إعلان

كيف كانت التكنولوجيا في الحرب العالمية الأولى

التكنولوجيا في الحرب العالمية الأولى

كيف كانت التكنولوجيا في الحرب العالمية الأولى

خلال الأعوام ما بين 1914 – 1918 حيث الحرب العالمية الأولى التي نشبت بين القوى الأوروبية العظمى، ظهرت مجموعة من الأسلحة والمعدات التكنولوجية والتي لم تكن معهودة في ذلك الزمان، وحين تنظر إليها الآن تعتقد بأنها صناعات لا فائدة لها أبداً، على العكس تماماً فقد كانت في الماضي أحد الأسباب المؤدة إلى الإنتصار.

الحرب البرية :

بدأت الحرب العالمية الأولى باعتبارها صراع تكنولوجيا القرن 20 وتكتيكات القرن 19، وكانت حتمية سقوط الضحايا كبيرة ولكن مع نهاية عام 1917 استفاد الجنود الذين بلغ عددهم الملايين من التقنيات الجديدة مثل الهاتف اللاسلكي، السيارات المصفَّحة والدبابات والطائرات.

إزداد القتال بشكل كبير في حرب الخنادق، التي فيها مات المئات من الجنود في كل مساحة أرض كانوا قد اكتسبوها في أرض المعركة. وقعت العديد من أعنف المعارك على وجه التاريخ خلال الحرب العالمية الأولى، مثل كامبريه، جاليبولي، فردان، السوم، المارن وباشنديل. استخدم الألمان عملية هابر في تثبيت النيتروجين ليوفروا لقواتهم الإمدادات الثابتة من البارود بسبب الحصار البحري البريطاني المفروض عليهم.

  • الخوذات : 

كانت المدفعية هي المسؤولة الأكبر في ازدياد عدد الضحايا وقد استهلكت كميات كبيرة من المتفجرات لهذا. كانت الإصابات في الرأس الناجمة عن قذائف منفجرة في الخنادق قد كثرت وهذا أجبر الدول المقاتلة على تطوير خوذة. في 1915 أصدر الفرنسيون خوذة أدريان وقد كانت أول خوذة معدنية، وبعض الجنود الأمريكيين في فرنسا. تبعتها مباشرة خوذة تُسمى Brodie helmet وقد ارتداها جنود الإمبراطورية البريطانية والولايات المتحدة، وفي عام 1916 طوَّر الألمان خوذة Stahlhelm وقد كانت ثقيلة جدًا للإستخدام بشكل عام. إضافًة للخوذات فقد صُنعت معاطف الخنادق.

في بداية الحرب العالمية الأولى كان الجيش الألماني لديه وفرة من الأسلحة الثقيلة والذخائر، أما بريطانيا وفرنسا فوجدتا نفسيهما في موقف هشّ تمثل في "أزمة القذائف" في مطلع العام 1915. ففي معركة باشنديل واجه رجال المدفعية البريطانية قيودًا شديدة بشأن عدد القذائف التي يُسمح لهم بإطلاقها في اليوم الواحد، ومع ذلك فبحلول السنة الثانية من الحرب توافرت كميات هائلة من قذائف المدفعية للمتحاربين على خط القتال.

  • الغازات السامة :

كان للإستخدام الواسع للأسلحة الكيميائية سمة مميزة في هذه الحرب، فقد اسُخدمت غازات سامة وهي غاز الخردل، الكلور والفوسجين. كان لإستخدام الغازات السامة أثر بسيط في عدد الضحايا الذين قُتلوا بسببه، تعرض الجنود الذين كانوا يشغلون الخنادق للإعاقة المؤقتة بواسطة الغاز المسيِّل للدموع. لقد قتلت غازات الكلورين والفوسجين ضحاياها بتعطيل أنسجة الجهاز التنفسي. وللتدابير المضادة من تأثير هذه الغازات أُنشئت بسرعة الأقنعة الواقية من الغازات لحماية الجنود منها. بسبب التأثير الكبير للحرب الكيماوية والقصف الإستراتيجي للمدن فقد تم حظر استخدامهما في اتفاقيتا لاهاي 1899 و1907. مع أن تأثير تلك الإتفاقيتان كان محدودًا إلا أنهما استطاعتا لفت انتباه الناس في هذه الأمور.

