قصة ألف ليلة وليلة
ألف ليلة وليلة هو كتاب يتضمّن مجموعة من القصص التي وردت في غرب وجنوب آسيا بالإضافة إلى الحكايات الشعبية التي جُمِعت وتُرجمت إلى العربية خلال العصر الذهبي للإسلام. يعرف الكتاب أيضاً باسم الليالي العربية في اللغة الإنجليزية، منذ أن صدرت النسخة الإنجليزية الأولى منه سنة 1706، واسمه العربي القديم "أسمار الليالي للعرب مما يتضمن الفكاهة ويورث الطرب"وفقاً لناشره وليم ماكنجتن.
جُمع العمل على مدى قرون، من قِبل مؤلفين ومترجمين وباحثين من غرب ووسط وجنوب آسيا وشمال أفريقيا. تعود الحكايات إلى القرون القديمة والوسطى لكل من الحضارات العربية والفارسية والهندية والمصرية وبلاد الرافدين. معظم الحكايات كانت في الأساس قصصاً شعبية من عهد الخلافة، وبعضها الآخر، وخاصة قصة الإطار، فعلى الأرجح تم استخلاصها من العمل البهلوي الفارسي «ألف خرافة» (بالفارسية: هزار أفسان) والتي بدورها اعتمدت جزئياً على الأدب الهندي. بالمقابل هناك من يقول أن أصلها هذه الروايات بابلي.
ما هو شائع في جميع النُّسخ الخاصة بالليالي هي البادئة، القصة الإطارية عن الحاكم شهريار وزوجته شهرزاد، التي أدرجت في جميع الحكايات. حيث أن القصص تنطلق أساساً من هذه القصة، وبعض القصص مؤطرة داخل حكايات أخرى، في حين تبدأ أخرى وتنتهي من تلقاء نفسها. بعض النُّسخ المطبوعة لا تحتوي سوى على بضع مئات من الليالي، والبعض الآخر يتضمن ألف ليلة وليلة أو أكثر. الجزء الأكبر من النص هو بأسلوب النثر، على الرغم من استخدام أسلوب الشعر أحياناً للتعبير عن العاطفة المتزايدة، وأحياناً تستخدم الأغاني والألغاز. معظم القصائد هي مقاطع مفردة أو رباعيّة، كما أن بعضها يكون أطول من ذلك.
هناك بعض القصص المشهورة التي تحتويها ألف ليلة وليلة، مثل "علاء الدين والمصباح السحري"، و"علي بابا والأربعون لصاً"، و"رحلات السندباد البحري السبع"، كما أن هناك بعض الحكايات الشعبية في منطقة الشرق الأوسط التي تعتبر شبه مؤكدة تقريباً، وليست جزءاً من ألف ليلة وليلة الموجودة في الإصدارات العربية، ولكنها أضيفت من قبل المستشرق الفرنسي أنطوان غالان ومترجمين أوروبيين آخرين، وكان أنطوان غالان قد عمل على ترجمة الكتاب إلى الفرنسية سنة 1704.
القصة الإطارية الرئيسية لحكايات «ألف ليلة وليلة» تحكي قصة ملك يدعى شهريار، حيث بدأ الأمر عندما اكتشف الملك أن زوجة أخيه كانت خائنة وقد صُدم لذلك الأمر، وما زاد ذلك اكتشاف خيانة زوجته له أيضاً، فقد كان أمراً لا يّحتمل بالنسبة إليه، لذا قرّر إعدامها، ورأى أن جميع النساء مخطئات. تزوج الملك شهريار من العذارى، يومياً، حيث يقتل العروس ليلة العرس، قبل أن تأخذ الفرصة لتخونه. بعد فترة لم يجد الوزير الذي كان مكلفاً بتوفير عروس للملك، مزيداً من العذارى. عندها عرضت ابنته شهرزاد نفسها لتكون عروساً للملك، فوافق أبوها على مضض. في ليلة زواجهما، بدأت شهرزاد تحكي حكاية للملك ولكن لا تنهيها، ما أثار فضول الملك لسماع نهاية الحكاية، ودفعه بالضرورة إلى تأجيل إعدامها للاستماع إلى نهاية الحكاية. وفي الليلة التالية، عندما تنتهي من حكاية ما تبدأ بحكاية جديدة، تشوق الملك لسماع نهايتها هي الأخرى وهكذا، حتى أكملت لديه ألف ليلة وليلة.
تختلف الحكايات فهي متنوّعة، وتشمل القصص التاريخية والغرامية والتراجيدية والكوميدية، والشعرية، والخيالية، والأسطورية، بالإضافة إلى عدة أنواع من القصص الجنسية. وهناك قصص عديدة تصف الجن والغيلان والقردة، كما أن هناك قصصاً عن السحرة والمشعوذين والأماكن الأسطورية، والتي غالباً ما تتداخل مع أناس حقيقيين وأماكن موجودة على أرض الواقع، ولكنها ليست دائما منطقية.
الشخصيات البارزة :
وهي تشمل الخليفة العباسي هارون الرشيد ووزيره جعفر البرمكي والشاعر الشهير أبا نواس، فعلى الرغم من أن هذه الشخصيات ظهرت بعد نحو مئتي عام من سقوط الإمبراطورية الساسانية التي هي في الظاهر أصل الحكاية إلا أنها تظهر في عدد من الحكايات الأخرى التي يتضمّنها الكتاب.
في بعض الأحيان تقوم بعض الشخصيات الموجودة في حكايات شهرزاد بسرد قصص تحتوي على شخصيات أخرى، وبعض تلك القصص تحتوي على قصص أخرى بداخلها، مما ينتج نسيجاً مترابطاً من السرد الروائي.
