إعلان

استعمال اليدين بنفس الكفاءة قد يزيد من الذكاء

استعمال اليدين بنفس الكفاءة قد يزيد من الذكاء

استعمال اليدين بنفس الكفاءة قد يزيد من الذكاء

تقدم العديد من الشركات تدريبات لكسب بعض المهارات الاستثنائية في استخدام اليد اليمنى واليد اليسرى بنفس الكفاءة، والتي تُبَشِّر بتحسين القدرات المعرفية. ولكن الأبحاث تشير إلى وجود بعض المخاطر حول الأمر.

هل يمكن أن تتسبب قدرتك على الكتابة بكلتا يديك في جعل مخك أكثر ذكاء وفِطنة؟ هل يكون تدريب الأطفال في المدارس على استخدام يدهم غير المعتادة سبباً في تحسين نتائج امتحاناتهم؟ انتشرت تلك الادعاءات كثيراً ولأكثر من قرن من الزمان.

عندما نتحدث عن سيطرة إحدى اليدين على أخرى – علينا أن نعترف بأن تفضيل الإنسان لاستخدام تلك اليد بصورة أساسية بدلاً من اليد الأخرى – لا يزال واحداً من أكثر الأسرار غموضاً في علم الأعصاب. فمازلنا نجهل تأثير كَوْن الإنسان أيمن -أو أيسر- على وظائف المخ، ولا نعرف أيضاً ما هي الآثار المترتبة على تعلُّم القدرات الاستثنائية لاستخدام كلتا اليدين؛ اليمنى واليسرى، بنفس الكفاءة.
مع بلوغ سن الرابعة، يكون الإنسان قد حدد أولوياته بالفعل فيما إذا كان استخدام يده اليمنى سيسيطر على استخدامه ليده اليسرى بصورة أساسية أم العكس، ويبقى ذلك الاختيار مُلازِماً له طوال حياته.

الغالبية العُظمى من البشر يفضّلون استخدام اليد اليمنى، أما النسبة المتبقية، فمعظمهم يفضّلون استخدام اليد اليسرى. وهناك أقلية لا تُذكر – أقل من واحد ما بين كل 100 شخص – يتمتعون بقدرات استثنائية تمكنهم من استخدام كلتا اليدين بنفس الكفاءة. وتُعتبر عملية تفضيل إحدى اليدين على الأخرى، أمراً وراثياً، أو على أقل تقدير، يوجد لعلم الوراثة تأثير في حدوثه. ولوحِظ هذا الأمر أيضاً في الحيوانات، بما في ذلك الأعلى رتبة من مجموعات الحيوانات الثديية. ولكن، يبقى السبب وراء تفضيل الإنسان لاستخدام إحدى يديه على الأخرى غير واضح حتى الآن.

هل استخدامك ليديك الاثنتين يعني أنك تمتلك أكثر من مخ واحد؟

نعلم أن سيطرة إحدى اليدين على الأخرى هي أمر متعلق بعدم التماثُل في وظائف المخ: فمن المفترض أن الجهة اليسرى من المخ، تتحكم في الجهة اليمنى من الجسم، والعكس صحيح. وبالنسبة لمعظم الأشخاص، فهي تحتوي أيضاً على مراكز اللغات في الدماغ، ولِذا، غالباً ما يُقال أنها تسيطر على الجزء الأيمن.

أما من الناحية التاريخية، فكان مصير مستخدمي اليد اليسرى هو تشويه سمعتهم ومعاقبتهم وإجبارهم في النهاية على استخدام يدهم اليمنى، ولكن مع نهايات القرن الـ19، ظهرت إحدى الحركات التي تدافع عنهم وعن مميزات تحلي الإنسان بقدرات استثنائية. وفي العام 1903، قام جون جاكسون، مدير إحدى مدارس تعليم قواعد الصرف والنحو في بلفاست، بتأسيس مجتمع لثقافة القدرات الاستثنائية لاستخدام كلتا اليدين. ويؤمن جاكسون وأتباعه بأن كل ناحية من الدماغ متميزة عن الأخرى، وأن زيادة عدد مستخدمي اليد اليمنى، يؤثر بنسبة قد تصل إلى النصف، على قدرتهم على التَعَلُّم.