من المفارقات العجيبة أنه قبل أكثر من شهر من الهجوم بالغاز على إيبر، قضى ثلاثة ألمان وأُصيب خمسون بهذا السلاح. فقد كان حمل إسطوانات الغاز التي تزن الواحدة منها مائتي رطل، إلى خطوط المواجهة أمرًا مُثيرًا للانتباه استدعى قيام الحلفاء بقصف تلك الإسطوانات في مناسبات مُختلفة. فقد أصابت إحدى القذائف بعض الإسطوانات مما جعل الألمان أول من أُصيبوا بالغاز على الجبهة الغربية. مرَّ رقيب من كتيبة نورثمبرلاند بمركز إسعاف به عشرات من الجنود المسممين بالغاز وقد وصفهم بقوله:
كان لونهم أسود وأخضر وأزرق، وكيف كانت ألسنتهم مُتدلية للخارج وعيونهم محدقة... كان بعضهم يسعل زبدًا أخضر اللون من رئاتهم.

  • المدافع :

كانت ألمانيا متقدمة بفارق كبير على الحلفاء في استخدام النيران غير المباشرة الثقيلة. لقد عمل الجيش الألماني في استخدام مدفع هاوتزر ذو عيار 150 ملم (6 بوصة) و210 ملم (8 بوصة) في عام 1914. بينما كانت أسلحة الجيوش البريطانية والفرنسية من عيار 75 ملم (3 بوصة) و105 ملم (4 بوصة). كان لدى البريطانيين مدفع هاوتزر عيار 152 ملم (6 بوصة) ولكن حجمه ثقيل ويجب نقله بالعربة إلى ميادين القتال ومن ثم تجميعه. أعطى الألمان البنادق للنمسا من عيار 305 ملم (12 بوصة) و 420 ملم (17 بوصة)، في بداية الحرب كان لديهم المخزون الوافر من الكوادر المختلفة مثل قاذفة اللغم، والتي كانت مناسبة بشكل مثالي في حرب الخنادق.

  • الألغام :

في عام 1914 تراجع القادة العسكريون الألمان كلما أمكن إلى الأراضي المرتفعة. وبالتالي أصبحت لقواتهم ميزة الإشراف على خطوط أعدائهم. ولكن تلك الفائدة صاحبها خطر مميت، فقد واجه الجنود الألمان المتحصنون في قطاعات مرتفعة من الجهة الغربية وبشكل مُخيف إمكانية قيام العدو بالحفر ونصب الألغام مباشرة تحت مواقعهم. وعندما كانت هذه التجويفات تُملأ بالمتفجرات ويتم تفجيرها، فإنها كانت تقتل أولئك الجنود المتمرسين وتشوههم وتصيبهم بالذهول. ولم يكُن بمقدور أي جندي من جنود الحلفاء اللذين حفروا تحت المواقع الألمانية التنفس بسهولة، وذلك لأن العدو إتَّخذ إجراءات مضادة قاتلة. فقد حفر الألمان أنفاق ألغام خاصة بهم لاعتراض الخنادق البريطانية ولم يكن أحيانًا يفصل بين تلك الأنفاق المتحاربة سوى بضعة أقدام.

  • قاذفات اللهب :

استخدم الألمان قاذفات اللهب كسلاح جديد في الحرب العالمية الأولى، وبعد ذلك تبعتهم القوات الأخرى في استخدام هذا السلاح. مع أن القيمة التكتيكية لهذا السلاح قليلة إلا أن قاذف اللهب كان قويًا لأنه كان يتسبب في إرهاب جنود العدو في أرض المعركة. لقد كان سلاحًا خطيرًا ومع ذلك فقد كان وزنه ثقيل مما يجعل مُستخدمه عرضة للخطر.

