صور جديدة لقطبي كوكب المشتري - هذا لا يبدو كشيء رأيناه أوتخيّلناه من قبل
اطّلع علماء وكالة ناسا لأول مرة على القطب الشمالي لكوكب المشتري والشفق القطبي الممتد عبر القطب الجنوبي للكوكب عبر صورٍ جديدة أرسلتها مركبة جونو الفضائية التابعة للوكالة.
"هذا لا يبدو مثل أي شيء رأيناه أو تخيلناه من قبل"، هكذا يقول سكوت بولتون، الباحث الرئيسي لدى مهمة مركبة جونو الفضائية، بحسب ما نقلت صحيفة الغارديان البريطانية، أمس الجمعة 2 سبتمبر/أيلول، والذي أضاف قائلاً "إن لديه زرقة في لونه على نحو مغاير لأجزاءٍ أُخرى بالكوكب، وتوجد العديد من العواصف".
وقد وصلت المركبة جونو إلى كوكب المشتري في يوليو/تموز، بعد رحلة استغرقت قرابة 5 سنوات إلى الكوكب الشهير بكونه عملاق الغاز، وانتهت من مناورتها الحساسة عبر أحزمة إشعاعات الكوكب المكثفة.
وانتهت المركبة الفضائية من تنفيذ أول ثلاثين عملية تحليق حول الكوكب، في 27 أغسطس/آب، لتهبط إلى ارتفاع يبلغ 2500 ميل فوق الغيوم العاصفة بالمنطقة، وهي أقرب نقطة وصلت إليها مركبة فضائية.
ولكن الصور المرسلة من قُطبي الكوكب، بحسب ما يقول بولتون في بيان "بالكاد يمكن التعرّف عليها ككوكب المشتري"، فهي تبيّن "مؤشرات دالة على أن الغيوم لها ظلال"، وهذا يعني، بحسب ما أضاف، أنه قد توجد سمات أخرى فائقة، مثل الطقس والعواصف، على عكس تلك الموجودة بالكواكب الغازية العملاقة الأخرى بالنظام الشمسي؛ وهي زُحل، وأورانوس، ونيبتون.
وقال بولتون إن "زحل لديه 6 زوايا في قطبه الشمالي، في حين لا يوجد أي شيء على المُشتري قريب الشبه بذلك، فأكبر كوكب في مجموعتنا الشمسية حقاً فريدٌ من نوعه. ولدينا 36 عملية تحليق إضافية لدراسة كم هو فريدٌ من نوعه حقاً".
ويطوَّق خط استواء كوكب المشتري بأحزمة ومناطق للغيوم طالما بدت واضحة للرؤية لعقود، ولكن مركبة جونو كشفت عن وجود نظام مُختلف تماماً في أقصى شمال وأقصى جنوب الكوكب، فالعواصف العملاقة المتناوبة الأقرب إلى أعاصير كوكب الأرض، تتحرك في اتجاه عقارب الساعة وليس عكسها حول القطبين، مخلفة هُناك طقساً قاسياً.
وبينما التقطت كاميرات جونو صوراً لغيوم الكوكب؛ كانت معدات أُخرى بالمركبة الفضائية قد جمّعت 6 ميغابايت من البيانات، استغرقت يوماً ونصف كي تُنقل إلى الأرض، فبالأداة التي تُسمى "الموجات" على سبيل المثال، تمكن العلماء من تسجيل إشارات الراديو المنبعثة من الشفق القطبي للكوكب؛ وهي انبعاثات لجسيمات ذات طاقة عالية من شأنها تكوين الضوء، ثم حوّلوها لاحقاً إلى طيف يمكن سماعه من قِبل البشر.
وكانت النتيجة عويلاً غريباً، يتخلله السكون. يتبدل في تلك البقعة بشدة تموجات الشفق القطبي والصوت كما لو كان صادراً عن بعض مخلوقات البحر الشبحية، وقد سُميت الموجات العملاقة التي يبلغ طولها الموجي نحو كيلومتر، باسم "الانبعاثات الكيلومترية" منذ عام 1950، ولكن لم يتم أبداً تحليلها على مقربة من الكوكب.