وكتب جاكسون أثناء تدريبه على القدرات الاستثنائية "لابد من فصل كل يد عن الأخرى عند القيام بأي نوع من أنوع العمل.. وإن لزم الأمر، تقوم إحدى اليدين بكتابة جواب، وتعزف الأخرى على البيانو، من دون أي نقصان في قوة تركيز أي منهما". اتساع نطاق قبول مبدأ الحصول على قدرات استثنائية، سيؤدي بالتالي إلى وجود "عالم جديد شجاع يتمتع فيه الأفراد بالقدرة على استخدام كلتا اليدين، وكأنهم لديهم مُخّان".

وعلى الرغم من أن أساسها يرجع إلى ملاحظات علمية، رُفِضَت ادعاءات جاكسون على نطاق واسع جداً. ولكن مع ذلك، توجد مدرسة هذه الأيام، تنتهج فكراً قريباً من فكر مدرسة جاكسون، ويظن البعض بأن تَعَلُّم الإنسان استخدام اليد الأخرى غير الأساسية، من الممكن أن يحسّن من أداء الدماغ ككل. أما عن أولئك الذين يقومون بإشاعة بتلك الادعاءات، فعادة ما يستدعون مبدأ المرونة العصبية، وهو مصطلح يُستخدم لتوضيح كيف أن هيكل المخ وتركيبته وطريقة عمله من الممكن أن تتغيَّر كرد فعل ينتج عن الاختبار.

ادعاءات خاطئة :

هناك على سبيل المثال، برنامج جديد "للتدريب على الدماغ الثورية" – يعتمد على استثارة الطاقة الدماغية بأكملها، طوّره مايكل لافيري، "وهو رائد في مجال علم الأعصاب التطبيقية ووظائف المخ". ومن الوعود التي يقدمها هذا البرنامج، هو أنه من خلال مجموعة من "التدريبات على المهارات الاستثنائية، مثل التدريبات على فن الخط، والتدريبات على الذاكرة" يمكنك "أن تشحن الدوائر العقلية الخاصة بك عن آخرها، من أجل تعزيز قدرات ذاكرتك والتغلُّب على الضغط وتقوية عملية التفكير وتحسين حالتك المزاجية والحصول على نوم أفضل، وغيرها من المميزات". وكل هذا في مقابل دفعة واحدة من المال، تبلغ قيمتها 67 دولاراً فقط (50£).

وتشير العديد من المواقع الإلكترونية أيضاً إلى أنك عندما تقوم بتدريب نفسك على استخدام يدك غير الأساسية، فإن ذلك يؤدي إلى "إطلاق العنان لإبداعاتك". ويدّعي جيف روز، المخطط المالي المُعتمد، في مدونته Good Financial Cents، أن استخدام اليد "المُقابِلة" لِمَا تعوّد عليه الإنسان للقيام بالمهام اليومية مثل غسيل الأسنان، "سيقوم بتقوية الوصلات العصبية في المخ، حتى أنه سيساعد على نمو وصلات جديدة". وكما يقول، فإنه أيضاً "يساعد في عملية نمو خلايا المخ".

ويستمر روز في الشرح، موضحاً بأن "اليد غير الأساسية، متصلة بالفعل بالنصف غير الأساسي في المخ – والذي لا يتم تدريبه في الكثير من الأحيان.. ولِذا، عندما تستخدم اليد غير الأساسية، فإنه يتم تنشيط وتشغيل نصفي الدماغ؛ الأيمن والأيسر، مما يؤدي في النهاية إلى التفكير بطريقة مختلفة ويجعلك تفكر بطريقة أكثر إبداعاً".