  • الدبابات :

ظهرت دبابة مارك-1 للخدمة في شهر أغسطس من عام 1917، واستُعملت لأول مرة في صباح 15 سبتمبر 1917 خلال معركة فليرز كورسيليت جزء من معركة السوم.. بالنسبة إلى القوات الألمانية جاءت السنوات الأخيرة من الحرب بعدو جديد مخيف إلى ساحة القتال، التي عُرفت بإسمها الرمزي "دبابة" وهي تهز الأرض بعنف في ساحة المعركة. وعلى الرغم من أن عددًا قليلًا من الدبابات الألمانية قد شاركت في هجوم الربيع الألماني عام 1918 إلا أن ألمانيا لم تستطع زيادة مواردها بما يسمح لجيشها الإستثمار بشكل كبير في مثل هذه الأداة. كانت دبابات الحرب العالمية الأولى تنقصها القوة والسرعة مثل تلك التي ظهرت بعد عقدين من الزمن، ومع ذلك فقد كانت الدبابات سلاحًا لم تستطع الرشاشات ولا الخنادق ولا الأسلاك الشائكة إيقافها وهذا ترك تأثيرًا عميقًا في نفسية العدو. فقد ذكر أحد الجنود الألمان الذين واجهوا هذه الدبابات في معركة كامبريه، شهر نوفمبر 1917 بكل صراحة ووضوح قائلًا: «كان الواحد منَّا يحدِّق ويحدِّق وكأنما شُلَّت أطرافه». فقد بدت هذه الدبابات بطيئة إلا أنها كانت أشبه بوحش يستحيل إيقافها. «صرخ أحد الجنود من داخل الخنادق: الشيطان قادم، فانتشرت هذه الكلمة على طول الجبهة بسرعة النار في الهشيم». بسبب ذلك السلاح الجديد ظهرت الحرب المدرعة.

مواضيع ذات صلة بالحرب العالمية الأولى :
لهذه الأسباب قامت الحرب العالمية الأولى
الجرائم الفظيعة التي وقعت إبان الحرب العالمية الأولى
من هم المؤيدون ومن هم المعارضون للحرب العالمية الأولى ؟
آثار ومخلفات الحرب العالمية الأولى

البحرية :

استخدم الألمان غواصات U-boat في بداية الحرب بالتناوب بين حرب الغواصات المقيدة وغير المقيدة في المحيط الأطلسي. وقد قامت بحرية إمبراطورية ألمانيا بحرمان الجزر البريطانية من الإمدادات الحيوية. كان لوفاة البحَّارة التجار البريطانيين وحصانة غواصات U-boat التي بدا وكأنها لاتُقهر كل ذلك قد أدَّى ذلك إلى زيادة التطوير التقني في عام 1916، فاستُخدم الهيدروفون (سونار صوت مائي، 1917)، ومناطيد المراقبة كأسلحة مضادة لغواصات U-boat.

الطيران :

بدأت الحرب الجوية بطائرات صغيرة وهشَّة يقودها عدد قليل من الملَّاحين الذين تعلموا الطيران حديثًا. وأثبتت الطائرات قيمتها بسرعة من خلال المهمات الإستطلاعية التي قامت بها وكذلك الأمر في توجيه نيران المدفعية. وبدأ الطيَّارون الهجوم والقصف ضد قوات العدو البريَّة. في عام 1916 قاتلت أساطيل جوية كبيرة بغية السيطرة على المجال الجوي فوق ميادين القتال مثل تلك التي وقعت في معركة فردان. وضرب الألمان مثالًا سرعان ما اتبعته دول مُحاربة أخرى، تمثل في مهاجمة المدن خلف خطوط العدو بالطائرات المقاتلة، وبنهاية الحرب استخدمت القوات الجوية آلافًا من الطائرات الكبيرة المتطورة فنيًا. وفاقت أعداد الطيَّارين كل التوقعات، ففي أغسطس من عام 1914 كان لدى هيئة الطيران الملكية البريطانية (RFC) وخدمة النقل الجوي البحرية الملكية الموازية (RNAS) ألفان من الضباط والجنود مقسمين بينهما. وفي أبريل 1918 دُمجت الوحدتان العسكريتان في قوة واحدة وهي القوة الجوية الملكية. وفي فترة الهدنة تفاخرت القوة الجوية البريطانية بوجود أربعة عشر ألف طيَّار مدرب معزَّزين بأكثر من مئتين وخمسين ألف جندي من الجنسين.