يقول بيل كورث، الباحث لدى الفريق الذي يتخذ من جامعة أيوا مقراً له إن "كوكب المشتري يتحدث إلينا بطريقة يمكن لعوالم عمالقة الغاز فقط أن يتحدثوا بها"، وأضاف قائلاً إن "هذه الانبعاثات هي الأقوى في النظام الشمسي، والآن نحن بصدد محاولة معرفة من أين تأتي الإلكترونات التي تكونها".
وقال ألبرتو أدرياني، وهو باحث من معهد روما بمجال الفيزياء الفلكية والفضاء والكواكب، إن جهاز رسم خرائط الأشعة تحت الحمراء للمركبة جونو، قد كشف في الوقت نفسه، عن لمحة موجزة عمّا يقع "تحت قشرة المشتري "إذ كشفت صور الأشعة تحت الحمراء عن البقع الحارة والساخنة التي لم تكن معروفة من قبل، وعن أول صورة واضحة مثيرة للدهشة للشفق القطبي الجنوبي لكوكب المشتري".
وأظهر فيديو نشرته وكالة الفضاء كيف أن جهاز رسم خرائط الأشعة تحت الحمراء، قام بمسح ضوئي لجميع أنحاء الكوكب، وكشف عن مجموعات الغيوم التي تتحرك في توهج ناري فوقه.
وبالكاد يُمكن رؤية الشفق القطبي الجنوبي لكوكب المشتري من الأرض، بسبب موقع منظوره في النظام الشمسي.
أضاف أدرياني أنه "لم تتمكن أي أداة أُخرى من رؤية الشفق القطبي الجنوبي للمشتري سواء من الأرض أو الفضاء" وتابع "نحن نرى أنه يبدو ساطعاً جداً ومنظماً على نحو جيد. والتفاصيل ذات المستوى العالي ستخبرنا أكثر بشأن تشكّل الشفق وديناميكيته".
وستقوم جونو بـ 36 جولة تحليق إضافية حول الكوكب، ستستغرق كلٌ منها 14 يوماً، قبل أن تتحطم بين الغيوم. وتتولّى ناسا حراسة أكثر أجهزة استشعار المركبة الفضائية حساسية عبر دروع التيتانيوم، ضد إشعاع الكوكب الحاد للغاية حول مدار استوائه.
ويأمل الباحثون بقاء معدات المركبة لوقت طويل كاف خلال دورات المركبة البالغ عددها 36 مرة حول الكوكب، للكشف عن المزيد بشأن ما يوجد تحت الغيوم، وما إذا كان للمشتري نواة صلبة، وكذلك السبب وراء كون الشفق القطبي ساطعاً جداً، وما إذا كان عملاق الغاز يخبّئ كماً كبيراً من المياه.
وخلال هذا العام، استخدم الباحثون بوكالة ناسا تلسكوب الفضاء هابل لالتقاط صورٍ لدوامات شفق المُشتري، المدعومة بجسيمات ذات طاقة عالية تصطدم مع ذرات الغاز في القطب المغناطيسي بشكل مكثف على الكوكب.
وقد زارت مركبة فضائية أخرى فقط كوكب المشتري بخلاف جونو؛ وتُدعى غاليليو، وقامت بدورتها حول الكوكب بين أعوام 1995 و2003، وتحطّمت في نهاية مهمتها أيضاً بحسب ما هو مقرر لها، ولم تتمكن غاليليو من إرسال بيانات على النحو المفصل أو على مقربة من الكوكب مثلما تمكنت جونو.
وكانت أقرب نقطة من الكوكب سجلتها مركبة بيونير 11 التابعة لناسا في الماضي، وكانت تبعد نحو 27000 ميل من الكوكب في عام 1974.
للاطلاع على المقال الأصلي، اضغط اضغط هنا.
الإبتساماتإخفاء