وبينما يصح القول بأن هيكل الدماغ وطريقة عمله يمكن تغييرها إلى حد كبير مع القيام بالتجارب الجديدة والأنواع المختلفة من التمارين، وأن دماغك يستمر في إنتاج أعداد قليلة من الخلايا الجديدة طوال حياتك، يظل التساؤل عن كيفية تأثير التدريب على القدرات الاستثنائية لاستخدام كلتا اليدين، على عمل المخ، مطروحاً بدون أن يتم استكشافه على نطاق واسع حتى الآن. ولا يوجد دليل علمي يشير إلى أن التدريب على استخدام اليد غير الأساسية، يتماشى مع تلك المعتقدات.

وبينما يصح ما ينص عليه روز بأن اليد غير الأساسية، مرتبطة بنصف الدماغ "غير الأساسي"، إلا أن تأكيده على أن النصف غير الأساسي "لا يقوم بالممارسات اللازمة في الكثير من الأحيان"، غير صحيح بالمرة، لأن جميع السلوكيات التي يقوم بها الدماغ، تميل إلى تنسيق الاشتراك في النشاط الذي يتم القيام به ما بين نصفي الدماغ، حتى في تلك النشاطات التي تتطلب مناطق موجودة في ناحية واحدة فقط من الدماغ.

المخاطرة والعائد :

ودخل بعض علماء الأعصاب في جدال، مشيرين إلى أن التدريبات على القدرات الاستثنائية قد يكون له أضرار، وكان كلامهم بسبب العديد من الدراسات التي تشير إلى أن القدرات الاستثنائية التي تكون موجودة فطرياً، ارتبطت بالمعدلات المنخفضة في الأداء الأكاديمي وكذلك الصحة النفسية. وتبين الدراسات أن نتائج أداء الأشخاص أصحاب القدرات الاستثنائية، أكثر ضعفاً من نتائج أداء أولئك الذين يستخدمون اليد اليمنى أو اليد اليسرى، وذلك في العديد من المهام الإدراكية المختلفة، وخاصة تلك التي تتضمن علم الحساب واسترجاع الذاكرة والتفكير المنطقي. وترتبط القدرات الاستثنائية أيضاً بهبوط مستوى المخ، المرتبط بالتقدم في العمر.

ويقول عالِم المعرفة مايكل كوربالس من جامعة أوكلاند، والذي قاد مجموعة من الدراسات في مجال القدرات الاستثنائية والأداء الأكاديمي "نصفا الدماغ غير قابلين للتبادل في المهام. وهذه الاختلالات ربما تكون قد تطورت من أجل السماح لكلا جانبي الدماغ للتخصص في عمل ما. ومحاولة تغيير تلك الأعمال أو العبث في كيفية عمل تلك الأجزاء بالكفاءة التي تعمل عليها، قد يتسبب في مشاكل نفسية فيما بعد".

ومع ذلك، تظل تلك الأفكار جميعها عبارة عن تخمينات ومُضاربات، ولا يوجد دليل واضح على أن التدريبات على القدرات الاستثنائية يسبب مشاكل نفسية. فمن ناحية، تشير الدراسات العلمية إلى أن المولود فطرياً بالقدرات الاستثنائية التي تمكنه من استخدام كلتا يديه بنفس الكفاءة، يصاحبه بعض القصور والعيوب، ليس فقط من ناحية الوظائف الإدراكية، بل من ناحية الصحة العقلية أيضاً. ومن ناحية أخرى، من غير الواضح ما إذا كانت التدريبات على القدرات الاستثنائية سيكون تأثيرها على المخ مماثلاً لمن وُلِد فطرياً بتلك المهارة.

وبذلك، فإنه ليس من السهل إيجاد إجابة على السؤال الذي يستفسر عن كيفية تأثير تعلُّم استخدام الفرد لليد غير الأساسية على عمل الدماغ,


للاطلاع على المقالة الأصلية، اضغط هنا.


الإبتساماتإخفاء