في 23 أكتوبر 1911 استُخدمت الطائرات الثابتة الجناحين عسكريًا لأول مرة في ليبيا أثناء الحرب العثمانية الإيطالية للإستطلاع، وسرعان ما تبع ذلك إسقاط القنابل منها وفي السنة التي بعدها تم استخدامها للتصوير الجوي للمنطقة لمعرفة تحركات العدو. وبحلول عام 1914، كانت فائدتها العسكرية واضحة. كانت تُستخدم في البداية للمهمات الإستطلاعية وللهجوم الأرضي. ومن أجل اسقاط طائرات العدو طُوِّرت الدفاعات الجوية والطائرات المُقاتلة. اخترع الألمان والبريطانيون قاذفات القنابل الإستراتيجية، كما استعمل الألمان منطاد زبلين مع قاذفة القنابل. مع قرب نهاية الحرب 1918 استُخدمت لأول مرة حاملات الطائرات.

كان منطاد الإستطلاع يحلق فوق الخنادق للإستطلاع وللإبلاغ عن تحركات العدو وتوجيه المدفعية نحوهم. كان المنطاد يحمل طاقمًا مكونًا من جنديين مجهزين بمظلتين للهبوط (parachutes)، في حالة إذا كان هناك هجوم جوي عليهما من العدو، يستطيعان الهبوط بالمظلة إلى بر الأمان. في ذلك الوقت، كانت المظلات ثقيلة جدَّا عند استخدامها من قبل الطيارين، والمظلات ذات التصميم الأصغر لم يتم تطويرها حتى نهاية الحرب. لقد عارض استخدامها القادة البريطانيون لأنهم قلقوا من أنها تُعزز الجبن عند الجنود أثناء القتال في المعارك.

كانت المناطيد أهداف هامة لطائرات العدو لكونها منصات مراقبة لتحركاتهم. وللدفاع عن أنفسهم ضد الهجوم الجوي من العدو كان منطاد الإستطلاع محمي بشدة عن طريق المدافع المضادة للطائرات وكذلك فإن الطائرات التابعة لها كانت تحرسها من أي هجوم جوي من قبل قوات العدو. لقد استُخدمت أسلحة غير اعتيادية لإسقاط المناطيد مثل الصواريخ. وبالتالي فقد ساهم منطاد الإستطلاع في تطوير القتال الجوي بين جميع أنواع الطائرات. أيضًا تسبب ذلك في جمود القتال في الخنادق لأنه كان من المستحيل نقل أعداد كبيرة من المقاتلين دون أن يتم الكشف عنهم. أجرى الألمان غارات جوية على إنجلترا خلال عامي 1915 و 1916 باستخدام المناطيد آملين في ذلك تدمير معنويات البريطانيين ولتوجيه الطائرات من الخطوط الأمامية. كانت النتيجة هو ظهور حالات الذعر بين المواطنين وقد أدَّى ذلك إلى تسريب عدة أسراب من المقاتلين من فرنسا.

كان الغرض الأساسي من الطائرات في حرب الخنادق الإستطلاع ومراقبة المدفعية. وكان الإستطلاع الجوِّي له دور كبير جدًا في فضح حركات العدو، وقد نتج عن ذلك جمود القتال في الخنادق بسبب تلك الطائرات. أُستخدم الحمام الزاجل كذلك في المراقبة الجوية العسكرية في الحرب العالمية الأولى وقد عُرفت هذه بحمام التصوير الفوتوغرافي، يحمل فيها الحمام كاميرا مصغَّرة بمؤقت. استُخدمت في معركة فردان، وبعد أن أثبتت فائدتها استُخدمت على نطاق أوسع في معركة السوم. ولكن بعد انتهاء الحرب، ذكر تحقيق وزارة الحرب لمخترع هذه الفكرة خوليوس نيوبرونر بأن استخدام الحمام في التصوير الجوي لم تكن له قيمة عسكرية.

المصدر : ويكبيديا + مواقع إلكترونية.


الإبتساماتإخفاء