك الزمان، فضلاً عن أنّ نظريته افتقرت لتقديم تفسير منطقي لماهيّة القوى التي أدّت إلى تحريك القارات وزحزحتها عن بعضها البعض، فقد طرح فيغنر تفسيرين مختلفين لهذا الأمر؛ وهما أنّ مصدر هذه القوى ناتج عن جاذبية المدّ والجزر للشمس والقمر، أو أنّها ناتجة عن قوة الطرد المركزي بفعل دوران الأرض، إلّا أنّ هذين التفسيرين كانا ضعيفين حيث تمّ دحضهما من قِبل معارضي نظرية فيغنر، فقد رأوا أنّ هذه القوى غير كافية لتحريك القارات. 

شكّلت بعض التناقضات الموجودة في نظرية زحزحة القارات سبباً لرفضها، ومن ذلك اكتشاف بعض أنواع الحفريات الموجودة في آسيا في مناطق خارج الهند وهذا الأمر يعني أنّ هذا النوع من الحفريات غير محصور بما يُعرف بغندوانا، وهو ما يتعاكس مع ما يراه مؤيّديو نظرية زحزحة القارات. 

رافق ظهور نظرية زحزحة القارات ظهور نظريات أخرى لتفسير حركتها حيث أشارت بعضها إلى أنّ جميع قارات العالم كانت مرتبطةً بجسور بريّة غرقت في البحر نتيجة عمليات التبريد التي أدّت إلى تقلّص طبقات الأرض، وهذا الأمر هو ما يُفسّر وجود أحافير مُتشابهة في أنحاء مُختلفة من قارات العالم بحسب ما أشارت إليه تلك النظريات، ولكن فيغنر ردّ على هذه النظرية ورفضها مؤكّداً أنّ القارات تحرّكت بالفعل وانقسمت، ومن النظريات الأخرى التي جابهت ظهور نظرية زحزحة القارات هي تلك التي فسّرت انتقال الأحافير الموجودة في القطب الشمالي من خلال التيارات المائية الدافئة، ورغم أنّ هذه النظرية تمّ دحضها في الوقت الحالي إلّا أنّها شكّلت أحد أسباب رفض العالم لنظرية زحزحة القارات عند ظهورها.

أهمية زحزحة القارات :

تُعتبر نظرية زحزحة القارات من النظريات المهمّة بالنسبة للبشرية ويعود ذلك إلى العديد من الأمور، ومنها ما يأتي:

- تغيّر المناخ العالمي: وذلك نتيجة حركة القارات وزحزحتها، وهذا التغيّر يؤثّر على التطوّر البشري على سطح الأرض.

- جعل الحيطات بمثابة عازل يفصل بين العديد من أشكال الحياة: فذلك يجعل لموقع القارات أهميةً بالغةً في تطوّر أشكال الحياة عليها.

- تبريد سطح الأرض: فعندما تحدث حركة القارات فوق أحد الأقطاب أو عندما تتسبّب هذه الحركة بتكوين الجبال تتساقط الثلوج التي تعكس حرارة الشمس إلى الفضاء، الأمر الذي يؤدّي إلى تبريد سطح الأرض.

- تقليل نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي: حيث يُحرّر الجليد المُتكون بفعل تساقط الثلوج الناتج عن حركة القارات المعادن من الصخور، ممّا يؤدّي إلى حملها عبر الأنهار إلى البحار و تفاعلها مع ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء، وبالتالي تقليل نسبته في الغلاف الجوي وتقليل نسبة غازات الدفيئة.

- التأثير على الرياح: وذلك نتيجة تشكّل الجبال بسبب زحزحة القارات.

- انتقال المياه من محيط إلى آخر.


تم تجميع هذه المعلومات من موسوعتي ويكيبيديا و موضوع.


الإبتساماتإخفاء