تختلف عدد من الإصدارات في تفاصيل نهاية القصة، حيث أن بعضها يذكر بأن شهرزاد تطلب العفو، والبعض الآخر يذكر بأن الملك شهريار عندما يرى أطفالهما يقرر عدم إعدامها، بينما تذهب بعض الإصدارات إلى أن الملك يبقي في حيرة من أمره، إلا أنها جميعاً تنتهي بعفو الملك شهريار عن زوجته وشهرزاد والتراجع عن عادته بقتل النساء.
أسلوب الراوي يعطي نهاية مشوّقة، وهي أوسع نطاقاً مما هي عليه في الأدب الحديث. العديد من الحالات تقطع القصة فيها حينما يكون البطل في خطر، وفي بعض أجزاء النصوص تتوقف شهرزاد في منتصف الرواية لتبيّن بعض المبادئ الفلسفية المجردة أو بعضاً من الفلسفة الإسلامية، وفي حالة واحدة قامت بوصف مفصل لعلم التشريح البشري وفقاً لجالينوس، وفي جميع هذه الحالات تريد زيادة الفضول لدى الملك لتسلسل القصص، وأملاً منها أن يبقيها على قيد الحياة لفترة أطول.
المزيد من المعلومات حول الشخصيات على الرابط : قائمة شخصيات ألف ليلة وليلة
تاريخ الإصدارات والترجمات :
تُرجِم كتاب ألف ليلة وليلة إلى عدّة لغات، وقد طبع بالعربية لأول مرة في ألمانيا سنة 1825م بإشراف «المستشرق هايخت» فأنجز منه ثمانية أجزاء، مع ترجمته إلى الألمانية، وتوفي قبل إتمام الكتاب، فأنجز الباقي تلميذه هاينريخ فلايشر المتوفي سنة 1888م ثم طبع مرات عدّة، أهمها طبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر سنة 1960م. وقد عمِل محسن مهدي على توثيق النسخ العربية في عمل صدر له في ليدن سنة 1984م. هناك مجموعة من الرسومات صاحبت الترجمات الغربية لألف ليلة وليلة في كتاب (ألف ليلة وليلة: مقالات نقدية وببلوغرافية) الصادر باللغة الإنجليزية، و(ديوان ألف ليلة وليلة) تحقيق عبد الصاحب العقابي: كتاب التراث الشعبي، ويقع الكتاب في 577 صفحة مزودة بلوحات فنية. أما مؤلف الكتاب فلا يعرف حتى الآن من هو واضع كتاب "ألف ليلة وليلة"، وقد ذهب «الشرواني» في مقدمة الطبعة الإيرانية إلى أن واضع الكتاب شامي الأصل، جعله في لغة مبسطة متوخياً تعليم اللغة العربية إلى الراغبين فيها أكثر ما توخى الاقتراب من إفهام الناس. وقد لحقه الرأي دي ساسي الذي لا يستبعد أن يكون قد زاد على الأصل السوري النقلة والحكاؤون، في كل زمان ومكان أخباراً وحكايات من عندهم.
تأثير القصة على الأدب العالمي :
أثَّر كتاب «ألف ليلة وليلة» بشكل كبير جداً على الأدب العالمي، وقد أشار عدد من الكتّاب مثل هنري فيلدنغ ونجيب محفوظ إلى مجموعة قصص «ألف ليلة وليلة» في أعمالهم. بالإضافة إلى كُتّاب آخرون استوحوا أعمالهم من الكتاب، منهم جون بارث، خورخي لويس بورخيس، سلمان رشدي، أورخان باموق، يوهان فولفغانغ فون غوته، والتر سكوت، وليم ثاكري، ويلكي كولينز، إليزابيث غاسكل، شارل نوديه، جوستاف فلوبير، ستندال، ألكسندر دوما، جيرار دي نرفال، آرثر دو غوبينو، ألكسندر بوشكين، ليو تولستوي، هوجو فون هوفمانستال، آرثر كونان دويل، ويليام بتلر ييتس، هربرت جورج ويلز، قسطنطين كفافيس، إيتالو كالفينو، جورج بيريك، هوارد فيليبس لافكرافت، مارسيل بروست، أنتونيا سوزان بيات، أنجيلا كارتر.
هناك شخصيات عديدة وردت في «ألف ليلة وليلة» أصبحت رموزاً بارزة في الثقافة الغربية، أبرز تلك الشخصيات علاء الدين وسندباد وعلي بابا. كما ساهمت بعض من الحكايات في معرفة بعض الأمور التاريخية والجغرافية للمنطقة. بالإضافة إلى الكائنات العجيبة التي أصبحت مادة في القصص الخيالية وأضحت جزءاً من عالم الخيال، وتزيد أهمية تلك المخلوقات حينما تنتمي إلى عصور وأماكن حقيقية. هناك عدد من الأساطير العربية والفارسية شائعة في الفانتازيا وأدب الخيال الحديث، مثل الجن والبساط الطائر والمصابيح السحرية، وغيرها من الأمور. عندما اقترح ليمان فرانك بوم كتابة قصة خرافة حديثة، أزاح عدد من العناصر النمطية، وأضاف عناصر مثل الجني والقزم، فأصبحت صورة نمطية لغيرها من الأعمال.
في سنة 1982 بدأ الاتحاد الفلكي الدولي بتسمية التضاريس الواقعة على إنسيلادوس (أحد أقمار كوكب زحل) تيمنًا بأسماء شخصيات وأماكن من ترجمة ريتشارد فرانسيس برتون لكتاب ألف ليلة وليلة.
هذه المعلومات تم تجميعها من موسوعة ويكيبيديا.
الإبتساماتإخفاء